سورة الأحزاب / الآية رقم 59 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيـلاً سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (59)}
فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ} قد مضى الكلام في تفضيل أزواجه واحدة واحدة. قال قتادة: مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تسع. خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وام حبيبة، وسودة، وام سلمة. وثلاث من سائر العرب: ميمونة، وزينب بنت جحش، وجويرية. وواحدة من بني هارون: صفية. وأما أولاده فكان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولاد ذكور وإناث. فالذكور من أولاده: القاسم، أمه خديجة، وبه كان يكنى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أول من مات من أولاده، وعاش سنتين.
وقال عروة: ولدت خديجة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القاسم والطاهر وعبد الله والطيب.
وقال أبو بكر البرقي: ويقال إن الطاهر هو الطيب وهو عبد الله. وإبراهيم أمه مارية القبطية، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وتوفي ابن ستة عشر شهرا، وقيل ثمانية عشر، ذكره الدارقطني. ودفن بالبقيع.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن له موضعا تتم رضاعه في الجنة». وجميع أولاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خديجة سوى إبراهيم. وكل أولاده ماتوا في حياته غير فاطمة. وأما الإناث من أولاده فمنهن: فاطمة الزهراء بنت خديجة، ولدتها وقريش تبني البيت قبل النبوة بخمس سنين، وهي أصغر بناته، وتزوجها علي رضي الله عنهما في السنة الثانية من الهجرة في رمضان، وبنى بها في ذي الحجة.
وقيل: تزوجها في رجب، وتوفيت بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيسير، وهي أول من لحقه من أهل بيته. رضي الله عنها.
ومنهن: زينب- أمها خديجة- تزوجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع، وكانت أم العاصي هالة بنت خويلد أخت خديجة. واسم أبي العاصي لقيط. وقيل هاشم. وقيل هشيم. وقيل مقسم. وكانت أكبر بنات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة، ونزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبرها. ومنهن: رقية- أمها خديجة- تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النبوة، فلما بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنزل عليه: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] قال أبو لهب لابنه: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق أبنته، ففارقها ولم يكن بنى بها. وسلمت حين أسلمت أمها خديجة، وبايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي وأخواتها حين بايعه النساء، وتزوجها عثمان بن عفان، وكانت نساء قريش يقلن حين تزوجها عثمان:
أحسن شخصين رأى إنسان *** رقية وبعلها عثمان
وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين، وكانت قد أسقطت من عثمان سقطا، ثم ولدت بعد ذلك عبد الله، وكان عثمان يكنى به في الإسلام، وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فمات، ولم تلد له شيئا بعد ذلك. وهاجرت إلى المدينة ومرضت ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتجهز إلى بدر فخلف عثمان عليها، فتوفيت ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببدر، على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة. وقدم زيد بن حارثة بشيرا من بدر، فدخل المدينة حين سوي التراب على رقية. ولم يشهد دفنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومنهن: أم كلثوم- أمها خديجة- تزوجها عتيبة بن أبي لهب- أخو عتبة- قبل النبوة، وأمره أبوه أن يفارقها للسبب المذكور في أمر رقية، ولم يكن دخل بها، حتى تزل بمكة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأسلمت حين أسلمت أمها، وبايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أخواتها حين بايعه النساء، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما توفيت رقية تزوجها عثمان، وبذلك سمي ذا النورين. وتوفيت في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شعبان سنة تسع من الهجرة. وجلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبرها، ونزل في حفرتها علي والفضل وأسامة. وذكر الزبير بن بكار أن أكبر ولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، وكان يقال له الطيب والطاهر، وولد بعد النبوة ومات صغيرا ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. فمات القاسم بمكة ثم مات عبد الله.
الثانية: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف- فيقع الفرق بينهن وبين الإماء، فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عذبا أو شابا. وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار. يظن أنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزلت الآية بسبب ذلك. قال معناه الحسن وغيره.
الثالثة: قوله تعالى: {مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} الجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار.
وروى عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء. وقد قيل: إنه القناع. والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن.
وفي صحيح مسلم عن أم عطية: قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: «لتلبسها أختها من جلبابها».
الرابعة: واختلف الناس في صورة إرخائه، فقال ابن عباس وعبيدة السلماني: ذلك أن تلويه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها.
وقال ابن عباس أيضا وقتادة: ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده، ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه.
وقال الحسن: تغطي نصف وجهها.
الخامسة: أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر، وأن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت، لان له أن يستمتع بها كيف شاء.
ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن من يوقظ صواحب الحجر رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة». وروي أن دحية الكلبي لما رجع من عند هرقل فأعطاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبطية، فقال: «اجعل صديعا لك قميصا وأعط صاحبتك صديعا تختمر به». والصديع النصف. ثم قال له: «مرها تجعل تحتها شيئا لئلا يصف».
وذكر أبو هريرة رقة الثياب للنساء فقال: الكاسيات العاريات الناعمات الشقيات. ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق، فقالت عائشة: إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعينه. وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قبطي معصفر، فلما رأتها قالت: لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا. وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها».
وقال عمر رضي الله عنه: ما يمنع المرأة المسلمة إذا كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية، لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها.
السادسة: قوله تعالى: {ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ} أي الحرائر، حتى لا يختلطن بالإماء، فإذا عرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرية، فتنقطع الاطماع عنهن. وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى تعلم من هي. وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة قد تقنعت ضربها بالدرة، محافظة على زي الحرائر. وقد قيل: إنه يجب الستر والتقنع الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء. وهذا كما أن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع قوله: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» حتى قالت عائشة رضي الله عنها: لو عاش رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى وقتنا هذا لمنعهن من الخروج إلى المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل. {وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الامر المشروع.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال