سورة سبأ / الآية رقم 31 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الفَتَّاحُ العَلِيمُ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا القُرْآنِ وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ

سبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأ




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (33)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}.
المراد بالذين كفروا هنا، هم المشركون من قريش، الذين تحدثت إليهم الآيات السابقة، هذا الحديث الذي انكشف لهم به وجه آلهتهم وبان لهم عجزها، وأنها لا تملك لهم ضرا ولا نفعا.
وقد انتهى هذا الحديث بتقرير تلك الحقيقة، وهى أن النبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- ليس رسولا إليهم وحدهم، وإنما هو رسول إلى الناس جميعا، وأولى الناس بهذا النبىّ، وبالاستجابة له، هم قومه، الذين هم أعرف الناس به، وبآيات اللّه التي حملها إليهم بلسانهم.. ولكن الجهل والعناد أعماهم عن هذه الحقيقة، فلم يستجيبوا لرسول اللّه، ولم يفتحوا عقولهم وقلوبهم لكلمات اللّه وآياته، وقالوا في إصرار وعناد: {لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} أي لا نصدق بأن هذا القرآن الذي يقرؤه محمد علينا، هو كلام اللّه، وإذن فنحن لا نؤمن به، ولا نؤمن بما يحمل بين يديه من أحاديث عن البعث، والحساب والجزاء.. إنهم يكذبون به شكلا وموضوعا- كما يقولون- فهو ليس من عند اللّه أولا، ثم إن ما يحمل من أحاديث وأخبار، لا تصدّق ثانيا، لأنها لا تعقل! فالضمير في قوله تعالى: {بَيْنَ يَدَيْهِ}، يعود على القرآن، وما بين يدى القرآن، هو ما يحمل بين يديه من قصص الأنبياء، وأخبار الأمم الماضية، وما حل بالكافرين والمكذبين، من عذاب وبلاء.
وهذا الذي ذهبنا إليه، من القول بأن ما بين يدى القرآن، هو أخباره وقصصه، وجدله، وحججه- هذا الذي ذهبنا إليه، هو أولى من القول الذي يذهب إليه أكثر المفسرين من أن الذي بين يدى القرآن هو التوراة والإنجيل، بمعنى أن المشركين لا يؤمنون بهذا القرآن، ولا بالتوراة والإنجيل.
ذلك أن المشركين لم يدعوا إلى الإيمان بالكتب السماوية، السابقة، فهذا دور يجىء بعد الإيمان بالكتاب الذي يدعون إلى التصديق به أولا، فإذا، صدّقوا به، آمنوا بكل ما يدعوهم إليه.
ومن جهة أخرى، فإن المشركين، كانوا على اعتقاد بأن أهل الكتاب على دين سماوى صحيح، ولكنه خاص بهم وحدهم، ولهذا كان المشركون يتمنون أن يكون لهم كتاب خاص بهم مثل أهل الكتاب.. كما يقول اللّه سبحانه محدّثا عما يجرى في خواطرهم: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ} [156- 157: الأنعام] قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} انتقال بهؤلاء الكافرين المكذبين بآيات اللّه- إلى موقف الحساب والمساءلة في لحظة خاطفة، حيث يطلع عليهم هذا الذي كذبوا به، وما تزال كلمات التكذيب على أفواههم.
ولم يجىء جواب {لو} الشرطية، بل ترك مكانه شاغرا، لنملأه التصورات المفزعة لهذا اليوم العظيم، وما يقع للمكذبين فيه من بلاء.
والتقدير: إنه لو اطلع مطلع على حال هؤلاء الظالمين، وهم موقوفون عند ربهم موقف المساءلة والحساب، لهاله الأمر، ولولّى منهم رعبا وفزعا، لما غشيهم من الكرب، وأحاط بهم من البلاء.
وقوله تعالى: {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ} هو جملة حالية، تكشف عن حال من أحوال هؤلاء الظالمين الموقوفين عند ربهم.
ورجع القول: ترديده، مثل رجع الصّدى.
وعبّر بالفعل {يرجع} اللازم، بدلا من يرجع، المتعدى لمفعوله- ليتضمّن الفعل معنى الإلقاء، والترامي والتراشق بالشيء نفسه.. فكأنهم يترامون بهذا القول، ويرجم به بعضهم بعضا.
وقوله تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} بيان للقول الذي يترامون به، والتهم التي يلقى بها بعضهم على بعض.. وقد بدأ المستضعفون بإلقاء اللائمة على رؤسائهم، وسادتهم، الذين تولوا قيادة الحملة الضالة، ضد دعوة الحق والهدى، فجندوا هؤلاء الضعفاء، وقادوهم إلى المعركة، فكانوا في الهالكين- بدأ المستضعفون بالرمي بالتهم، لأنهم هم المجنىّ عليهم من سادتهم ورؤسائهم.
وفى قولهم: {لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} إشارة إلى أن الإيمان فطرة مركوزة في الإنسان، وأنه لو ترك الإنسان وشأنه دون أن تدخل عليه مؤثرات من الخارج، تفسد عليه فطرته، وتشوش عليه رأيه- لامن باللّه، عن طريق النظر العقلي، ولاستجاب لدعوة الهدى من غير تردد.
قوله تعالى: {قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ.. بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} وألقى الكبراء القول إلى أتباعهم، وردّوا التهمة التي اتهموهم بها، وأنكروا أنهم كانوا سببا في صدّهم عن الهدى: {أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ؟} إنا لم نقسركم على شىء، ولم نكرهكم على ما دعوناكم إليه.
وقد صدق هؤلاء المستكبرون، وكذبوا في آن معا.
صدقوا، لأنهم لم يكن في وسعهم أن يردّوا هؤلاء المستضعفين عن الإيمان، لو أنهم رغبوا في الإيمان.. لأن الإيمان معتقد يقوم في القلب، قبل أن يكون عملا يظهر على الجوارح.. فلو اعتقد هؤلاء المستضعفون الإيمان في قلوبهم، لما كانت هناك قوة في الأرض تستطيع أن تنزعه منهم.
ومن قبل قال الشيطان لأتباعه: {وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي.. فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [22: إبراهيم] وكذب هؤلاء المستكبرون، لأنهم كانوا دعوة من دعوات الضلال، وقوة من قوى الشرّ، تزين للناس الضلال وتغريهم به، وتعمل على جذبهم إليه، وضمهم إلى جبهته.. بما لهم من جاه وسلطان.
وفى قولهم: {بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ}.
إشارة إلى ما في طبائع هؤلاء المستضعفين من فساد، وأنهم بطبيعتهم منجذبون إلى الضلال، منصرفون عن الهدى.. فلو أنهم تركوا وشأنهم ما استجابوا للإيمان، وما قبلوه، فلما لاحت لهم دعوة الضلال من الضالين- استجابوا لها بطبيعتهم، وانجذبوا نحوها، كما ينجذب الفراش إلى النار.
قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ}.
لم يجد المستضعفون مقنعا فيما ردّ به سادتهم عليهم.. وحقّا إنهم لم يقسروهم قسرا على الكفر، ولكنهم أغروهم به إغراء، بما يملكون من وسائل الإغراء، وفى أيديهم المال، والجاه والسلطان، وكلها قوى ذات سلطان على الناس!- وقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ}.
أي وحين طلع عليهم العذاب، وجموا كلّهم وخرسوا، ولم ينبس أحد منهم جميعا ببنت شفة، وانجبست الكلمات في صدورهم، وقد كان فيها متنفس لهم، وأمل يتعلقون به.
الضعفاء ليلقوا بالتهمة كلها على كبرائهم، والكبراء ليدفعوا هذه التهمة عنهم، وحسبهم جنايتهم على أنفسهم.. وهكذا ازدرد الجميع هذه الكلمات التي كانوا يلوكونها في أفواههم، ثم يرمى بها بعضهم بعضا، فأصبحت سهاما يرمى بها كل منهم في داخل نفسه، فتدمى القلوب، وتفرى الأكباد!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال