سورة سبأ / الآية رقم 32 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آمِنُونَ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي العَذَابِ مُحْضَرُونَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

سبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأ




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


في انتصاب {كَافَّةً} وجوه، فقيل: إنه منتصب على الحال من الكاف في {أرسلناك} قال الزجاج أي: وما أرسلناك إلاّ جامعاً للناس بالإنذار، والإبلاغ، والكافة بمعنى: الجامع، والهاء فيه للمبالغة كعلامة. قال أبو حيان: أما قول الزجاج: إن كافّة بمعنى: جامعاً، والهاء فيه للمبالغة، فإن اللغة لا تساعد عليه؛ لأن كفّ ليس معناه: جمع، بل معناه: منع. يقال: كف يكف، أي: منع يمنع. والمعنى: إلاّ مانعاً لهم من الكفر، ومنه الكفّ؛ لأنها تمنع من خروج ما فيه. وقيل: إنه منتصب على المصدرية، والهاء للمبالغة كالعاقبة، والعافية، والمراد: أنها صفة مصدر محذوف، أي: إلاّ رسالة كافّة. وقيل: إنه حال من الناس، والتقدير: وما أرسلناك إلاّ للناس كافّة، وردّ بأنه لا يتقدّم الحال من المجرور عليه كما هو مقرّر في علم الإعراب. ويجاب عنه بأنه قد جوّز ذلك أبو عليّ الفارسيّ، وابن كيسان، وابن برهان، ومنه قول الشاعر:
إذا المرء أعيته السيادة ناشئا *** فمطلبها كهلاً عليه عسير
وقول الآخر:
تسليت طرّاً عنكم بعد بينكم *** بذكراكم حتى كأنكم عندي
وقول الآخر:
غافلاً تعرض المنية للمر *** ء فيدعى ولات حين إباء
وممن رجح كونها حالاً من المجرور بعدها ابن عطية، وقال: قدمت للاهتمام، والتقوّي. وقيل: المعنى: إلاّ ذا كافّة، أي: ذا منع، فحذف المضاف. قيل: واللام: في {لِلنَّاسِ} بمعنى إلى، أي: وما أرسلناك إلى الناس إلاّ جامعاً لهم بالإنذار، والإبلاغ، أو مانعاً لهم من الكفر، والمعاصي، وانتصاب {بَشِيراً وَنَذِيراً} على الحال، أي مبشراً لهم بالجنة، ومنذراً لهم من النار {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} ما عند الله، وما لهم من النفع في إرسال الرسل.
{وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صادقين} أي: متى يكون هذا الوعد الذي تعدونا به، وهو: قيام الساعة أخبرونا به إن كنتم صادقين. قالوا: هذا على طريقة الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن معه من المؤمنين، فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب عنهم، فقال: {قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ} أي: ميقات يوم، وهو: يوم البعث. وقيل: وقت حضور الموت. وقيل: أراد يوم بدر؛ لأنه كان يوم عذابهم في الدنيا، وعلى كل تقدير، فهذه الإضافة للبيان، ويجوز في ميعاد: أن يكون مصدراً مراداً به الوعد، وأن يكون اسم زمان. قال أبو عبيدة: الوعد، والوعيد، والميعاد بمعنى. وقرأ ابن أبي عبلة بتنوين: {ميعاد} ورفعه، ونصب: {يوم} على أن يكون ميعاد مبتدأ، ويوماً ظرف، والخبر لكم. وقرأ عيسى بن عمر برفع: {ميعاد} منوّناً، ونصب: {يوم} مضافاً إلى الجملة بعده. وأجاز النحويون: {ميعاد يوم} برفعهما منوّنين على أن ميعاد مبتدأ، ويوم بدل منه، وجملة: {لاَّ تَسْتَئَخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ} صفة لميعاد، أي: هذا الميعاد المضروب لكم لا تتأخرون عنه، ولا تتقدّمون عليه، بل يكون لا محالة في الوقت الذي قد قدّر الله وقوعه فيه.
ثم ذكر سبحانه طرفاً من قبائح الكفار، ونوعاً من أنواع كفرهم، فقال: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بهذا القرءان وَلاَ بالذى بَيْنَ يَدَيْهِ} وهي: الكتب القديمة، كالتوراة، والإنجيل، والرسل المتقدّمون. وقيل: المراد بالذي بين يديه الدار الآخرة. ثم أخبر سبحانه عن حالهم في الآخرة، فقال: {وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ} الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يصلح له، ومعنى {موقوفون عند ربهم}: محبوسون في موقف الحساب {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول} أي: يتراجعون الكلام فيما بينهم باللوم والعتاب، بعد أن كانوا في الدنيا متعارضين متناصرين متحابين. ثم بيّن سبحانه تلك المراجعة، فقال: {يَقُولُ الذين استضعفوا}، وهم: الأتباع {لِلَّذِينَ استكبروا}، وهم: الرؤساء المتبوعون {لَوْلاَ أَنتُمْ} صددتمونا عن الإيمان بالله، والاتباع لرسوله {لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} بالله مصدّقين لرسوله، وكتابه.
{قَالَ الذين استكبروا لِلَّذِينَ استضعفوا} مجيبين عليهم مستنكرين لما قالوه: {أَنَحْنُ صددناكم عَنِ الهدى} أي: منعناكم عن الإيمان {بَعْدَ إِذْ جَاءكُمْ} الهدى، قالوا هذا منكرين لما ادّعوه عليهم من الصدّ لهم، وجاحدين لما نسبوه إليهم من ذلك، ثم بينوا لهم: أنهم الصادّون لأنفسهم، الممتنعون من الهدى بعد إذ جاءهم، فقالوا: {بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ} أي: مصرّين على الكفر، كثيري الإجرام، عظيمي الآثام.
{وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا} ردّاً لما أجابوا به عليهم، ودفعاً لما نسبوه إليهم من صدّهم لأنفسهم {بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} أصل المكر في كلام العرب: الخديعة، والحيلة، يقال: مكر به إذا خدعه، واحتال عليه. والمعنى: بل مكركم بنا الليل والنهار، فحذف المضاف إليه، وأقيم الظرف مقامه اتساعاً.
وقال الأخفش: هو على تقدير هذا مكر الليل، والنهار. قال النحاس: المعنى والله أعلم، بل مكركم في الليل، والنهار، ودعاؤكم لنا إلى الكفر هو الذي حملنا على هذا.
وقال سفيان الثوري: بل عملكم في الليل والنهار، ويجوز: أن يجعل الليل، والنهار ماكرين على الإسناد المجازي كما تقرّر في علم المعاني. قال المبرّد كما تقول العرب: نهاره صائم، وليله قائم، وأنشد قول جرير:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السرى *** ونمت وما ليل المطيّ بنائم
وأنشد سيبويه:
قيام ليلي وتجلي همي ***
وقرأ قتادة، ويحيى بن يعمر برفع {مكر} منوّناً، ونصب: {الليل والنهار}، والتقدير: بل مكر كائن في الليل والنهار. وقرأ سعيد بن جبير، وأبو رزين بفتح الكاف، وتشديد الراء مضافاً بمعنى: الكرور، من كرّ يكرّ إذا جاء، وذهب، وارتفاع {مكر} على هذه القراءات على أنه مبتدأ، وخبره محذوف، أي: مكر الليل والنهار صدّنا، أو على أنه فاعل لفعل محذوف، أي: صدّنا مكر الليل والنهار، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف كما تقدّم عن الأخفش.
وقرأ طلحة بن راشد كما قرأ سعيد بن جبير، ولكنه نصب {مكر} على المصدرية، أي: بل تكرّرت الإغواء مكرًّا دائماً لا تفترون عنه، وانتصاب {إِذْ تَأْمُرُونَنَا} على أنه ظرف للمكر، أي: بل مكركم بنا وقت أمركم لنا {أَن نَّكْفُرَ بالله وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً} أي: أشباهاً، وأمثالاً. قال المبرد: يقال ندّ فلان فلان، أي: مثله، وأنشد:
أتيما تجعلون إليّ ندًّا *** وما تيم بذي حسب نديد
والضمير في قوله: {وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب} راجع إلى الفريقين أي: أضمر الفريقان الندامة على ما فعلوا من الكفر، وأخفوها عن غيرهم، أو أخفاها كل منهم عن الآخر مخافة الشماتة. وقيل: المراد بأسرّوا هنا أظهروا؛ لأنه من الأضداد يكون، تارة بمعنى: الإخفاء، وتارة بمعنى: الإظهار، ومنه قول امرئ القيس:
تجاوزت أحراساً وأهوال معشر *** عليّ حراص لو يسرون مقتلي
وقيل: معنى {أسروا الندامة}: تبينت الندامة في أسرّة وجوههم {وَجَعَلْنَا الأغلال فِى أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ} الأغلال جمل غلّ، يقال: في رقبته غلّ من حديد، أي: جعلت الأغلال من الحديد في أعناق هؤلاء في النار، والمراد بالذين كفروا: هم المذكورون سابقاً، والإظهار لمزيد الذمّ، أو للكفار على العموم، فيدخل هؤلاء فيهم دخولاً أوّلياً: {هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي: إلاّ جزاء ما كانوا يعملونه من الشرك بالله، أو إلاّ بما كانوا يعملون على حذف الخافض.
وقد أخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ} قال: إلى الناس جميعاً.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: أرسل الله محمداً إلى العرب، والعجم، فأكرمهم على الله أطوعهم له.
وأخرج هؤلاء عنه في قوله: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بهذا القرءان} قال: هذا قول مشركي العرب كفروا بالقرآن، وبالذي بين يديه من الكتب، والأنبياء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال