سورة فاطر / الآية رقم 28 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ المُنِيرِ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ

فاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)}
ثم قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنَزَلَ مِنَ السماء مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا}.
وهذا استدلال بدليل آخر على وحدانية الله وقدرته وفي تفسيرها مسائل:
المسألة الأولى: ذكر هذا الدليل على طريقة الاستخبار، وقال: {أَلَمْ تَرَ} وذكر الدليل المتقدم على طريقة الإخبار وقال: {والله الذي أَرْسَلَ الرياح} [فاطر: 9] وفيه وجهان الأول: أن انزال الماء أقرب إلى النفع والمنفعة فيه أظهر فإنه لا يخفى على أحد في الرؤية أن الماء منه حياة الأرض فعظم دلالته بالاستفهام لأن الاستفهام الذي للتقرير لا يقال إلا في الشيء الظاهر جداً كما أن من أبصر الهلال وهو خفي جداً، فقال له غيره أين هو، فإنه يقول له في الموضع الفلاني، فإن لم يره، يقول له الحق معك إنه خفي وأنت معذور، وإذا كان بارزاً يقول له أما تراه هذا هو ظاهراً والثاني: وهو أنه ذكره بعدما قرر المسألة بدليل آخر وظهر بما تقدم للمدعو بصارة بوجوه الدلالات، فقال له أنت صرت بصيراً بما ذكرناه ولم يبق لك عذر، ألا ترى هذه الآية.
المسألة الثانية: المخاطب من هو يحتمل وجهين:
أحدهما: النبي صلى الله عليه وسلم وفيه حكمة وهي أن الله تعالى لما ذكر الدلائل ولم تنفعهم قطع الكلام معهم والتفت إلى غيرهم، كما أن السيد إذا نصح بعض العبيد ومنعهم من الفساد ولا ينفعهم الإرشاد، يقول لغيره اسمع ولا تكن مثل هذا ويكرر معه ما ذكره مع الأول ويكون فيه إشعار بأن الأول فيه نقيصة لا يستأهل للخطاب فيتنبه له ويدفع عن نفسه تلك النقيصة والآخر: أن لا يخرج إلى كلام أجنبي عن الأول، بل يأتي بما يقاربه لئلا يسمع الأول كلاماً آخر فيترك التفكر فيما كان فيه من النصيحة.
المسألة الثالثة: هذا استدلال على قدرة الله واختياره حيث أخرج من الماء الواحد ممرات مختلفة وفيه لطائف الأولى: قال أنزل وقال أخرجنا. وقد ذكرنا فائدته ونعيدها فنقول: قال الله تعالى: {الم تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ} فإن كان جاهلاً يقول نزول الماء بالطبع لثقله فيقال له، فالإخراج لا يمكنك أن تقول فيه إنه بالطبع فهو بإرادة الله، فلما كان ذلك أظهر أسنده إلى المتكلم ووجه آخر: هو أن الله تعالى لما قال: {أَنَّ الله أَنزَلَ} علم الله بدليل، وقرب المتفكر فيه إلى الله تعالى فصار من الحاضرين، فقال له أخرجنا لقربه ووجه ثالث: الإخراج أتم نعمة من الإنزال، لأن الإنزال لفائدة الإخراج فأسند الأتم إلى نفسه بصيغة المتكلم وما دونه بصيغة الغائب.
اللطيفة الثانية: قال تعالى: {وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ ألوانها وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ الناس والدواب والأنعام مُخْتَلِفٌ ألوانه كَذَلِكَ}.
كأن قائلاً قال اختلاف الثمرات لاختلاف البقاع. ألا ترى أن بعض النباتات لا تنبت ببعض البلاد كالزعفران وغيره، فقال تعالى اختلاف البقاع ليس إلا بإرادة الله وإلا فلم صار بعض الجبال فيه مواضع حمر ومواضع بيض، والجدد جمع جدة وهي الخطة أو الطريقة، فإن قيل الواو في: {وَمِنَ الجبال} ما تقديرها؟ نقول هي تحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون للاستئناف كأنه قال تعالى وأخرجنا بالماء ثمرات مختلفة الألوان، وفي الأشياء الكائنات من الجبال جدد بيض دالة على القدرة، رادة على من ينكر الإرادة في اختلاف ألوان الثمار ثانيهما: أن تكون للعطف تقديرها وخلق من الجبال.
قال الزمخشري: أراد ذو جدد واللطيفة الثالثة: ذكر الجبال ولم يذكر الأرض كما قال في موضع آخر: {وَفِي الأرض قِطَعٌ متجاورات} [الرعد: 4] مع أن هذا الدليل مثل ذلك، وذلك لأن الله تعالى لما ذكر في الأول: {أَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ} كان نفس إخراج الثمار دليلاً على القدرة ثم زاد عليه بياناً، وقال مختلفاً كذلك في الجبال في نفسها دليل للقدرة والإرادة، لأن كون الجبال في بعض نواحي الأرض دون بعضها والاختلاف الذي في هيئة الجبل فإن بعضها يكون أخفض وبعضها أرفع دليل القدرة والاختيار، ثم زاده بياناً وقال: {جدد بيض}، أي مع دلالتها بنفسها هي دالة باختلاف ألوانها، كما أن إخراج الثمرات في نفسها دلائل واختلاف ألوانها دلائل.
المسألة الرابعة: {مختلف ألوانها}، الظاهر أن الاختلاف راجع إلى كل لون أي بيض مختلف ألوانها وحمر مختلف ألوانها، لأن الأبيض قد يكون على لون الجص، وقد يكون على لون التراب الأبيض دون بياض الجص، وكذلك الأحمر، ولو كان المراد أن البيض والحمر مختلف الألوان لكان مجرد تأكيد والأول أولى، وعلى هذا فنقول لم يذكر مختلف ألوانها بعد البيض والحمر والسود، بل ذكره بعد البيض والحمر وأخر السود الغرابيب، لأن الأسود لما ذكره مع المؤكد وهو الغرابيب يكون بالغاً غاية السواد فلا يكون فيه اختلاف.
المسألة الخامسة: قيل بأن الغربيب مؤكد للأسود، يقال أسود غربيب والمؤكد لا يجيء إلا متأخراً فكيف جاء غرابيب سود؟ نقول قال الزمخشري: غرابيب مؤكد لذي لون مقدر في الكلام كأنه تعالى قال سواد غرابيب، ثم أعاد السود مرة أخرى وفيه فائدة وهي زيادة التأكيد لأنه تعالى ذكره مضمراً ومظهراً، ومنهم من قال هو على التقديم والتأخير، ثم قال تعالى: {وَمِنَ الناس والدواب والأنعام} استدلالاً آخر على قدرته وإرادته، وكأن الله تعالى قسم دلائل الخلق في العالم الذي نحن فيه وهو عالم المركبات قسمين: حيوان وغير حيوان، وغير الحيوان إما نبات وإما معدن، والنبات أشرف، وأشار إليه بقوله: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ} ثم ذكر المعدن بقوله: {وَمِنَ الجبال} ثم ذكر الحيوان وبدأ بالأشرف منها وهو الإنسان فقال: {وَمِنَ الناس} ثم ذكر الدواب، لأن منافعها في حياتها والأنعام منفعتها في الأكل منها، أو لأن الدابة في العرف تطلق على الفرس وهو بعد الإنسان أشرف من غيره، وقوله: {مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} القول فيه كما أنها في أنفسها دلائل، كذلك في اختلافها دلائل.
وأما قوله: {مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} فذكر لكون الإنسان من جملة المذكورين، وكون التذكير أعلى وأولى.
ثم قال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}.
الخشية بقدر معرفة المخشي، والعالم يعرف الله فيخافه ويرجوه.
وهذا دليل على أن العالم أعلى درجة من العابد، لأن الله تعالى قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم} [الحجرات: 13] فبين أن الكرامة بقدر التقوى، والتقوى بقدر العلم. فالكرامة بقدر العلم لا بقدر العمل، نعم العالم إذا ترك العمل قدح ذلك في علمه، فإن من يراه يقول: لو علم لعمل. ثم قال تعالى: {إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ} ذكر ما يوجب الخوف والرجاء، فكونه عزيزاً ذا انتقام يوجب الخوف التام، وكونه غفوراً لما دون ذلك يوجب الرجاء البالغ. وقراءة من قرأ بنصب العلماء ورفع الله، معناها إنما يعظم ويبجل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال