سورة فاطر / الآية رقم 44 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ الكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ الكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً

فاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما بيّن أن حالهم موجب ولا بد للإيقاع بهم لما ثبت من أيام الله، وأنكر ذلك عليهم، وكان التقدير: ألم يسمعوا أخبار الأولين المرة وأحوالهم المستمرة من غير تخلف اصلاً في أن من كذب رسولاً أخذ، فقال عاطفاً عليه استشهاداً على الخبر عن سنته في الأولين بما يذكر من آثارهم: {أولم يسيروا} أي فيما مضى من الزمان {في الأرض} أي التي ضربوا في المتاجر بالسير إليها في الشام واليمن والعراق {فينظروا} أي فيتسبب لهم عن ذلك السير أنه يتجدد لهم نظر واعتبار يوماً من الأيام، فإن العاقل من إذا رأى شيئاً تفكر فيه حتى يعرف ما ينطق به لسان حاله إن خفي عنه ما جرى من مقاله، وأشار بسوقه في أسلوب الاستفهام إلى أنه لعظمه خرج عن أمثاله فاستحق السؤال عن حاله {كيف كان عاقبة} أي آخر أمر {الذين} ولما كان عواقب الدمار في بعض ما مضى من الزمان، أثبت الجار فقال: {من قبلهم} أي على أيّ حالة كان أخذهم ليعلموا أنهم ما أخذوا إلا بتكذيب الرسل فيخافوا أن يفعلوا مثل أفعالهم فيكون حالهم كحالهم، وهذا معنى يس {أنهم إليهم لا يرجعون} [يس: 31] سواء كما يأتي أن شاء الله تعالى بيانه. ولما كان السياق لاتصافهم بقوتي الظاهر من الاستكبار والباطن من المكر الضار مكّن قوة الذين خوفهم بمثل مآلهم بوصفهم بالأشدية في جملة حالية فقال: {وكانوا} أي أهلكناهم لتكذيبهم رسلنا والحال أنهم كانوا {أشد منهم} أي من هؤلاء {قوة} في قوتي الاستكبار والمكر الجارّ بعد العار إلى النار.
ولما كان التقدير: فما أعجز الله أمر أمة منهم، ولا أمر أحد من أمة حين كذبوا رسولهم، وما خاب له ولي ولا ربح ولا عدو، عطف عليه قوله، مؤكداً إشارة إلى تكذيب الكفرة في قطعهم بأن دينهم لا يتغير، وأنهم لا يغلبون أبداً لما لهم من الكثرة والمكنة وما للمسلمين من القلة والضعف: {وما كان الله} أي الذي له جميع العظمة؛ وأكد الاستغراق في النفي بقوله: {ليعجزه} أي مريداً لأن يعجزه، ولما انتفت إرادة العجز فيه انتفى العجز بطريق الأولى! وأبلغ في التأكيد بقوله: {من شيء} أي قل أو جل! وعم بما يصل إليه إدراكنا بقوله: {في السماوات} أي جهة العلو، وأكد بإعادة النافي فقال: {ولا في الأرض} أي جهة السفل. ولما كان منشأ العجز الجهل، علل بقوله مؤكداً لما ذكر في أول الآية: {إنه كان} أي أزلاً وأبداً {عليماً} أي شامل العلم {قديراً} أي كامل القدرة، فلا يريد شيئاً إلا كان.
ولما كانوا يستعجلون بالتوعد استهزاء فيقولون: ما له لا يهلكنا، علم أن التقدير: لو عاملكم الله معاملة المؤاخذ لعجل إهلاككم، فعطف عليه قوله إظهاراً للحكم مع العلم: {ولن يؤاخذ الله} أي بما له من صفات العلو {الناس} أي من فيه نوس أي حركة واضطراب من المكلفين عامة.
ولما كان السياق هنا لأفعال الجوارح لأن المكر والكبر إنما تكره آثارهما لا الاتصاف بهما، بخلاف الذي هو سياق النحل فإنه ممنوع من الاتصاف وإن لم يظهر به أثر من آثار الجوارح، عبر هنا بالكسب وفك المصدر ليخص ما وجد منه بالفعل فقال: {بما كسبوا} أي من جميع أعمالهم سواء كان حراماً أو لا {ما ترك على ظهرها} أي الأرض {من دآبة} أي بل كان يهلك الكل، أما المكلفون فلأنه ليس في أعمالهم شيء يقدره سبحانه حق قدره، لما لهم من النقص ولما له سبحانه من العلو والارتقاء والكمال، وأما غيرهم فإنما خلقوا لهم، والمعاصي تزيل النعم وتحل النقم، وذلك كما فعل في زمان نوح عليه السلام، لم ينج ممن كان على الأرض غير من كان في السفينة {ولكن} لم يعاملهم معاملة المؤاخذ المناقش، بل يحلم عنهم فهو {يؤخرهم} أي في الحياة الدنيا ثم في البرزخ {إلى أجل مسمى} أي سماه في الأزل لانقضاء أعمارهم ثم لبعثهم من قبورهم، وهو لا يبدل القول لديه لما له من الصفات التي هي أغرب الغريب عندكم لكونكم لا تدركونها حق الإدراك {فإذا جاء أجلهم} أي الفنائي الإعدامي قبض كل واحد منهم عند أجله، أو الإيجابي الإبقائي بعث كلاًّ منهم فجازاه بعمله من غير وهم ولا عجز.
ولما كانوا ينكرون ما يفمهه ذلك من البعث، أكد فقال: {فإن الله} أي الذي له صفات الكمال الموجد بتمام القدرة وكمال الاختيار {كان} ولم يزل. ولما كان السياق للكسب الذي هو أعم من الظلم قال: {بعباده} الذين أوجدهم ولا شريك له في إيجاد أحد منهم بجميع ذواتهم واحوالهم {بصيراً} أي بالغ البصر والعلم بمن يستحق العذاب منهم بالكسب ومن يستحق الثواب، فقد انطبق آخرها كما ترى على أولها باستجماع صفات الكمال وتمام القدرة على كل من الإيجاد والإعدام للحيوان والجماد مهما أراد بالاختيار، لما شوهد له سبحانه من الآثار، كما وقع الإرشاد إليه بالأمر بالسير وبغيره وبما ختمت به السورة من صفة العلم على وجه أبلغ من ذكره بلفظه، لما مضى في سورة طه من أن إحاطة العلم تستلزم شمول القدرة، ولا تكون القدرة شاملة إلا إذا كانت عن اختيار، فثبت حينئذ استحقاقه تعالى لجميع المحامد، فكانت عنه سبحانه الرسالات الهائلة الجامعة للعزة والحكمة بالملائكة المجردين عن الشهوات وكل حظ إلى من ناسبهم من البشر بما غلب من جيش عقله على عساكر شهواته ونفسه، حتى صار عقلاً مجرداً صافياً، حاكماً على الشهوات والحظوظ قاهراً كافياً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال