سورة آل عمران / الآية رقم 79 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يأَهْلَ الكتاب لِمَ تَكْفُرُونَ بأيات الله} بالتوراة والإنجيل، وكفرهم بها أنهم لا يؤمنون بما نطقت به من صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرها {وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} تعترفون بأنها آيات الله أو تكفرون بالقرآن ودلائل نبوة الرسول وأنتم تشهدون نعته في الكتابين، أو تكفرون بآيات الله جميعاً وأنتم تعلمون أنها حق {ياأهل الكتاب لِمَ تَلْبِسُونَ الحق بالباطل} تخلطون الإيمان بموسى وعيسى بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم {وَتَكْتُمُونَ الحق} نعت محمد عليه السلام {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه حق {وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب} فيم بينهم {ءامِنُواْ بالذى أُنزِلَ عَلَى الذين ءَامَنُواْ} أي القرآن {وَجْهَ النهار} ظرف أي أوله يعني أظهروا الإيمان بما أنزل على المسلمين في أول النهار {واكفروا ءاخِرَهُ} واكفروا به آخره {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} لعل المسلمين يقولون ما رجعوا وهم أهل كتاب وعلم إلا لأمر قد تبين لهم فيرجعون برجوعكم.
{وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله} {ولا تؤمنوا} متعلق بقوله {أن يؤتى أحدٌ مّثل ما أوتيتم} وما بينهما اعتراض أي ولا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأهل دينكم دون غيرهم، أرادوا أسروا تصديقكم بأن المسلمين قد أوتوا من كتب الله مثل ما أوتيتم ولا تفشوه إلا إلى أشياعكم وحدهم دون المسلمين لئلا يزيدهم ثباتاً ودون المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام {أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ} عطف على {أن يؤتى} والضمير في {يحاجوكم} لأحد لأنه في معنى الجمع بمعنى ولا تؤمنوا لغير اتباعكم أن المسلمين يحاجونكم يوم القيامة بالحق ويغالبونكم عند الله بالحجة. ومعنى الاعتراض أن الهدى هدى الله من شاء هداه حتى أسلم أو ثبت على الإسلام كان ذلك ولم ينفع كيدكم وحيلكم وزيكم تصديقكم عن المسلمين والمشركين، وكذلك قوله {قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} يريد الهداية والتوفيق، أو يتم الكلام عند قوله {إلا لمن تبع دينكم} أي ولا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر وهو إيمانهم وجه النهار إلا لمن تبع دينكم إلا لمن كانوا تابعين لدينكم ممن أسلموا منكم، لأن رجوعهم كان أرجى عندهم من رجوع من سواهم. ومعنى قوله {أن يؤتى} لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قلتم ذلك ودبرتموه لا لشيء آخر يعني أن ما بكم من الحسد والبغي أن يأتي أحد مثل ما أوتيتم من العلم، والكتاب دعاكم إلى أن قلتم ما قلتم، ويدل عليه قراءة ابن كثير {آن} بالمد والاستفهام يعني الآن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الكتاب تحسدونهم. وقوله {أو يحاجوكم} على هذا معناه دبرتم ما دبرتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو لما يتصل به عند كفركم به من محاجتهم لكم عند ربكم {والله واسع} أي واسع الرحمة {عَلِيمٌ} بالمصلحة {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ} بالنبوة أو بالإسلام {مَن يَشَاء والله ذُو الفضل العظيم * وَمِنْ أَهْلِ الكتاب مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدّهِ إِلَيْكَ} هو عبد الله بن سلام، استودعه رجل من قريش ألفاً ومائتي أوقية ذهباً فأداه إليه {وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} هو فنحاص بن عازوراء، استودعه رجل من قريش ديناراً فجحده وخانه.
وقال: المأمونون على الكثير النصارى لغلبة الأمانة عليهم، والخائنون في القليل اليهود لغلبة الخيانة عليهم {إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} إلا مدة دوامك عليه يا صاحب الحق قائماً على رأسه ملازماً له. {يؤده} و{لا يؤده} بكسر الهاء مشبعة: مكي وشامي ونافع وعلي وحفص، واختلس أبو عمرو في رواية. غيرهم: بسكون الهاء.
{ذلك} إشارة إلى ترك الأداء الذي دل عليه {لا يؤده} {بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الأميين سَبِيلٌ} أي تركهم أداء الحقوق بسبب قولهم {ليس علينا من الأميين سبيل} أي لا يتطرق علينا إثم وذم في شأن الأميين يعنون الذين ليسوا من أهل الكتاب، وما فعلنا بهم من حبس أموالهم والإضرار بهم لأنهم ليسوا على ديننا وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم وكانوا يقولون لم يجعل لهم في كتابنا حرمة. وقيل: بايع اليهود رجالاً من قريش، فلما أسلموا تقاضوهم فقالوا: ليس لكم علينا حق حيث تركتم دينكم وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم {وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكذب} بادعائهم أن ذلك في كتابهم {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كاذبون {بلى} إثبات لما نفوه من السبيل عليهم في الأميين أي بلى عليهم سبيل فيهم. وقوله {مَنْ أوفى بِعَهْدِهِ واتقى} جملة مسأنفة مقررة للجملة التي سدت {بلى} مسدها، والضمير في {بعده} يرجع إلى الله تعالى أي كل من أوفى بعهد الله واتقاه {فَإِنَّ الله يُحِبُّ المتقين} أي يحبهم فوضع الظاهر موضع الضمير وعموم المتقين قام مقام الضمير الراجع من الجزاء إلى {من} ويدخل في ذلك الإيمان وغيره من الصالحات وما وجب اتقاؤه من الكفر وأعمال السوء. قيل: نزلت في عبد الله بن سلام ونحوه من مسلمي أهل الكتاب، ويجوز أن يرجع الضمير إلى {من أوفى} أي كل من أوفى بما عاهد الله عليه واتقى الله في ترك الخيانة والغدر فإن الله يحبه. ونزل فيمن حرّف التوراة وبدل نعته عليه السلام من اليهود وأخذ الرشوة على ذلك {إِنَّ الذين يَشْتَرُونَ} يستبدلون {بِعَهْدِ الله} بما عاهدوه عليه من الإيمان بالرسول المصدق لما معهم {وأيمانهم} وبما حلفوا به من قولهم (والله لنؤمنن به ولننصرنه) {ثَمَناً قَلِيلاً} متاع الدنيا من الترؤس والارتشاء ونحو ذلك، وقوله {بعهد الله} يقوي رجوع الضمير في {بعهده} إلى الله {أولئك لاَ خلاق لَهُمْ فِى الآخرة} أي لا نصيب {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله} بما يسرهم {وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القيامة} نظر رحمة {وَلاَ يُزَكّيهِمْ} ولا يثني عليهم {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم.
{وَإِنَّ مِنْهُمْ} من أهل الكتاب {لَفَرِيقًا} هم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحيي بن أخطب وغيرهم {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بالكتاب} يفتلونها بقراءته عن الصحيح إلى المحرف، واللّيُ الفتل وهو الصرف والمراد تحريفهم كآبة الرجم ونعت محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك. والضمير في {لِتَحْسَبُوهُ} يرجع إلى ما دل عليه {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بالكتاب} وهو المحرف، ويجوز أن يراد يعطفون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا ذلك الشبه {مّنَ الكتاب} أي التوراة {وَمَا هُوَ مِنَ الكتاب} وليس هو من التوراة {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ} تأكيد لقوله {وما هو من الكتاب} وزيادة تشنيع عليهم {وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كاذبون {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ الله الكتاب} تكذيب لمن اعتقد عبادة عيسى عليه السلام. وقيل: قال رجل: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال: «لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله» {والحكم} والحكمة وهي السنة أو فصل القضاء {والنبوة ثُمَّ يَقُولَ} عطف على {يؤتيه} {لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لّى مِن دُونِ الله ولكن كُونُواْ ربانيين} ولكن يقول: كونوا ربانيين. والرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون وهو شديد التمسك بدين الله وطاعته. وحين مات ابن عباس قال ابن الحنفية: مات رباني هذه الأمة. وعن الحسن: ربانيين علماء فقهاء. وقيل: علماء معلمين. وقالوا: الرباني العالم العامل {بِمَا كُنتُمْ تُعَلّمُونَ الكتاب} كوفي وشامي أي غيركم غيرهم بالتخفيف {وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} أي تقرأون، والمعنى بسبب كونكم عالمين وبسبب كونكم دارسين للعلم كانت الربانية التي هي قوة التمسك بطاعة الله مسببة عن العلم والدراسة، وكفى به دليلاً على خيبة سعي من جهد نفسه وكد روحه في جمع العلم ثم لم يجعله ذريعة إلى العمل، فكان كمن غرس شجرة حسناء تؤنقه بمنظرها ولا تنفعه بثمرها. وقيل: معنى {تدرسون} تدرسونه على الناس كقوله {لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس} [الإسراء: 106] فيكون معناه معنى تدرسون من التدريس كقراءة ابن جبير.
{وَلاَ يَأْمُرَكُمْ} بالنصب عطفاً على {ثم يقول} ووجهه أن تجعل {لا} مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله {ما كان لبشر} والمعنى ما كان لبشر أن يستنبئه الله وينصبه للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وترك الأنداد ثم يأمر الناس بأن يكونوا عباداً له ويأمركم {أَن تَتَّخِذُواْ الملائكة والنبيين أَرْبَابًا} كما تقول (ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ولا يستخف بي)وبالرفع حجازي وأبو عمرو وعليّ على ابتداء الكلام، والهمزة في {أَيَأْمُرُكُم بالكفر} للإنكار والضمير في {لا يأمركم} و{أيأمركم} للبشر أو لله.
وقوله {بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} يدل على أن المخاطبين كانوا مسلمين وهم الذين استأذنوه أن يسجدوا له.
{وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين} هو على ظاهره من أخذ الميثاق على النبيين بذلك، أو المراد ميثاق الأولاد النبيين وهم بنو إسرائيل على حذف المضاف. واللام في {لَمَا ءاتَيْتُكُم مّن كتاب وَحِكْمَةٍ} لام التوطئة لأن أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف، وفي {لتؤمنن} لام جواب القسم، وما يجوز أن تكون متضمنة لمعنى الشرط و{لتؤمنن} ساد مسد جواب القسم والشرط جميعاً، وأن تكون موصولة بمعنى للذي آتيتكموه لتؤمنن به {ثُمَّ جَاءكُمْ} معطوف على الصلة والعائد منه إلى ما محذوف والتقدير ثم جاءكم به {رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لّمَا مَعَكُمْ} للكتاب الذي معكم {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} بالرسول {وَلَتَنصُرُنَّهُ} أي الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم {لما آتيتكم} حمزة و{ما} بمعنى الذي، أو مصدرية أي لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة ثم لمجيء رسول مصدق لما معكم. واللام للتعليل أي أخذ الله ميثاقهم لتؤمنن بالرسول ولتنصرنه لأجل أني آتيتكم الحكمة، وأن الرسول الذي آمركم بالإيمان به ونصرته موافق لكم غير مخالف. {آتيناكم}: مدني {قَالَ} أي الله {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِى} أي قبلتم عهدي، وسمي إصراً لأنه مما يؤصر أي يشد ويعقد {قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فاشهدوا} فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار {وَأَنَاْ مَعَكُمْ مّنَ الشاهدين} وأنا معكم على ذلك من إقراركم وتشاهدكم من الشاهدين، وهذا توكيد عليهم وتحذير من الرجوع إذا علموا بشهادة الله وشهادة بعضهم على بعض. وقيل: قال الله للملائكة اشهدوا {فَمَنْ تولى بَعْدَ ذلك} الميثاق والتوكيد ونقض العهد بعد قبوله وأعرض عن الإيمان بالنبيّ الجائي {فأولئك هُمُ الفاسقون} المتمردون من الكفار.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال