سورة ص / الآية رقم 29 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداًّ ثُمَّ أَنَابَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ

صصصصصصصصصصصصصصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {كتابٌ}: خبر عن مضمر، أي: هذا، و {أنزلناه}: صفة له، و {مبارك}: خبر ثان، أو: صفة الكتاب، و {لِّيدبروا}: متعلق بأنزلناه.
قيل: لمَّا نفى التسوية بين الصالح المتقِّي، والمفسد الفاجر، بيَّن ما تحصل به لمتبعيه السعادة الأبدية، ويحصل به الصلاح التام، والتقوى الكاملة. وهو كتاب الله فقال جلّ جلاله: {كتابٌ}؛ وهو القرآن {أَنزلناه إليك مباركٌ}؛ كثير المنافع الدينية والدنيوية، أنزلناه {ليدَّبّروا آياته} أي: ليتفكروا في آياته، التي من جملتها هذه الآيات المعربة عن أسرار التكوين والتشريع، فيعرفوا ما في ظاهرها من المعاني الفائقة، والتأويلات اللائقة. وقرى: {لتدبروا} على الخطاب، أي: أنت وعلماء أمتك، بحذف إحدى التاءين. {وليتذكَّر أولوا الألباب} أي: وليتّعِظ به ذوو العقول الصافية، السليمة من الهوى، فيقفوا على ما فيه، ويعملوا به، فإنَّ الكتب الإلهية ما نزلت إلا ليُتدبر ما فيها، ويُعمَل به. وعن الحسن: قد قرأ هذا القرآن عبيدٌ وصبيان، لا علم لهم بتأويله، حفظوا حروفه وضيّعوا حدوده. اهـ.
الإشارة: كتاب الله العزيز بطاقة من عند الملك، والمراد من البطاقة فَهْمُ ما فيها، والعمل به، لا قراءة حروفها ورسومها فقط، فمَن فعل ذلك فهو مقصّر.
وذكر في الإحياء أن آداب القراءة عشرة، أي: الآداب الباطنية:
الأول: فَهْمُ عظمة الكلام وعُلوّه، وفضل الله سبحانه بخلقه، في نزوله عن عرش جلاله، إلى درجة أفهام خلقه، فلولا استتار كُنه جلال كلام الله تعالى، بكسوة الحروف، لما ثبت لكلام الله عرش ولا ثرى، ولَتَلاشى ما بينهما من عظمة سلطانه، ولولا تثبيت الله موسى عليه السلام ما أطاق سماع كلامه، كما لم يطق الجبل مبادر نوره.
الثاني: تعظيم المتكلم به، وهو الله سبحانه، فيخطر في قلبه عظمة المتكلم، ويعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن في تلاوة كتابه غاية الخطر، ولهذا كان عكرمة إذا نشر المصحف غشي عليه.
الثالث: حضور القلب، وترك حديث النفس، فإذا قرأ آية غافلاً أعادها.
الرابع: التدبُّر، وهو وراء الحضور، فإنه قد لا يتفكّر في غير القرآن، ولكنه مقتصر على سماع القرآن من نفسه وهو لا يتدبّره. قال عليٌّ رضي الله عنه: لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا خير في قراءة لا تدبُّر فيها.
الخامس: التفهُّم، وهو أن يستوضح كل آية ما يليق بها؛ إذ القرآن مشتمل على ذكر صفات الله تعالى، وذكر أفعاله، وذكر أحوال أنبيائه عليهم السلام، وذكر أحوال المكذّبين، وكيف أُهلكوا، وذكر أوامره وزواجره، وذكر الجنة والنار، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: مَن أراد علم الأولين والآخرين فليثوّر القرآن أي: فإنه مشتمل على فعل الله، وصفاته، وكشف أسرار ذاته، لمَن تأمّله حق تأمله.
السادس: التخلي عن موانع الفهم، ومعظمها أربعة: أولها: صرف الهمة إلى إخراج الحروف من مخارجها، وهذا تولى حفظه شيطان وُكل بالقراء. وكذلك الاشتغال بضبط رواياته، فأنى تنكشف لهذا أسرار المعاني. ثانيها: أن يكون مقيَّداً بمذهب، أخذه بالتقليد، وجمد عليه، فهذا شخص قيَّده معتقدُه، فلا يمكن أن يخْطر بباله غير معتقده، فلا يتبجّر في معاني القرآن؛ لأنه مقيّد بما جمد عليه. ثالثها: أن يكون مصرًّا على ذنب، أو متصفاً بكبر، أو: مبتلى بهوى في الدنيا، وبهذا ابتلى كثير من الناس، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَاتِىَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فى الأَرْضِ} [الأعراف: 146] أي: عن فهم آياتي. رابعها: أن يكون قد قرأ تفسيراً ظاهراً، واعتقد أنه لا معنى لكلمات القرآن إلا ما يتناوله النقل عن ابن عباس وغيره، وأمَّا ما وراء ذلك تفسير بالرأي، فهذا أيضاً من أعظم الحُجب؛ فإن القرآن العظيم له ظاهر وباطن، وحدّ ومُطلع، فالفهم فيه لا ينقطع إلى الأبد، فهو بحر مبذول، يغرف منه كل واحد على قدر وسعه، إلى يوم القيامة.
السابع: التخصيص، وهو أن يعتقد أن المقصود بكل خطاب في القرآن، فإن سمع أمراً أو نهياً، قدر أنه المأمور والمنهي، وكذلك إن سمع وعداً ووعيداً، وإن سمع قصص الأولين عَلِمَ أن المقصود به الاعتبار، ليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه، ويتقوّى إيمانه، قال تعالى: {وَكُّلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بشهِ فُؤَادَكَ} [هود: 120] فالقرآن لم ينزل خاصّاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو شفاء ورحمة ونور للعالمين، فيثبت فؤاد كل مَن يسمعه.
الثامن: التأثير، وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة، بحسب اختلاف الآيات، فيكون له بحسب كل فهم حال ووجد، يتصف به قلبه؛ من الخوف، والرجاء، والقبض، والبسط، وغير ذلك.
التاسع: الترقي وهو أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من الله سبحانه، لا من نفسه، ولا من غيره. فدرجات القرآن ثلاث: أدناها: أن يُقدر العبد كأنه يقرأ على الله تعالى، واقفاً بين يديه، فيكون حاله السؤال والتملُّق. ثانيها: أن يشهد بقلبه كأن الله تعالى يُخاطبه بألفاظه، ويُناجيه بإنعامه وإحسانه، فمقامه الحياء والتعظيم. الثالثة: أن يرى في الكلام المتكلِّم، فلا ينظر إلى نفسه، ولا إلى قراءته، بل يكون مقصور الهم على المتكلم، مستغرقاً في شهوده، وهذه درجة المقرَّبين، وما قبلها درجة أصحاب اليمين، وما خرج عن هذا فهو درجة الغافلين. وعن الدرجة العليا أخبر جعفر الصادق رضي الله عنه بقوله: والله لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه ولكن لا يُبصرون. اهـ. وقال بعض الحكماء: كنتُ أقرأ القرآن ولا أجد حلاوة، حتى تلوته كأنه أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوه على أصحابه، ثم رُفعت إلى مقام، كأني أسمعه من جبريل، يلقيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء الله بمنزلة أخرى، فأنا الآن أسمعه من المتكلِّم به، فعندها وجدت له لذة ونعيماً لا أصبر عنه.
العاشر: التبري، وهو أن يتبرأ من حوله، وقوته، والالتفات إلى نفسه بعين الرضا. انظر بقية كلامه فقد اختصرناه غاية.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال