سورة الزمر / الآية رقم 23 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الخِزْيَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِياًّ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ

الزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (23)}
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} يعني القرآن لما قال: {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} بين أن أحسن ما يسمع ما أنزله الله وهو القرآن. قال سعد بن أبي وقاص قال أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو حدثتنا فانزل اله عز وجل: {الله نزل أحسن الحديث} فقالوا: لو قصصت علينا فنزل {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} فقالوا: لو ذكرتنا فنزل {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} الآية. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملموا ملة فقالوا له: حدثنا فنزلت. والحديث ما يحدث به المحدث. وسمي القرآن حديثا، لان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يحدث به أصحابه وقومه، وهو كقوله: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} وقوله: {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} وقوله: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ} [القلم: 4 4] قال القشيري: وتوهم قوم أن الحديث من الحدوث فيدل على أن كلامه محدث وهو وهم، لأنه لا يريد لفظ الحديث على ما في قوله: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وقد قالوا: إن الحدوث يرجع إلى التلاوة لا إلى المتلو، وهو كالذكر مع المذكور إذا ذكرنا أسماء الرب تعالى. {كِتاباً} نصب على البدل من {أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} ويحتمل أن يكون حالا منه. {مُتَشابِهاً} يشبه بعضه بعضا في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف.
وقال قتادة: يشبه بعضه بعضا في الآي والحروف.
وقيل: يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه، لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب وإن كان أعم وأعجز. ثم وصفه فقال: {مَثانِيَ} تثنى فيه القصص والمواعظ والأحكام وثني للتلاوة فلا يمل. {تَقْشَعِرُّ} تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد. {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} أي عند آية الرحمة.
وقيل: الى العمل بكتاب الله والتصديق به.
وقيل: {إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} يعني الإسلام.
الثانية: عن أسماء بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قرى عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم. قيل لها: فان أناسا اليوم إذا قرى عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه. فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وقال سعيد بن عبد الرحمن الجمحي: مر ابن عمر برجل من أهل القرآن ساقطا فقال: ما بال هذا؟ قالوا: إنه إذا قرى عليه القرآن وسمع ذكر الله سقط. فقال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط. ثم قال: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى الله عليه سلم.
وقال عمر بن عبد العزيز: ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرى عليهم القرآن فقال: بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطا رجليه، ثم يقرأ عليه القرآن من أوله الى آخره فان رمى بنفسه فهو صادق.
وقال أبو عمران الجوني: وعظ موسى عليه السلام بنى إسرائيل ذات يوم فشق رجل قميصه، فأوحى الله الى موسى، قل لصاحب القميص لا يشق قميصه فانى لا أحب المبذرين، يشرح لي عن قلبه. قال زيد بن أسلم: ذرأ أبي بن كعب عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه أصحابه فرقوا فقأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة». وعن العباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «إذا اقشعر جلد المؤمن من مخافة الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها». وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «ما اقشعر جلد عبد من خشية الله إلا حرمه الله على النار». وعن شهر بن حوشب عن أم الدپرداء قالت: إنما الوجل في قلب الرجل كاحتراق السعفة، أما تجد إلا قشعريرة؟ قلت: بلى، قالت: فادع الله فإن الدعاء عند ذلك مستجاب. وعن ثابت البناني قال: قال فلان: إني لأعلم متى يستجاب لي. قالوا: ومن أين تعلم ذلك؟ قال: إذا اقشعر جلدي، ووجل قلبي، وفاضت عيناي، فذلك حين يستجاب لي. يقال: اقشعر جلد الرجل اقشعرارا فهو مقشعر والجمع قشاعر فتحذف الميم، لأنها زائدة، يقال أخذته قشعريرة. قال امرؤ القيس:
فبت أكابد ليل التمام *** ووالقلب من خشية مقشعر
وقيل: إن القرآن لما كان في غاية الجزالة والبلاغة، فكانوا إذا رأوا عجز هم عن معارضته، اقشعرت الجلود منه إعظاما له، وتعجبا من حسن ترصيعه وتهيبا لما فيه، وهو كقوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21] فالتصدع قريب من الاقشعرار، والخشوع قريب من قوله: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} ومعنى لين القلب رقته وطمأنينته وسكونه. {ذلِكَ هُدَى اللَّهِ} أي القرآن هدى الله.
وقيل: أي الذي وهبه الله لهؤلاء منخشية عقابه ورجاء ثوابه هدى الله. {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ} أي من خذله فلا مرشد له. وهو يرد على القدرية وغيرهم. وقد مضى معنى هذا كله مستوفى في غير موضع والحمد لله. ووقف ابن كثير وابن محيصن على قوله: {هادٍ} في الموضعين بالياء، الباقون بغير ياء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال