سورة آل عمران / الآية رقم 116 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116)}
يظن الكافرون أن الأموال والأولاد قد تغني من الله، إنهم لا يحسنون التقدير، فالأموال والأولاد هما من مظان الفتنة مصداقا لقوله تعالى: {واعلموا أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28].
وما دامت الأموال والأولاد فتنة فلابد أن نفهم الأمر على حقيقته؛ فالفتنة ليست مذمومة في ذاتها؛ لأن معناها اختبار وامتحان، وقد يمر الإنسان بالفتنة، وينجح. كأن يكون عنده الأموال والأولاد، وهم فتنة بالفعل فلا يغره المال بل إنه استعمله في الخير، والأولاد لم يصيبوه بالغرور بل علمهم حمل منهج الله وجعلهم ينشأون على النماذج السلوكية في الدين، لذلك فساعة يسمع الإنسان أي أمر فيه فتنة فلا يظن أنها أمر سيء بل عليه أن يتذكر أن الفتنة هي اختبار وابتلاء وامتحان، وعلى الإنسان أن ينجح مع هذه الفتنة؛ فالفتنة إنما تضر من يخفق ويضعف عند مواجهتها. والكافرون لا ينجحون في فتنة الأموال والأولاد، بل سوف يأتي يوم لا يملكون فيه هذا المال، ولا أولئك الأولاد، وحتى إن ملكوا المال فلن يشتروا به في الآخرة شيئا، وسيكون كل واحد من أولادهم مشغولا بنفسه، مصداقا لقول الحق: {ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ واخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور} [لقمان: 33].
إن كل امرئ له يوم القيامة شأن يلهيه عن الآخرين، والكافرون في الدنيا مشغولون بأموالهم وأولادهم وعندما نتأمل قوله: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ} نجد أننا نقول: أغناه عن كذا أي جعله في استغناء فمن هو الغَنيُّ إذن؟ الغني هو من تكون له ذاتية غير محتاجة إلى غيره، فإن كان جائعا فهو لا يأَكل من يد الغير، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الغني عن كثرة العرض، ولكن الغني غنى النفس».
والمقصود بالعَرَض هو متاع الحياة الدنيا قلّ أو كثر، ومتاع، وعرض الدنيا كالماء المالح، كلما شربت منه ازددت ظمأ. إن الكافر من هؤلاء يخدع نفسه ويغشها، ويغتر بالمال والأولاد وينسى أن الحياة تسير بأمر من يملك الملك كله، إن الكافر يأخذ مسألة الحياة في غير موقعها، فالغرور بالمال والأولاد في الحياة أمر خادع، فالإنسان يستطيع أن يعيش الحياة بلا مال أو أولاد. ومن يغتر بالمال أو الأولاد في الحياة يأتي يوم القيامة ويجد أمواله وأولاده حسرة عليه لماذا؟ لأنه كلما تذكر أن المال والأولاد أبعداه عما يؤهله لهذا الموقف فهو يعاني من الأسى ويقع في الحسرة.
ويقول الحق سبحانه عن هذا المغتر بالمال والأولاد وهو كافر بالله: {وأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وهذا مصير يليق بمن يقع في خديعة نفسه بالمال أو الأولاد.
وكيف يكون الإنسان صاحباً للنار؟ لنعرف أولا معنى كلمة (الصاحب)، إن الصاحب هو الملازم؛ فنحن نقول: فلان صاحب فلان أي ملازمه، لكن من أين تبدأ الصحبة؟. إن الذي يبدأ الصحبة هو (فلان) الأول، ل (فلان الثاني) الذي يقبل الصحبة أو يرفضها، وهذا أمر قد نعرفه وقد لا نعرفه، وعن الصحبة مع النار نرى أن الإنسان يلوم نفسه ويؤنبها على أنه اختار النار وصاحبها.
ألسنا نرى في الحياة إنسانا قد ارتكب ذنبا وأصابه ضرر، فيضرب نفسه ويقول: أنا الذي استأهل ما نزل بي وأستحقه، وكذلك الإنسان الكافر يجد نفسه يوم القيامة، وهو يدخل النار، ويقول لنفسه: أنا أستحق ما فعلته بنفسي، وتقول النار لحظتها ردا على سؤال الحق لها: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: 30].
وفي الآخرة نرى أبعاض الإنسان الكافر وهي تبغض صاحبها، فإذا كان للإنسان ولاية على أبعاضه في الدنيا، وهي خاضعة لإرادته إلا أن هذه الأبعاض تأتي يوم القيامة وصاحبها خاضع لإرادتها. إن الظالم يقول ليده في الدنيا، (اضربي فلانا وشددى الصفعة) فلم تعصه يده في الدنيا؛ لأن الله خلقها خاضعة لإرادته، والظالم لنفسه بالكفر يأمر لسانه أن ينطق كلمة الكفر، فلا يعصاه اللسان في الدنيا، لماذا؟ لأن أبعاضه خاضعة لإرادته في الحياة الدنيا، لكن ذلك الكافر يأتي يوم القيامة وتنعزل عن إرادته، فتتحرر أبعاضه، ولا تكون مرغمة على أن تفعل الأفعال التي لا ترتضيها، وتتمرد الأبعاض على صاحبها، وتشهد عليه. قد يقول قائل: ولكن الأبعاض هي التي تتعذب. نعم، ولكنها تقبل العذاب تكفيرا عما فعلت.
إذن فالصحبة تبدأ من الأبعاض للنار {وأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فإن رأينا كفارا يعملون خيرا في الدنيا فليحذر كل منا نفسه قائلا: إياك يا نفس أن تنخدعي بذلك الخير. لماذا؟ لأن الكافر يعيش كفر القمة، وكل عمل مع كفر القمة هو عمل حابط عند الله، وإن كان غير حابط عند الناس. وبعد ذلك يقول الحق عن هؤلاء الكافرين: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هذه الحياة الدنيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظلموا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال