سورة الزمر / الآية رقم 68 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكَافِرِينَ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبِّرِينَ وَسِيقَ الَذينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَوَقَالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ

الزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (68)}
قوله تعالى: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} قال المبرد: ما عظموه حق عظمته من قولك فلان عظيم القدر، قال النحاس: والمعنى على هذا وما عظموه حق عظمته إذ عبدوا معه غيره وهو خالق الأشياء ومالكها، ثم أخبر عن قدرته وعظمته فقال: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}. ثم نزه نفسه عن أن يكون ذلك بجارحة فقال: {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. وفى الترمذي عن عبد الله قال: جاء يهودي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك، فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه ثم قال: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. قال: هذا حديث حسن صحيح. وفى البخاري ومسلم عن أبى هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوى السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض». وفى الترمذي عن عائشة أنها سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} قالت: قلت فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: «على جسر جهنم» في رواية: «على الصراط يا عائشة» قال: حديث حسن صحيح، وقوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ} ويقبض الله الأرض عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته، يقال ما فلان إلا في قبضتي، بمعنى ما فلان إلا في قدرتي، والناس يقولون الأشياء في قبضته يريدون في ملكه وقدرته، وقد يكون معنى القبض والطي إفناء الشيء وإذهابه فقوله جل وعز: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ} يحتمل أن يكون المراد به والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة، والمراد بالأرض الأرضون السبع، يشهد لذلك شاهدان قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً} ولان الموضع موضع تفخيم وهو مقتض للمبالغة، وقوله: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب، يقال: قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره، وانطوى عنا دهر بمعنى المضي والذهاب، واليمين في كلام العرب قد تون بمعنى القدرة والملك، ومنه قوله تعالى: {أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} يريد بن الملك، وقال: {لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي بالقوة والقدرة أي لأخذنا قوته وقدرته، قال الفراء والمبرد: اليمين القوة والقدرة، وأنشداء:
إذا ما رآية رفعت لمجد *** تلقاها عرابة باليمين
وقال آخر:
ولما رأيت الشمس أشرق نورها *** تناولت منها حاجتي بيمين
قتلت شنيفا ثم فاران بعده *** وكان على الآيات غير أمين
وإنما خص يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة لكل شيء أيضا، لان الدعاوى تنقطع ذلك اليوم، كما قال: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وقال: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} حسب ما تقدم في {الفاتحة} ولذلك قال في الحديث: {ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض} وقد زدنا هذا الباب في التذكرة بيانا، وتكلمنا على ذكر الشمال في حديث ابن عمر، قوله: {ثم يطوى الأرض بشماله}. قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} بين ما يكون بعد قبض الأرض وطي السماء وهو النفخ في الصور، وإنما هما نفختان، يموت الخلق في الأولى منهما ويحيون في الثانية. وقد مضى الكلام في هذا في {النمل} و{الأنعام} أيضا، والذي ينفخ في الصور هو إسرافيل عليه السلام، وقد قيل: إنه يكون معه جبريل لحديث أبى سعيد الخدري قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن صاحبي الصور بأيديهما- أو في أيديهما- قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران» خرجه ابن ماجه في السنن، وفى كتاب أبى داود عن أبى سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صاحب الصور، وقال: «عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل» واختلف في المستثنى من هم؟ فقيل: هم الشهداء متقلدين أسيافهم حول العرش. روى مرفوعا من حديث أبى هريرة فيما ذكر القشيري، ومن حديث عبد الله بن عمر فيما ذكر الثعلبي، وقيل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام.
وروى من حديث أنس: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ} فقالوا: يا نبي الله من هم الذين استثنى الله تعالى؟ قال: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فيقول الله لملك الموت يا ملك الموت من بقي من خلقي وهو أعلم فيقول يا رب بقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت فيقول الله تعالى خذ نفس إسرافيل وميكائيل فيخران ميتين كالطودين العظيمين فيقول مت يا ملك الموت فيموت فيقول الله تعالى لجبريل يا جبريل من بقي فيقول تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام وجهك الباقي الدائم وجبريل الميت الفاني فيقول الله تعالى يا جبريل لأبد من موتك فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول سبحانك ربى تبارك وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إن فضل خلقه على خلق ميكائيل كالطود العظيم على الظرب من الظراب» ذكره الثعلبي، وذكره النحاس أيضا من حديث محمد بن إسحاق، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله جل وعز: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ} قال: «جبرئيل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت وإسرافيل» وفى هذا الحديث: «إن آخرهم موتا جبريل عليه وعليهم السلام» وحديث أبى هريرة في الشهداء أصح على ما تقدم في النمل، وقال الضحاك: هو رضوان والحور ومالك والزبانية.
وقيل: عقارب أهل النار وحياتها.
وقال الحسن: هو الله الواحد القهار وما يدع أحد من أهل السماء والأرض إلا أذاقه الموت.
وقال قتادة: الله أعلم بثنياه، وقيل: الاستثناء في قوله: {إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ} يرجع إلى من مات قبل النفخة الأولى، أي فيموت من في السموات والأرض إلا من سبق موته، لأنهم كانوا قد ماتوا، وفي الصحيحين وابن ماجه واللفظ له عن أبى هريرة قال قال رجل من اليهود بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه، قال: تقول هذا وفينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «قال الله عز وجل: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} فأكون أول من رفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدرى أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله ومن قال أنا خير من يونس بن متى كذب» وخرجه الترمذي أيضا وقال فيه: حديث حسن صحيح، قال القشيري: ومن حمل الاستثناء على موسى والشهداء فهؤلاء قد ماتوا غير أنهم أحياء عند الله، فيجوز أن تكون الصعقة بزوال العقل دون زوال الحياة، ويجوز أن تكون بالموت، ولا يبعد أن تكون الموت والحياة فكل ذلك مما يجوزه العقل، والامر في وقوعه موقوف على خبر صدق قلت: جاء في بعض طرق أبى هريرة أنه عليه السلام قال: «لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله» خرجه مسلم، ونحوه عن أبى سعيد الخدري، والإفاقة إنما تكون عن غشية وزوال عقل لا عن موت برد الحياة، والله أعلم. قوله تعالى: {فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} أي فإذا الأموات من أهل الأرض والسماء أحياء بعثوا من قبورهم، وأعيدت إليهم أبدانهم وأرواحهم، فقاموا ينظرون ماذا يؤمرون وقيل: قيام على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي وعدوا به، وقيل: هذا النظر بمعنى الانتظار، أي ينتظرون ما يفعل بهم، وأجاز الكسائي قياما بالنصب، كما تقول: خرجت فإذا زيد جالسا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال