سورة غافر / الآية رقم 8 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو العَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ

غافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)}
يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حَمَلة العرش الأربعة، ومن حوله من الكروبيين، بأنهم يسبحون بحمد ربهم، أي: يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص، والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح، {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} أي: خاشعون له أذلاء بين يديه، وأنهم {يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} أي: من أهل الأرض ممن آمن بالغيب، فقيض الله سبحانه ملائكته المقربين أن يَدْعُوا للمؤمنين بظهر الغيب، ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام، كانوا يُؤمِّنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب، كما ثبت في صحيح مسلم: «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله».
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد- هو ابن أبي شيبة- حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَدّق أمية في شيء من شعره، فقال:
رَجُلٌ وَثَور تَحْتَ رِجْل يَمينه *** وَالنَّسْرُ للأخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدق». فقال:
وَالشمس تَطلعُ كل آخر لَيْلةٍ *** حَمْراءُ يُصْبحُ لَونُها يَتَوَرّدُ
تَأبَى فَما تَطلُع لَنَا في رِسْلها *** إلا معَذّبَة وَإلا تُجْلدَ
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق».
وهذا إسناد جيد: وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية، كما قال تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17].
وهنا سؤال وهو أن يقال: ما الجمع بين المفهوم من هذه الآية، ودلالة هذا الحديث؟ وبين الحديث الذي رواه أبو داود:
حدثنا محمد بن الصباح البزار، حدثنا الوليد بن أبي ثور، عن سِماك، عن عبد الله بن عَمِيرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، قال: كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت بهم سحابة، فنظر إليها فقال: «ما تسمون هذه؟» قالوا: السحاب. قال: «والمزن؟» قالوا: والمزن. قال: «والعَنَان؟» قالوا: والعنان- قال أبو داود: ولم أتقن العنان جيدًا- قال: «هل تدرون بُعْدَ ما بين السماء والأرض؟» قالوا: لا ندري. قال: «بُعد ما بينهما إما واحدة، أو اثنتان، أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك» حتى عَدّ سبع سموات «ثم فوق السماء السابعة بحر، بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوْعَال، بين أظلافهن ورُكبهن مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله، عز وجل، فوق ذلك» ثم رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، من حديث سماك بن حرب، به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وهذا يقتضي أن حملة العرش ثمانية، كما قال شَهْر بن حَوْشَب: حملة العرش ثمانية، أربعة يقولون: «سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك». وأربعة يقولون: «سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك».
ولهذا يقولون إذا استغفروا للذين آمنوا: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} أي: إن رحمتك تَسَع ذنوبهم وخطاياهم، وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم، {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} أي: فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا عما كانوا فيه، واتبعوا ما أمرتهم به، من فعل الخيرات وترك المنكرات، {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} أي: وزحزحهم عن عذاب الجحيم، وهو العذاب الموجع الأليم.
{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} أي: اجمع بينهم وبينهم، لتقر بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة، كما قال تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] أي: ساوينا بين الكل في المنزلة، لتقر أعينهم، وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني، بل رفعنا الناقص في العمل، فساويناه بكثير العمل، تفضلا منا ومنة.
قال سعيد بن جبير: إن المؤمن إذا دخل الجنة سأل عن أبيه وابنه وأخيه، وأين هم؟ فيقال: إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل فيقول: إني إنما عملت لي ولهم. فَيُلحَقُونَ به في الدرجة، ثم تلا سعيد بن جبير هذه الآية: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
قال مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير: أنصحُ عبادِ الله للمؤمنين الملائكةُ، ثم تلا هذه الآية: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} وأغشُّ عباد الله للمؤمنين الشياطينُ.
وقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي: الذي لا يمانع ولا يغالب، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، الحكيم في أقوالك وأفعالك، من شرعك وقدرك.
{وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ} أي: فعلها أو وَبالها ممن وقعت منه، {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ} أي: يوم القيامة، {فَقَدْ رَحِمْتَهُ} أي: لطفت به ونجيته من العقوبة، {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال