سورة غافر / الآية رقم 28 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحِسَابِ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ يَا قَوْمِ لَكُمُ المُلْكُ اليَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ

غافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)}
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ} ذكر بعض المفسرين: أن اسم هذا الرجل حبيب.
وقيل: شمعان بالشين المعجمة. قال السهيلي: وهو أصح ما قيل فيه.
وفي تاريخ الطبري رحمه الله: اسمه خبرك.
وقيل: حزقيل. ذكره الثعلبي عن ابن عباس وأكثر العلماء. الزمخشري: واسمه سمعان أو حبيب.
وقيل: خربيل أو حزبيل. واختلف هل كان إسرائيليا أو قبطيا فقال الحسن وغيره: كان قبطيا. ويقال: إنه كان ابن عم فرعون، قاله السدي. قال: وهو الذي نجا مع موسى عليه السلام، ولهذا قال: {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} وهذا الرجل هو المراد بقوله تعالى: {وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى} [القصص: 20] الآية. وهذا قول مقاتل.
وقال ابن عباس: لم يكن من آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى فقال: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: 20]. وروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «الصديقون حبيب النجار مؤمن آل يس ومؤمن آل فرعون الذي قال أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ والثالث أبو بكر الصديق وهو أفضلهم» وفي هذا تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي لا تعجب من مشركي قومك. وكان هذا الرجل له وجاهة عند فرعون، فلهذا لم يتعرض له بسوء.
وقيل: كان هذا الرجل من بني إسرائيل يكتم إيمانه من آل فرعون، عن السدي أيضا. ففي الكلام على هذا تقديم ف {من} عنده متعلقة بمحذوف صفة لرجل، تأخير، والتقدير: وقال رجل مؤمن منسوب من آل فرعون. أي من أهله وأقاربه. ومن جعله إسرائيليا ف {مُؤْمِنٌ} متعلقة ب {يَكْتُمُ} في موضع المفعول الثاني ل {يَكْتُمُ}. القشيري: ومن جعله إسرائيليا ففيه بعد، لأنه يقال كتمه أمر كذا ولا يقال كتم منه. قال الله تعالى: {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} [النساء: 42] وأيضا ما كان فرعون يحتمل من بني إسرائيل مثل هذا القول.
الثانية: قوله تعالى: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} أي لان يقول ومن أجل {أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} ومن أجل {أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} ف {أن} في موضع نصب بنزع الخافض. {وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ} يعني الآيات التسع {مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} ولم يكن ذلك لشك منه في رسالته وصدقه، ولكم تلطفا في الاستكفاف واستنزلا عن الأذى. ولو كان و{إن يكن} بالنون جاز ولكم حذفت النون لكثرة الاستعمال على قول سيبويه، ولأنها نون الاعراب على قول أبى العباس. {وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} أي إن لم يصبكم الا بعض الذي يعدكم به هلكتم. ومذهب أبى عبيدة أن معنى {بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} كل الذي يعدكم، وأنشد قول لبيد:
تراك أمكنه إذا لم أرضها *** او يرتبط بعض النفوس حمامها
فبعض بمعنى كل لان البعض إذا أصابهم أصابهم الكل لا محالة لدخوله في الوعيد، وهذا ترقيق الكلام في الوعظ. وذكر الماوردي: أن البعض قد يستعمل في موضع الكل تلطفا في الخطاب وتوسعا في الكلام، كما قال الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ***- وقد يكون مع المتعجل الزلل
وقيل أيضا: قال ذلك لأنه حذرهم أنواعا من العذاب كل نوع منها مهلك فكأنه حذرهم أن يصيبهم بعض تلك الأنواع. وقيل وعدهم موسى بعذاب الدنيا أو بعذاب الآخرة إن كفروا فالمعنى يصبكم أحد العذابين.
وقيل: أي يصبكم هذا العذاب الذي يقوله في الدنيا وهو بعض الوعيد، ثم يترادف العذاب في الآخرة أيضا.
وقيل: وعدهم العذاب إن كفروا والثواب ان آمنوا، فإذا كفروا يصيبهم بعض ما وعدوا. {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} على نفسه {كَذَّابٌ} على ربه إشارة الى موسى ويكون هذا من قول المؤمن.
وقيل: {مُسْرِفٌ} في عناده {كَذَّابٌ} في ادعائه اشارة الى فرعون ويكون هذا من قول الله تعالى.
الثالثة: قوله تعالى: {يَكْتُمُ إِيمانَهُ} قال القاضي أبو بكر بن العربي: ظن بعضهم أن المكلف إذا كتم إيمانه ولم يتلفظ به بلسانه لا يكون مؤمنا باعتقاده، وقد قال مالك: إن الرجل إذا نوى الكفر بقلبه كان كافرا وإن لم يتلفظ بلسانه، وأما إذا نوى الايمان بقلبه فلا يكون مؤمنا بحال حتى يتلفظ بلسانه، ولا تمنعه التقية والخوف من أن يتلفظ بلسانه فيما بينه وبين الله تعالى، انما تمنعه من أن يسمعه غيره، وليس من شرط الايمان أن يسمعه الغير في صحته من التكليف، وإنما يشترط سماع الغير له ليكف عن نفسه وماله. الر أبعه- روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني باشد ما صنعه المشركون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: بينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفناء الكعبة، وإذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر بمنكبه ودفع عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ} لفظ البخاري. خرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: اجتمعت قريش بعد وفاة أبي طالب بثلاث فأرادوا قتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقبل هذا يجوؤه وهذا يتلتله، فاستغاث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان، فأقبل يجأ ذا ويتلتل ذا ويقول بأعلى صوته: ويلكم: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} والله إنه لرسول الله، فقطعت إحدى ضفيرتي أبي بكر يومئذ. فقال علي: والله ليوم أبي بكر خير من مؤمن آل فرعون، إن ذلك رجل كتم إيمانه، فأثنى الله عليه في كتابه، وهذا أبو بكر أظهر إيمانه وبذل مال ودمه لله عز وجل. قلت: قول علي رضي الله عنه إن ذلك رجل كتم إيمانه يريد في أول أمره بخلاف الصديق فإنه أظهر إيمانه ولم يكتمه، وإلا فالقرآن مصرح بأن مؤمن آل فرعون أظهر إيمانه لما أرادوا قتل موسى عليه السلام على ما يأتي بيانه. في نوادر الأصول أيضا عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالوا لها: ما أشد شيء رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: كان المشركون قعودا في المسجد، ويتذاكرون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يقول في آلهتهم، فبينا هم كذلك إذ دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاموا إليه بأجمعهم وكانوا إذا سألوه عن شيء صدقهم، فقالوا: الست تقول كذا في آلهتنا قال: {بلى} فتشبثوا فيه بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقال له: أدرك صاحبك. فخرج من عندنا وإن له غدائر، فدخل المسجد وهو يقول: ويلكم {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ} فلهوا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا جاء معه، وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام، إكرام إكرام.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال