سورة غافر / الآية رقم 85 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُـلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ المُبْطِلُونَ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفُلْكِ تُحْمَلُونَ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِّنَ العِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكَافِرُونَ

غافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}
{فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمانهم لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا} أي عند رؤية عذابنا لأن الحكمة الإلهية قضت أن لا يقبل مثل ذلك الإيمان، و{أيمانهم} رفع بيك اسمًا لها أو فاعل {يَنفَعُهُمْ} وفي {يَكُ} ضمير الشأن على الخلاف الذي في كان يقوم زيد، ودخل حرف النفي على الكون لا على النفع لإفادة معنى نفي الصحة فكأنه لم يصح ولم يستقم حكمة نفع إيمانهم إياهم عند رؤية العذاب، وههنا أربعة فاءات فاء {فَمَا أغنى} [غافر: 82] وفاء {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ} [غافر: 83] وفاء {فَلَمَّا رَأَوْاْ} وفاء {فَلَمْ يَكُ} فالفاء الأولى: مثلها في نحو قولك: رزق المال فمنع المعروف فما بعدها نتيجة مآلية لما كانوا فيه من التكاثر بالأموال والأولاد والتمتع بالحصون ونحوها، والثانية: تفسيرية مثلها في قولك: فلم يحسن إلى الفقراء بعد فمنع المعروف في المثال فما بعدها إلى قوله تعالى: {وَحَاقَ بِهِم} [غافر: 83] إيضاح لذلك المجمل وأنه كيف انتهى بهم الأمر إلى عكس ما أملوه وأنهم كيف جمعوا واحتشدوا وأوسعوا في إطفاء نور الله وكيف حاق المكر السيء بأهله إذ كان في قوله سبحانه: {فَمَا أغنى عَنْهُمْ} إيماءً بأنهم زاولوا أن يجعلوها مغنية، والثالثة: للتعقيب، وجعل ما بعدها تابعًا لما قبلها واقعًا عقيبه {فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا} مترتب على قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ} إلخ تابع له لأنه نزلة فكفروا إلا أن {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ} الآية بيان كفر مفصل مشتمل على سوء معاملتهم وكفرانهم بنعمة الله تعالى العظمى من الكتاب والرسول فكأنه قيل: فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا، ومثلها الفاء الرابعة فما بعدها عطف على آمنوا دلالة على أن عدم نفع إيمانهم ورده عليهم تابع للإيمان عند رؤية العذاب كأنه قيل: فلما رأوا بأسنا آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم إذ النافع إيمان الاختيار {سُنَّتُ الله التى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ} أي سن الله تعالى ذلك أعني عدم نفع الإيمان عند رؤية البأس سنة ماضية في البعاد، وهي من المصادر المؤكدة ك {وعد} [النساء: 122] الله {وصبغة الله} [البقرة: 138] وجوز انتصابها على التحذير أي احذروا يا أهل مكة سنة الله تعالى في أعداء الرسل.
{وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون} أي وقت رؤيتهم البأس على أنه اسم مكان قد استعير للزمان كما سلف آنفًا، وهذا الحكم خاص بإيمان البأس وأما توبة البأس فهي مقبولة نافعة بفضل الله تعالى وكرمه، والفرق ظاهر.
وعن بعض الأكابر أن إيمان البأس مقبول أيضًا ومعنى {فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمانهم لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا} أن نفس إيمانهم لم ينفعهم وإنما نفعهم الله تعالى حقيقة به، ولا يخفى عليك حال هذا التأويل وما كان من ذلك القبيل والله تعالى أعلم.
ومن باب الإشارة في بعض الآيات: على ما أشار إليه بعض السادات {حم} [غافر: 1] إشارة إلى ما أفيض على قلب محمد صلى الله عليه وسلم من الرحمن فإن الحاء والميم من وسط الاسمين الكريمين، وفي ذلك أيضًا سر لا يجوز كشفه ولما صدرت السورة بما أشار إلى الرحمة وأنها وصف المدعو إليه والداعي ذكر بعد من صفات المدعو إليه وهو الله عز وجل ما يدل على عظم الرحمة وسبقها، وفي ذلك من بشار المدعو ما فيه.
{الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} [غافر: 7] إلخ فيه إشارة إلى شرف الإيمان وجلالة قدر المؤمنين وإلى أنه ينبغي للمؤمنين من بني آدم أن يستغفر بعضهم لبعض؛ وفي ذلك أيضًا من تأكيد الدلالة على عظم رحمة الله عز وجل ما لا يخفى {فادعوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [غافر: 14] بأن يكون غير مشوب بشيء من مقاصد الدنيا والآخرة {يُلْقِى الروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} قيل: في إطلاق الروح إشارة إلى روح النبوة وهو يلقى على الأنبياء، وروح الولاية ويلقى على العارفين، وروح الدراية ويلقى على المؤمنين الناسكين {لِيُنذِرَ يَوْمَ التلاق} [غافر: 15] قيل التلاقي مع الله تعالى ولا وجود لغيره تعالى وهو مقام الفناء المشار إليه بقوله سبحانه: {يَوْمَ هُم بارزون} من قبور وجودهم {لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَىْء لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} [غافر: 16] إذ ليس في الدار غيره ديار {اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ} من التجلي {ا كَسَبَتْ} في بذل الوجود للمعبود {لاَ ظُلْمَ اليوم} [غافر: 17] فتنال كل نفس من التجلي بقدر بذلها من الوجود لا أقل من ذلك {. {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الازفة إِذِ القلوب لَدَى الحناجر كاظمين} [غافر: 18] هذه قيامة العوام المؤجلة ويشير إلى قيامة الخواص المعجلة لهم، فقد قيل: إن لهم في كل نفس قيامة من العتاب والعقاب والثواب والبعاد والاقتراب وما لم يكن لهم في حساب، وخفقان القلب ينطق والنحول يخبر واللون يفصح والمشوق يستر ولكن البلاء يظهر، وإذا أزف فناء الصفات بلغت القلوب الحناجر وشهدت العيون بما تخفي الضمائر {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاعين وَمَا تُخْفِى الصدور} [غافر: 19] خائنة أعين المحبين استحسانهم تعمد النظر إلى غير المحبوب باستحسان واستلذاذ وما تخفيه الصدور من متمنيات النفوس ومستحسنات القلوب ومرغوبات الأرواح {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قيل أي اطلبوني مني أجبكم فتجدوني ومن وجدني وجد كل شيء فالدعاء الذي لا يرد هو هذا الدعاء، ففي بعض الأخبار من طلبني وجدني {إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى} دعائي وطلبي {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ} الحرمان والبعد مني {داخرين} [غافر: 60] ذليلين مهينين {الله الذى جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِرًا} [غافر: 61] فيه إشارة إلى ليل البشرية ونهار الروحانية، وذكر أن سكون الناس في الليل المعروف على أقسام فأهل الغفلة يسكنون إلى استراحة النفوس والأبدان، وأهل الشهوة يسكنون إلى أمثالهم وأشكالهم من الرجال والنسوان، وأهل الطاعة يسكنون إلى حلاوة أعمالهم وقوة آمالهم.
وأهل المحبة يسكنون إلى أنين النفوس وحنين القلوب وضراعة الإسرار واشتعال الأرواح بالأشواق التي هي أحر من النار {الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الارض قَرَارًا} يشير إلى أنه تعالى جعل أرض البشرية مقرًا للروح {والسماء} بناء أي سماء الروحانية مبنية عليها {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64] بأن جعلكم مرايا جماله وجلاله، وفي الخبر «خلق الله تعالى آدم على صورته» وفي ذلك إشارة إلى رد {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء} [البقرة: 30] ولله تعالى من قال:
ما حطك الواشون عن رتبة *** عندي ولا ضرك مغتاب
كأنهم أثنوا ولم يعلموا *** عليك عندي بالذي عابوا
والكافر لسوء اختياره التحق بالشياطين وصار مظهرًا لصفات القهر من رب العالمين {وما ظلمهم الله ولكن كانوا هم الظالمين}، [الزخرف: 76] تم الكلام على سورة المؤمن والحمد لله أولًا وآخرًا وباطنًا وظاهرًا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال