سورة فصلت / الآية رقم 16 / تفسير تفسير ابن القيم / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

فصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16)}
لا ريب أن الأيام التي أوقع اللّه سبحانه فيها العقوبة بأعدائه وأعداء رسله كانت أياما نحسات عليهم، لأن النحس أصابهم فيها، وإن كانت أيام خير لأوليائه المؤمنين، فهي نحس على المكذبين، سعد للمؤمنين.
وهذا كيوم القيامة، فإنه عسير على الكافرين، يوم نحس لهم، يسير على المؤمنين، يوم سعد لهم.
قال مجاهد: أيام نحسات مشائيم، وقال الضحاك: معناه شديد، أي شديد البرد، حتى كان البرد هذابا لهم.
وقال أبو على: وأنشد الأصمعي في النحس بمعنى البرد:
كأن سلافة عرضت بنحس *** يحيل شفيفها الماء الزلالا
وقال ابن عباس: نحسات متتابعات. وكذلك قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [54: 19].
وكان اليوم نحسا عليهم لإرسال العذاب عليهم فيه، أي لا يقلع فيه، أي لا يقلع عنهم، كما تقلع مصائب الدنيا التي تأتي وتذهب، بل هذا النحس دائم على هؤلاء المكذبين للرسل.
و{مستمر} صفة للنحس، لا لليوم، ومن ظن أنه صفة لليوم، وأنه كان يوم أربعاء آخر شهر، وأن هذا اليوم نحس أبدا. فقد غلط وأخطأ فهم القرآن، فإن اليوم المذكور بحسب ما يقع فيه، فكم للّه من نعمة على أوليائه في هذا اليوم، وكم له فيه من بلايا ونقم على أعدائه، كما يقع ذلك في غيره من الأيام، فسعود الأيام ونحوسها: إنما هو لسعود الأعمال، وموافقتها لمرضاة الرب، ونحوس الأعمال: إنما هو بمخالفتها لما جاءت به الرسل.
واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة، ونحس لطائفة، كما كان يوم بدر يوم سعد للمؤمنين، ويوم نحس على الكافرين.
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [41: 33].
وقال تعالى: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [82: 108] وسواء كان المعنى: أنا ومن اتبعني يدعو إلى اللّه على بصيرة، أو كان الوقف عند قوله: {أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ} ثم يبتدئ: {عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فالقولان متلازمان. فإنه أمره سبحانه أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى اللّه. فمن دعا إلى اللّه تعالى. فهو على سبيل رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه. فالدعوة إلى اللّه تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم. والناس تبع لهم. واللّه سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه وضمن له حفظه وعضمته من الناس.
وهؤلاء المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ اللّه وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم له، وقد أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا.
وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو. لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس. وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم. جعلنا اللّه تعالى منهم بمنه وكرمه.
وهم كما قال عمر بن الخطاب في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له، إذ قال: «الحمد للّه الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصرون بكتاب اللّه أهل العمى، كم من قتيل لا بليس قد أحيوه. وضال قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد. فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم. يغلبونهم في سالف الدهر، وإلى يومنا هذا. فما نسيهم ربك. وما كان ربك نسيا، جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالتهم، فلا تقصر عنهم، فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة».
وقال عبد اللّه بن مسعود: (إن للّه عند كل بدعة كيد بها للإسلام وليا من أوليائه يذب عنها، وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن وتوكلوا على اللّه).
ويكفي في هذا قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لعلي ولمعاذ أيضا: «لأن يهدي بك اللّه رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أحيي شيئا من سنتي كنت أنا وهو في الجنة كهاتين. وضم بين إصبعيه» وقوله: «من دعا إلى الهدى فأتبع عليه كان له مثل أجر من اتبعه إلى يوم القيامة».
فمتى يدرك العامل هذا الفضل العظيم. والحظ الجسيم بشيء من علمه. وإنما ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال