سورة فصلت / الآية رقم 35 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلَيَاؤُكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ وَلاَ تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ

فصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله} إلى عبادته هو رسول الله دعا إلى التوحيد {وَعَمِلَ صالحا} خالصاً {وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ المسلمين} تفاخراً بالإسلام ومعتقداً له، أو أصحابه عليه السلام، أو المؤذنون، أو جميع الهداة والدعاة إلى الله. {وَلاَ تَسْتَوِى الحسنة وَلاَ السيئة ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ} يعني أن الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك كما لو أساء إليك رجل إساءة، فالحسنة أن تعفو عنه، والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك مثل أن يذمك فتمدحه أو يقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه {فَإِذَا الذى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ} فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولي الحميم مصافاة لك. ثم قال: {وَمَا يُلَقَّاهَآ} أي وما يلقي هذه الخصلة التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان {إِلاَّ الذين صَبَرُواْ} إلا أهل الصبر {وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} إلا رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير. وإنما لم يقل (فادفع بالتي هي أحسن) لأنه على تقدير قائل قال: فكيف أصنع؟ فقيل: {ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ} وقيل: (لا) مزيدة للتأكيد والمعنى: لا تستوي الحسنة والسيئة، وكان القياس على هذا التفسير أن يقال: ادفع بالتي هي حسنة، ولكن وضع {التى هِىَ أَحْسَنُ} موضع {الحسنة} ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة، لأن من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: بالتي هي أحسن: الصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة وفسر الحظ بالثواب، وعن الحسن: والله ما عظم حظ دون الجنة، وقيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان عدواً مؤذياً للنبي صلى الله عليه وسلم فصار ولياً مصافياً {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ} النزغ شبه النخس والشيطان ينزغ الإنسان كأنه ينخسه يبعثه على ما لا ينبغي، وجعل النزغ نازغاً كما قيل جد جده، أو أريد وإما ينزغنك نازغ وصفاً للشيطان بالمصدر أو لتسويله، والمعنى وإن صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن {فاستعذ بالله} من شره وامض على حلمك ولا تطعه {إِنَّهُ هُوَ السميع} لاستعاذتك {العليم} بنزغ الشيطان.
{وَمِنْ ءاياته} الدالة على وحدانيته {الليل والنهار} في تعاقبهما على حد معلوم وتناوبهما على قدر مقسوم {والشمس والقمر} في اختصاصهما بسير مقدور ونور مقرر {لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ} فإنهما مخلوقان وإن كثرت منافعهما {واسجدوا لِلَّهِ الذى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} الضمير في {خَلَقَهُنَّ} للآيات أو الليل والنهار والشمس والقمر، لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الأنثى أو الإناث، تقول: الأقلام بريتها وبريتهن، ولعل ناساً منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لها السجود لله تعالى، فنهوا عن هذه الواسطة وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله خالصاً إن كانوا إياه يعبدون وكانوا موحدين غير مشركين، فإن من عبد مع الله غيره لا يكون عابداً لله.
{فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبِّكَ} أي الملائكة {يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ} لا يملون. والمعنى فإن استكبروا ولم يمتثلوا ما أمروا به وأبوا إلا الواسطة وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله خالصاً، فدعهم وشأنهم فإن الله تعالى لا يعدم عابد أو ساجد بالإخلاص وله العباد المقربون الذين ينزهونه بالليل والنهار عن الأنداد. و{عِندَ رَبّكَ} عبارة عن الزلفى والمكانة والكرامة. وموضع السجدة عندنا {لاَ يَسْئَمُونَ} وعند الشافعي رحمه الله عند {تَعْبُدُونَ} والأول أحوط.
{وَمِنْ ءاياته أَنَّكَ تَرَى الأرض خاشعة} يابسة مغبرة والخشوع التذلل فاستعير لحال الأرض إذا كانت قحطة لا نبات فيها {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء} المطر {اهتزت} تحركت بالنبات {وَرَبَتْ} انتفخت {إِنَّ الذى أحياها لَمُحْىِ الموتى إِنَّهُ على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ} فيكون قادراً على البعث ضرورة {إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ فِى ءاياتنا} يميلون عن الحق في أدلتنا بالطعن، يقال: ألحد الحافر ولحد إذا مال عن الاستقامة فحفر في شق فاستعير لحال الأرض إذا كانت ملحودة، فاستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة. {يُلْتحِدُونَ} حمزة {لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} وعيد لهم على التحريف {أَفَمَن يلقى فِى النار خَيْرٌ أم مَّن يَأْتِى ءَامِناً يَوْمَ القيامة} هذا تمثيل للكافر والمؤمن {اعملوا مَا شِئْتُمْ} هذا نهاية في التهديد ومبالغة في الوعيد {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم عليه {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر} بالقرآن لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرفوا تأويله {لَمَّا جَآءَهُمْ} حين جاءهم. وخبر {إن} محذوف أي يعذبون أو هالكون أو {أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} وما بينهما اعتراض {وَإِنَّهُ لكتاب عَزِيزٌ} أي منيع محمي بحماية الله {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل} التبديل أو التناقض {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} أي بوجه من الوجوه {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} مستحق للحمد.
{مَّا يُقَالُ لَكَ} ما يقول لك كفار قومك {إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ} إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب المنزلة {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ} ورحمة لأنبيائه {وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} لأعدائهم، ويجوز أن يكون ما يقول لك الله إلا مثل ما قال للرسل من قبلك، والمقول هو قوله {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ}.
{وَلَوْ جعلناه} أي الذكر {قُرْءَاناً أَعْجَمِيَّاً} أي بلغة العجم كانوا لتعنتهم يقولون: هلا نزل القرآن بلغة العجم فقيل في جوابهم: لو كان كما يقترحون {لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ ءاياته} أي بينت بلسان العرب حتى نفهمها تعنتاً {ءَأَعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ} بهمزتين كوفي غير حفص، والهمزة للإنكار يعني لأنكروا وقالوا: أقرآن أعجمي ورسول عربي أو مرسل إليه عربي. الباقون بهمزة واحدة ممدودة مستفهمة. والأعجمي الذي لا يفصح ولا يفهم كلامه سواء كان من العجم أو العرب، والعجمي منسوب إلى أمة العجم فصيحاً كان أو غير فصيح، والمعنى أن آيات الله على أي طريقة جاءتهم وجدوا فيها متعنتاً لأنهم غير طالبين للحق وإنما يتبعون أهواءهم، وفيه إشارة إلى أنه لو أنزله بلسان العجم لكان قرآناً فيكون دليلاً لأبي حنيفة رضي الله عنه في جواز الصلاة إذا قرأ بالفارسية. {قُلْ هُوَ} أي القرآن {لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى} إرشاد إلى الحق {وَشِفَاءٌ} لما في الصدور من الشك إذ الشك مرض {والذين لاَ يُؤْمِنُونَ فِى ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ} في موضع الجر لكونه معطوفاً على {الذين آمَنْوا} أي هو للذين آمنوا هدى وشفاء، وهو للذين لا يؤمنون في آذانهم وقر أي صمم إلا أن فيه عطفاً على عاملين وهو جائز عند الأخفش، أو الرفع وتقديره والذين لا يؤمنون هو في آذانهم وقر على حذف المبتدأ أو في آذانهم منه وقر {وَهُوَ} أي القرآن {عَلَيْهِمْ عَمًى} ظلمة وشبهة {أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} يعني أنهم لعدم قبولهم وانتفاعهم كأنهم ينادون إلى الإيمان بالقرآن من حيث لا يسمعون لبعد المسافة. وقيل: ينادون في القيامة من مكان بعيد بأقبح الأسماء. {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى الكتاب فاختلف فِيهِ} فقال بعضهم: هو حق. وقال بعضهم: هو باطل كما اختلف قومك في كتابك {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ} بتأخير العذاب {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لأهلكهم إهلاك استئصال. وقيل: الكلمة السابقة هي العدة بالقيامة وأن الخصومات تفصل في ذلك اليوم ولولا ذلك لقضي بينهم في الدنيا {وإِنَّهُمْ} وإن الكفار {لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} موقع في الريبة {مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ} فنفسه نفع {وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا} فنفسه ضر {وَمَا رَبُّكَ بظلام لّلْعَبِيدِ} فيعذب غير المسيء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال