سورة فصلت / الآية رقم 48 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ لاَ يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ

فصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلتفصلت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله} إلى طاعة الله. {وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمين} قال ابن سيرين والسدي وابن زيد: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مقاتل: هو جميع الأئمّة والدعاة إلى الله تعالى، وقال عكرمة: هو المؤذن. قال أبو أُمامة الباهلي: {وَعَمِلَ صَالِحاً} يعني صلّى ركعتين بين الآذان والإقامة.
أنبأني عبد الله بن حامد، أخبرنا حاجب بن أحمد بن يرحم بن سفيان، حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا وكيع، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصاني عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة خ قالت: إنّي لأرى هذه الآية نزلت {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله}.. الآية في المؤذنين.
وروى جرير بن عبد الحميد عن فضيل بن رفيدة، قال: كنت مؤذناً في زمن أصحاب عبد الله، فقال ليّ عاصم بن هبيرة: إذا أذّنت وفرغت من آذانك، فقل: الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله، وأنا من المسلمين، ثمّ أقرأ هذه الآية: {وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة} قال الفراء: {وَلاَ} هاهنا صلة معناه ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، وأنشده:
ما كان يرضي رسول الله فعلهما *** والطيبان أبو بكر وعمر
أي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
{ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} قريبٌ صديق، قال مقاتل: نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان مؤذياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصار له وليًّا، بعد أن كان عدواً. نظيره قوله تعالى: {عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً} [الممتحنة: 7]، قال ابن عباس: أمر الله تعالى في هذه الآية بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنّه وليّ حميم.
{وَمَا يُلَقَّاهَا} يعني هذه الخصلة والفعلة. {إِلاَّ الذين صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} في الخير والثواب، وقيل: ذو حظ. {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله إِنَّهُ هُوَ السميع} لإستعاذتك وأقوالك. {العليم} بأفعالك وأحوالك.
{وَمِنْ آيَاتِهِ الليل والنهار والشمس والقمر لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ واسجدوا لِلَّهِ الذي خَلَقَهُنَّ} إنما قال خلقهنّ بالتأنيث لإنّه أجرى على طريق جمع التكسير، ولم يجر على طريق التغليب للمذكر على المؤنث؛ لأنّه فيما لا يعقل. {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ استكبروا} عن السجود. {فالذين عِندَ رَبِّكَ} يعني الملائكة. {يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ}. لقوله تعالى: {إِنَّ الذين عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً} يابسة دارسة لا نبات فيها. {فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا} أي يميلون عن الحقّ في أدلتنا.
قال ابن عباس: هو تبديل الكلام ووضعه في غير موضعه، وقال مجاهد: {يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا} بالمكاء والتصدية واللغو واللغط. قتادة: يعني يكذبون في آياتنا. السدي: يعاندون ويشاققون. ابن زيد: يشركون ويكذبون. قال مقاتل: نزلت في أبي جهل لعنه الله.
{لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يلقى فِي النار} أبو جهل. {خَيْرٌ أَم مَّن يأتي آمِناً يَوْمَ القيامة} عثمان بن عفان وقيل: عمار بن ياسر {اعملوا مَا شِئْتُمْ} أمر وعيد وتهديد {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} عالم فيجاز بكم به.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر} بالقرآن. {لَمَّا جَآءَهُمْ} حين جاءهم. {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} كريم على الله عن ابن عباس، وقال مقاتل: منيع من الشّيطان والباطل. السدي: غير مخلوق. {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل} قال قتادة والسدي: يعني الشيطان. {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ}. فلا يستطيع أن يُغيّر أو يُزيد أو يُنقص، وقال سعيد بن جبير: يعني لا يأتيه النكير من بين يديه ولا من خلفه، وقيل: لا يأتيه ما يبطله أو يكذّبه من الكتب المتقدّمة، بل هو موافق لها مصدّق ولا يجي بعده كتاب يبطله وينسخه، بل هو موافق لها مصدق. عن الكلبي. {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ * مَّا يُقَالُ لَكَ} من الأذى. {إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ} يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} لمن تاب. {وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} لمن أصر.
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً} بغير لغة العرب. {لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ} بيّنت. {آيَاتُهُ} بلغتنا حتّى نفقهها، فإِنّا قومٌ عربٌ، ما لنا وللأعجمية. {ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} يعني أكتاب أعجميّ ونبي عربي. قال مقاتل: وذلك إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على يسار غلام ابن الحضرمي وكان يهودياً أعجميّاً ويكنى أبا فكيهة، فقال المشركون: إنّما يعلّمه يسار، فأخذه سيده عامر بن الحضرمي، وضربه، وقال: إنّك تعلم محمداً. فقال يسار: هو يعلمني. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقرأ الحسن: أعجمي بهمزة واحدة على الخبر، وكذلك رواه هشام عن أهل الشام.
ووجهه ما روى جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير، قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميًّا وعربيًّا حتّى تكون بعض آياته أعجميًّا وبعضها عربيًّا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأنزل في القرآن بكلّ لسان، فمنه السجيل، وهي فارسية عربت سنك وكل، والقراءة الصحيحة قراءة العامة بالإستفهام على التأويل الأول.
{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} أخبرنا محمد بن نعيم، أخبرنا الحسين بن الحسين بن أيوب، أخبرنا علي بن عبد العزيز، أخبرنا القاسم بن سلام، حدثنا حجاج بن أيوب، عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سلمان بن قتيبة، عن ابن عباس ومعاوية وعمرو ابن العاص، إنّهم كانوا يقرأون هذه الحروف بكسر الميم {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}، وقرأه الباقين بفتح الميم على المصدر، وإختاره أبو عبيد، قال: لقوله: {هُدًى وَشِفَآءٌ} فكذلك {عَمًى} مصدر مثلها، ولو إنّها هاد وشاف لكان الكسر في عمىً أجود ليكون نعتاً مثلهما.
{أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} قال بعض أهل المعاني: قوله: {أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} خبر لقوله: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَآءَهُمْ}، وحديث عن محمد بن جرير، قال: حدثني شيخ من أهل العلم، قال: سمعت عيسى بن عمر سأل عمرو بن عبيد {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَآءَهُمْ}، أين خبره؟ فقال عمرو: معناه في التفسير {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} فقال عيسى بن عمر: أجدت ياأبا عثمان.
وقوله تعالى: {يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} مثل لقلت إستماعهم وإنتفاعهم بما يوعظون به، كأنهم ينادون إلى الإيمان وبالقرآن من حيث لا يسمعون لبعد المسافة.
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب فاختلف فِيهِ} فمؤمن به وكافر، ومصدّق ومكذّب. كما أختلف قومك في كتابك. {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ} في تأخير العذاب. {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} من عذابهم وعجل إهلاكهم.
{وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ * مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ * إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة} فإنّه لا يعلمه غيره، وذلك إنّ المشركين، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لئن كنت نبياً، فأخبرنا عن الساعة متى قيامها؟، ولئن كنت لا تعلم ذلك فإنّك لست بنبيّ. فانزل الله تعالى هذه الآية.
{وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ} من صلة ثمرات، بالجمع أهل المدينة والشام، غيرهم ثمرة على واحدة. {مِّنْ أَكْمَامِهَا} أوعيتها، واحدتها كمة، وهي كلّ ظرف لمال أو وغيره، وكذلك سمّي قشرة الكفري، أي الذي ينشق عن الثمرة كمه. قال ابن عباس: يعني الكفري قبل أن ينشق، فإذا أنشقت فليست بأكمام. {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} يقول إليه يردّ علم السّاعة كما يردّ إليه علم الثمار والنتاج.
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} يعني ينادي الله تعالى المشركين. {أَيْنَ شُرَكَآئِي} الّذين تزعمون في الدّنيا إنّها آلهة. {قالوا} يعني المشركين، وقيل: الأصنام، يحتمل أن يكون القول راجعاً إلى العابدين وإلى المعبودين أيضاً {آذَنَّاكَ} أعلمناك وقيل: أسمعناك. {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} شاهد إنّ لك شريك لما عاينوا القيامة تبرؤا من الأصنام، وتبرأ الأصنام منهم {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ} في الدنيا.
{وَظَنُّواْ} أيقنوا. {مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} مهرب، و{مَا} هاهنا حرف وليس باسم، فلذلك لم يعمل فيه الظنّ، وجعل الفعل ملقى.
{لاَّ يَسْأَمُ} يمل. {الإنسان} يعني الكافر. {مِن دُعَآءِ الخير} أي من دعائه بالخير ومسألته ربّه، ودليل هذا التأويل، قراءة عبد الله {لاَّ يَسْأَمُ الإنسان} من دعائه بالخير، أي بالصحّة والمال.
{وَإِن مَّسَّهُ الشر فَيَئُوسٌ} من روح الله. {قَنُوطٌ} من رحمته. {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً} عافية ونعمة. {مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ} شدة وبلاء أصابته. {لَيَقُولَنَّ هذا لِي} أي بعملي، وأنا محقوق بهذا.
{وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى} أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدثنا عبد الله بن ثابت، حدثنا أبو سعيد الكندي، حدثنا أحمد بن بشر، عن أبي شرمة، عن الحسن بن محمد بن علي أبي طالب، قال: الكافر في أمنيتين، أما في الدّنيا، فيقول: لئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى، وأما في الآخرة، فيقول ياليتني كنت تراباً.
{فَلَنُنَبِّئَنَّ الذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} شديد.
{وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ} كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض كلاهما في الكثرة، يقال: أطال فلان الكلام والدعاء، وأعرض إذا أكثر.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ} القرآن. {مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق} قال ابن عباس: يعني منازل الأمم الخالية.
{وفي أَنفُسِهِمْ} بالبلاء والأمراض، وقال المنهال والسدي: في الآفاق يعني ما يفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم من الآفاق، وفي أنفسهم: مكّة، وقال قتادة: في الآفاق يعني وقائع الله تعالى في الأمم، وفي أنفسهم، يوم بدر. عطاء وابن زيد: في الآفاق يعني أقطار الأرض والسّماء من الشمس والقمر والنجوم والنبات والأشجار والأنهار والبحار والأمطار، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة، وسبيل الغائط والبول، حتّى إنّ الرجل ليأكل ويشرب من مكان واحد، ويخرج ما يأكل ويشرب من مكانين.
{حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق} يعني إنّ ما نريهم ونفعل من ذلك هو الحقّ، وقيل: إنّه يعني الإسلام، وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: القرآن {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال