سورة الشورى / الآية رقم 13 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى المُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ

الشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورى




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {شَرَعَ} أي: بيَّن وأظهر {لكم من الذين ما وَصَّى به نوحاً} ومَن بعده مِن أرباب الشرائع، وأولي العزم من مشاهير الأنبياء عليهم السلام، وأمَرَهم به أمراً مؤكداً. وفي بيان نسبته إلى المذكورين تنبيه على كونه ديناً قديماً، أجمع عليه الرسل، على أن تخصيصهم بالذكر لِمَا ذكر من علو شأنهم، ولاستمالة قلوب الكفرة إليه؛ لاتفاق الكل على نبوة جُلهم. قيل: خصّ نوحاً وإبراهيم بالوصية، ونبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالوحي؛ لأن متعلق الوصية غير الموصي، بل الموصى إليه به، ومتعلق الوحي: الموحى إليه بذاته، ولمَّا كان صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء جعل المُلقى إليه وحياً، ولمَّا كان ما قبله من الأنبياء متبعين له، ومنذِرين بشريعته، أنه سيظهر آخر الزمان نبي اسمه محمد، كان ذلك وصية منهم لقومهم على الإيمان به. انظر ابن عرفة.
قلت: والظاهر أنه تفنُّن، وفرار من تكرار لفظ الوحي؛ إذ الموحى به هو قوله: {أنْ أقيموا الدِّين} وهو الذي أوحي إلى نبينا عليه الصلاة والسلام. وقال أبو السعود: والتعبير عن ذلك عند نسبته صلى الله عليه وسلم ب {الذي} لتفخيم شأنه من تلك الحيثية، وإيثار الإيحاء على ما قبله وما بعده من التوصية لمراعاة ما وقع في الآيات المذكورة يعني في صدر السورة من قوله: {كذلك يُوحي إليك...} وفي آخرها من قوله: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا}، ولِما في الإيحاء من التصريح برسالته صلى الله عليه وسلم القامع لإنكار الكفرة. والالتفات إلى نون العظمة إظهاراً لكمال الاعتناء بإيحائه، وهو السر في تقديمه على ما قبله مع تقدمه عليه زماناً. وتقديم وصية نوح عليه السلام للمسارعة إلى بيان كون المشروع لهم ديناً قديماً أي: فلا ينبغي إنكاره وتوجيه الخطاب إليه عليه الصلاة والسلام بطريق التلوين؛ للتشريف، والتنبيه على أنه تعالى شرع لهم على لسانه عليه الصلاة والسلام. اهـ.
ثم فسَّر ما وصاهم به فقال: {أنْ أقيموا الدينَ} أي: دين الإسلام، الذي هو توحيد الله تعالى، وطاعته، والإيمان بكتبه ورسله، وبيوم الجزاء، وسائر أركان الإيمان. والمراد بإقامته: تعليل أركانه، وحفظه من أن يقع فيه زيغ، والمواظبة عليه، والتشمير في القيام به. وموضع {أن أقيموا} إما: نصب، بدل من مفعول {شرع}، أو: رفع، خبر جواب عن سؤال مقدَّر، كأن قائلاً قال: وما ذاك؟ فقال: هو إقامة الدين. {ولا تتفرقوا فيه}؛ ولا تختلفوا في الدين، فالجماعة رحمة، والفرقة عذاب، والمراد: الاختلاف في الأصول، دون الفروع المختلفة حسب اختلاف الأمم باختلاف الأعصار، كما ينطق به قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} [المائدة: 48].
{كَبُرَ على المشركين} أي: عظم وشقّ عليهم {ما تدعوهم إِليه} من التوحيد، ورفض عبادة الأصنام، الذي هو إقامة الدين، {اللهُ يجتبي} أي: يجلب ويجمع {إِليه مَن يشاء} بالتوفيق والتسديد، {ويهدي إِليه مَن يُنيبُ}؛ يُقبل على طاعته. فالاجتباء يرجع إلى تصديق القلب، والإنابة إلى توفيق الطاعة في الظاهر.
{وما تَفرقوا} أي: أهل الكتاب من بعد أنبيائهم {إِلا مِن بعد ما جاءهم العلمُ}؛ إلا بعد أن علموا أن الفُرقة ضلال، وأمر متوعّد عليه على ألسنة الرسل، {بغياً بينهم} حسداً، وطلباً للرئاسة، والاستطالة بغير حق، أو: ما تفرّقوا في الدين الذي دُعوا إليه، وهو الإسلام، ولم يؤمنوا كما آمن بعضهم إلا مِن بعد ما جاءهم العلم بحقيقته؛ لما يشهدونه في رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن من دلائل الحقيّة، حسبما وجدوه في كتبهم، أو: العلم بمبعثه صلى الله عليه وسلم.
{ولولا كلمةٌ سبقتْ من ربك}، وهي العِدَة بتأخير العقوبة {إِلى أجلٍ مسمى} هو يوم القيامة {لقُضي بينهم} أي: لوقع القضاء بينهم، وأهلكوا حين افترقوا لعظم ما اقترنوا. {وإِن الذين أُورثوا الكتاب مِن بعدهم} وهم المشركون {لفي شك منه} أي: القرآن {مُريبٍ}؛ مُوقع في الريبة. وهو بيان لكيفية كفر المشركين، بعد بيان كيفية كفر أهل الكتاب، أي: وإن المشركين الذي أُوتوا القرآن من بعدهم، أي: من بعد ما أورث أهل الكتاب كتابهم، لفي شك من القرآن مريب. والظاهر: أن التفرُّق المذكور هنا إنما هو في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن سياق النظم إنما هو لبيان أحوال هذه الأمة، وإنما ذكر مَن ذكر من الأنبياء عليهم السلام لتحقيق أن ما شرع لهؤلاء دين قديم، أجمع عليه أولئك الأعلام عليهم الصلاة والسلام تأكيداً لوجوب إقامته، وتشديداً للزجر عن التفرُّق والاختلاف. فالتعرُّض لبيان تفرُّق أممهم عنه ربما يُوهم الإخلال بذلك المرام. قاله أبو السعود.
الإشارة: الذي شرع الله من الدين لأقوياء عباده، ووصّى به خواص أنبيائه: أن يشاهدوه وحده في الباطن، ويقوموا برسم العبودية في الظاهر، وهذا هو إقامة الدين، الذي يجب الاتفاق عليه، لكن لا ينال هذا إلا بعد موت النفوس، وحط الرؤوس، وبذل الفلوس. ولذلك كَبُرَ على أهل الفَرْق، قال تعالى: {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}، فإذا وفق العبد لفعل ما تقدم، وسلك طريقه؛ اجتباه ربه لحضرته، بعد أن هداه لسلوك طريقته. قال تعالى؛ {الله يجتبي إليه مَن يشاء ويهدي إليه مَن ينيب} فالاجتباء جذب، والإنابة سلوك، الاجتباء للحقيقة، والإنابة للشريعة والطريقة. وقدّم الاجتباء على الاهتداء اهتماماً بأمره؛ لأن الجذب عناية يختص به أهل الولاية، والإنابة هداية ينالها كل مَن تمسّك بالشريعة. وحقيقة الجذب: شهود الخلق بلا خلق، وحقيقة السلوك المحض: شهود الخلق بلا حق، وحقيقة الجذب في السلوك: شهود الحق في قوالب الخلق، أو: شهود الخلق في مظهر الحق.
فالناس ثلاثة: مجذوبون فقط، سالكون فقط، مجذبون سالكون، فالأولان لا يصلحان للتربية، والثالث هو الذي يصلح للتربية، وهو الذي يتقدمه السلوك، ثم يختطف إلى الحضرة في مقام الفناء، ثم يرجع إلى السلوك في مقام البقاء. وما وقع من التفرُّق والاختلاف في جانب النبوة، يقع في جانب الولاية، سُنَّة ماضية، فيجب على الداعي إلى الله أن يجهد نفسه في الدعاء إليه، ولا يبالي باختلافهم




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال