سورة الشورى / الآية رقم 27 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ البَاطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ

الشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورى




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ وَلَكِنْ يُنزلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}
يقول تعالى ممتنا على عباده بقبول توبتهم إليه إذا تابوا ورجعوا إليه: أنه من كرمه وحلمه أنه يعفو ويصفح ويستر ويغفر، كقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] وقد ثبت في صحيح مسلم، رحمه الله، حيث قال:
حدثنا محمد بن الصباح وزهير بن حرب قال حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك- وهو عمه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك- أخطأ من شدة الفرح».
وقد ثبت أيضا في الصحيح من رواية عبد الله بن مسعود نحوه.
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري في قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}: إن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله العطش فيه».
وقال همام بن الحارث: سئل ابن مسعود عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها؟ قال: لا بأس به، وقرأ: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} الآية رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم من حديث شريك القاضي، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، عن همام فذكره.
وقوله: {وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} أي: يقبل التوبة في المستقبل ويعفو عن السيئات في الماضي، {وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} أي: هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم، ومع هذا يتوب على من تاب إليه.
وقوله: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قال السدي: يعني يستجيب لهم.
وكذا قال ابن جرير: معناه يستجيب الدعاء لهم لأنفسهم ولأصحابهم وإخوانهم. وحكاه عن بعض النحاة، وأنه جعلها كقوله: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [آل عمران: 195].
ثم روى هو وابن أبي حاتم، من حديث الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن سلمة بن سبرة قال: خطبنا معاذ بالشام فقال: أنتم المؤمنون، وأنتم أهل الجنة. والله إني أرجو أن يدخل الله من تسبون من فارس والروم الجنة، وذلك بأن أحدكم إذا عمل له- يعني أحدُهم عملا- قال: أحسنت رحمك الله، أحسنت بارك الله فيك، ثم قرأ: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}.
وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنه جعل مثل قوله: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} كقوله: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} [الزمر: 18] أي: هم الذين يستجيبون للحق ويتبعونه، كقوله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} [الأنعام: 36] والمعنى الأول أظهر؛ لقوله تعالى: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي: يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك؛ ولهذا قال ابن أبي حاتم:
حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، حدثنا إسماعيل بن عبد الله الكندي، حدثنا الأعمش، عن شقيق عن عبد الله قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} قال: «الشفاعة لمن وجبت له النار، ممن صنع إليهم معروفا في الدنيا».
وقال قتادة عن إبراهيم النخعي اللخمي في قوله تعالى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قال: يشفعون في إخوانهم، {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} قال: يشفعون في إخوان إخوانهم.
وقوله: {وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} لما ذكر المؤمنين وما لهم من الثواب الجزيل، ذكر الكافرين وما لهم عنده يوم القيامة من العذاب الشديد الموجع المؤلم يوم معادهم وحسابهم.
وقوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ} أي: لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق، لحملهم ذلك على البغي والطغيان من بعضهم على بعض، أشرا وبطرا.
وقال قتادة: كان يقال: خير العيش ما لا يلهيك ولا يطغيك.
وذكر قتادة حديث: «إنما أخاف عليكم ما يخرج الله من زهرة الحياة الدنيا» وسؤال السائل: أيأتي الخير بالشر؟ الحديث.
وقوله: {وَلَكِنْ يُنزلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} أي: ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر. كما جاء في الحديث المروي: «إن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه».
وقوله: {وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} أي: من بعد إياس الناس من نزول المطر، ينزله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه، كقوله: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنزلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} [الروم: 49].
وقوله: {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} أي: يعم بها الوجود على أهل ذلك القُطْر وتلك الناحية.
قال قتادة: ذكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، قُحط المطر وقنط الناس؟ فقال عمر، رضي الله عنه: مطرتم، ثم قرأ: {وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}.
{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} أي: هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال