سورة الزخرف / الآية رقم 7 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشـاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حـم وَالْكِتَابِ المُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

الشورىالشورىالشورىالشورىالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (7) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)}.
التفسير:
قوله تعالى: {حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ}.
ورد هذا المقطع: {حم} بدءا لست سور من القرآن الكريم، هى: غافر، وفصلت، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف.. وهذا الاتفاق في اللفظ- كما قلنا- لا يلزم منه الاتفاق في المحتوى والمضمون، الذي ينكشف للنبى منها.. فهذه الأحرف، هى رمز وإشارة إلى معان وأمور يعرفها النبي، على حين تظل هذه المعاني وتلك الأمور، غيبا لا يعلمه إلا هو، والراسخون في العلم من أمته.
وقوله تعالى: {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ}.
معطوف على قوله تعالى: {حم} المقسم به.. وبين المتعاطفين، اختلاف، واتفاق.. فهما مختلفان: لأن أحدهما رمز وإشارة، وهو {حم} والآخر، كلام بيّن القصد، واضح الدلالة، وهو {الْكِتابِ الْمُبِينِ}.
وهما متفقان لأنهما- الخفي والجلى- كلاهما من عند اللّه، ومن كلام اللّه.
هذا، وأوثر أن أفهم قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} [38- 43:

الحاقة]- أوثر أن أفهم القسم بما يبصرون وما لا يبصرون، على أن ما يبصرون، هو ما تتضح لهم دلالته من ألفاظ القرآن، وما لا يبصرون، هو ما لا يرون له دلالة أصلا، وهى تلك الحروف المقطعة، وقد أقسم اللّه سبحانه وتعالى بهما معا، كما جاء القسم في قوله تعالى: {حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ} وفى أمثالها.. فهو قسم بالخفّى والظاهر من آيات اللّه.. ثم إنه ليس هذا بالذي يمنع أن يشمل القسم، ما يبصرون وما لا يبصرون، من آيات اللّه القرآنية والكونية.. على السواء.
ومما يستأنس به في هذا المقام، أنه قد جاء بعد هذا القسم، نفى صفة الكهانة عن الرسول الكريم، وأن ما يقوله من ألفاظ لا يفهمون دلالتها- كهذه الحروف المقطعة- ليس هو من قبيل كلام الكهان الذي يجىء كله رموزا، وطلاسم، وإنما هو قول رسول كريم، تلقاه وحيا منزلا من رب العالمين.
قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
أي أن اللّه سبحانه، وتعالى قد أكرم هذه الأمة العربية، ببركة هذا النبىّ الذي هو صفوة خلق اللّه، فجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، وجعل لغتها هى اللغة التي تحمل دين اللّه كاملا، وهو الإسلام، فجاء القرآن الكريم بلغة العرب، ليكون لهم حظّهم الكامل منه، وليكونوا هم أول من يقطف من كرمه، ويطعم من ثمره.
وفى قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} إشارة إلى الحكمة من جعل القرآن الكريم قرآنا عربيا، وهى لكى يتمكن العرب من الاتصال به، وإدراك معانيه، وعقلها، حتى يفيدوا منه، وينتفعوا بما فيه من خير.. وهذا يعنى أن العقل هو الوسيلة التي يتوسل بها إلى الإفادة من القرآن، وأن من يجىء إليه متخليا عن عقله، غير متدبر لآياته، لا ينال من خيره شيئا.
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}.
هو وصف للقرآن الكريم، وأنه مودع في أم الكتاب عند اللّه، وحسبه بهذا علوّا وشرفا، وإنه علىّ في ذاته، حكيم في أحكامه، ومن شأن من يتصل به أن يستعلى بإنسانيته عن مستوى أهل الجهالة والضلال، وأن يتزيّا بزىّ الحكمة، التي هى العقل المتحرر من الأوهام والخرافات، المستنير بنور العلم والمعرفة.
وقد وصف القرآن الكريم هنا بصفتين من صفات اللّه سبحانه وتعالى، هما، العلىّ والحكيم.. لأن القرآن كلام اللّه، من صفات اللّه.
فكل ما للّه سبحانه وتعالى من صفات الكمال، هو لكل صفة من صفاته.
هذا هو القرآن الذي يدعى العرب إلى تعقله، وتدبره، والحياة معه بعقولهم وقلوبهم.. فما ذا كان منهم إزاء هذه الدعوة؟ لقد تلبّثوا كثيرا، ووقفوا طويلا على حال من التردد بين الإقدام والإحجام، حتى إذا تبخرت سحب الضلال المتكاثفة حولهم، تحت أشعة هذه الشمس الطالعة في سمائهم- صحوا صحوة مشرقة، اهتزت لها أنفسهم من أقطارها، فاندفعوا وراء راية القرآن، اندفاع السيل الهادر، وقد اكتسح بقوته ما بين يديه من حواجز ومعوقات.
قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ}.
هو استفهام يحمل التهديد لهؤلاء المشركين من العرب، الذين لم يلتفتوا إلى هذا القرآن الذي بين أيديهم، ولم يمدّوا أيديهم إلى تناول قطوفه الدانية- فما ذا يظنون؟ أيحسبون أن هذا الخير سيظل محبوسا على قوم لم يربدوه، وهناك نفوس كثيرة تشتهيه، وتنتظر حظها منه؟ إنهم إن لم يبادروا إلى هذا الخير، ويمسكوا به، فإنه يوشك أن يتحول عنهم، وإذا هم إن طلبوه وجدوا غيرهم قد سبقهم إليه، وأخذ مقام الصدارة التي كان من شأنها أن تكون لهم.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ} [38: محمد] والذكر: هو القرآن الكريم.
وضرب الذكر عنهم صفحا: صرفه عنهم.. أي تحوّل القرآن الكريم عنهم، وتنحيته جانبا.. وصفحة الوجه، وصفحة السيف: جانبه، وكذلك الصفحة من كل شىء.. وفى التعبير عن صرف القرآن عن المشركين، وتحوله عنهم- في التعبير عن هذا بضربه عنهم- إشارة إلى أن القرآن الكريم متجه إليهم، راغب في الاتصال بهم، والحياة معهم، وأنه لا يتحول عنهم إلا مكرها.
وهذا يعنى أن هذه النعمة لا تتحول أبدا عن الأمة العربية لأن القرآن لا يضرب أبدا، لمقامه العظيم عند اللّه، ولأنه صفة من صفاته جل وعلا، وأنه إذا كان هؤلاء المشركون قد استقبلوا القرآن الكريم هذا الاستقبال العدائى، فإنه سيجد منهم آخر الأمر، الأمة التي تحتفى به أعظم احتفاء، وتنزله من نفسها أكرم منزل.
وهذا هو بعض السر في التعبير بضرب الذكر عنهم صفحا، أي جانبا.. بمعنى أنه لا ينصرف عنهم انصرافا كاملا، بل ينصرف عنهم بجانب منه، أشبه بالمغاضب، الذي يريد العتبى ممن أغضبه، وينتظر مصالحته..! وقد صالح العرب القرآن، وأعتبوه، وأدّبوا المتطاولين عليه، وقتلوا من أجل ذلك أبناءهم، وآباءهم، وإخوانهم، وباعوا أنفسهم بيع السماح للّه، في سبيل نصرة دين اللّه الذي جاء به.
وفى الاستفهام بقوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} إنذار وتنبيه، يشعر بالحرص على هداية هؤلاء المشركين، مع أنّ إسرافهم في الضلال والعناد، كان يقضى بأن يصرف القرآن عنهم، من غير إنذار، أو إعذار! قوله تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} هو عزاء للنبى- صلوات اللّه وسلامه عليه- وتسلية له مما يلقى من تأتى قومه عليه، وسخريتهم منه، واستهزائهم به.. فهو- صلوات اللّه وسلامه عليه- ليس بدعا من الرسل في هذا الذي يناله من قومه من أذى.. فهذا شأن أنبياء اللّه ورسله جميعا مع أقوامهم: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ}.
{وَكَمْ} هنا خبرية، يراد بها التكثير.. أي ما أكثر ما أرسلنا من نبى في الأولين، أي السابقين.. فكانت حالهم أنهم لا يلقون النبي المرسل إليهم إلا بالاستهزاء، والتحدّى، والأذى.
قوله تعالى: {فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ}.
هو تهديد، ووعيد للمشركين، فقد أهلك اللّه المكذبين بالرسل من قبلهم، وقد كانوا أشد منهم قوة وبطشا.. فهل ينتظر هؤلاء المشركون إلا أن يحل بهم ما حل بالظالمين المكذبين من قبلهم؟ أم أنهم أخذوا على اللّه عهدا أن يكونوا بمنجاة من عذاب اللّه؟.
وقوله تعالى: {وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} أي مضى المثل الذي يرى فيه المشركون العبرة والعظة، وهو ما حدثهم به القرآن الكريم من مصارع القوم الظالمين، كقوم نوح، وعاد، وثمود، وأصحاب مدين، وقوم لوط..! كما يقول اللّه سبحانه: {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ.. فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً.. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ.. وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ.. وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا.. وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [40: العنكبوت].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال