سورة الزخرف / الآية رقم 20 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَداًّ وَهُوَ كَظِيمٌ أَوَ مَن يُنَشَّأُ فِي الحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ

الزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرفالزخرف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {وقالوا لو شاء الرحمنُ} عدم عبادتنا للملائكة {ما عبدناهم}، أرادوا بذلك بيان أن ما فعلوه مَرْضِي عنده تعالى، ولولا ذلك ما خلّى بينهم وبينها، ويُجاب: بأنه تعالى قد يخلي بين العبد ومعصيته، لينفذ فيه ما سبق من درك الوعيد. وتعلقت المعتزلة بظاهر الآية في أن الله تعالى لم يشأ الكفر من الكفار، وإنما شاء الإيمان، فإنّ الكفار ادّعوا أن الله شاء منهم الكفر، وما شاء منهم ترك عبادة الأصنام، حيث قالوا: {لو شاء الرحمن ما عبدناهم} أي: لو شاء بنا أن نترك عبادة الأصنام لمَنَعَنَا عن عبادتها، لكنه لم يشأ ذلك. والله تعالى ردّ عليهم قولهم، واعتقادهم، بقوله: {ما لهم بذلك} القول {من علم إِن هم إِلا يَخْرُصُون}: يكذبون، ومعنى الآية عندنا: أنهم أرادوا بالمشيئة: الرضا، وقالوا: لو لم يرضَ بذلك لعجّل عقوبتنا، ولمَنعنا من عبادتها مع قهر واضطرار، وإذ لم يفعل ذلك فقد رضي بذلك، فردَّ الله عليهم بقوله: {ما لهم بذلك من علم...} الآية. أو: قالوا هذا القول استهزاء، لا جدّاً واعتقاداً، فأكذبهم وجهّلهم حيث لم يقولوه اعتقاداً، كما قالوا: {أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: 47]. وهذا كلام حق أرادوا به باطلاً: انظر النسفي.
قلت: ما تمسّكوا به من قوله: {لو شاء الرحمن ما عبدناهم} من الاحتجاج بالقدر، وهو لا ينفع هذه الدار، لأنه من التمسُّك بالحقيقة الخالية عن الشريعة، وهي بطالة وزندقة، ولذلك ردّهم الله تعالى إلى التمسُّك بالشريعة بقوله: {أم آتيناهم كتاباً مِن قبله}؛ من قبل القرآن، أو: من قبل ادعائهم ذلك، ينطق بصحة ما يدّعونه، {فهم به مسْتَمْسِكون}؛ آخذون.
{بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أُمّةٍ}؛ على دين وقلّدناهم. والأمّة في الأصل: الطريقة التي تؤمّ وتُقصد {وإِنا على آثارهم مُقتدون} أي: لم يأتوا بحجة نقلية ولا عقلية، ولا سند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم. والظرف: صلة لمهتدون، أو: هما خبران.
{وكذلك ما أرسنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ}؛ من نبيّ {إِلا قال مُترفوها} أي: منغّموها، وهم الذين أترفتهم النعمة، أي: أبطرتهم، فلا يُحبون إلا الشهوات والملاهي، ويعافون مشاقَّ الدين وتكاليفه، قالوا: {إِنا وجدنا آباءنا على أُمةٍ وإِنا على آثارهم مقتدون}، وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وبيان أن التقليد فيهم ضلالٌ قديم. وتخصيص المترفين بتلك المقالة؛ للإذيان بأن التنعُّم بالشهوات، وحب البطالة، هو الذي صرفهم عن النظر إلى التقليد.
{قُلْ}، هو حكاية لما جرى بين المنذرين وبين أممهم، عند تعللهم بتقليد آبائهم، أي: قيل لكل نذير وأوحي إليه: أن قُلْ، وليس خطاباً لنبينا- عليه الصلاة والسلام- بدليل ما بعده من قوله: {قالوا...} إلخ. وقيل: خطاب له عليه الصلاة والسلام، فتكون الجملة معترضة بين قصة المتقدمين؛ لأن قوله: {قالوا} راجع للمتقدمين، وقرأ الشامي وحفص: {قال} أي: النذير: {أوَ لَو جئتُكُم} أي: أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم {بأهدى}؛ بدين أهدى {مما وجدتم عليه آباءكم} من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء؟ {قالوا إِنا بما أُرسلتم به كافرون} أي: قالت كل أمة لنذيرها: إنا ثابتون على ديننا، وإن جئتمونا بما هو أهدى وأهدى. وقد أجمل عند الحكاية؛ للإيجاز، كقوله: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51].
{فانتقمنا منهم}؛ فعاقبناهم بما استحقوه على إصرارهم، {فانظر كيف كان عاقبةُ المكذِّبين} من الأمم المذكورين، فلا تكترث قومك. والله تعالى أعلم.
الإشارة: وقالوا: لو شاء الرحمن ما عبدناهم، تمسّكوا بالحقيقة الظلمانية، الخالية عن التشريع، وهو كفر وزندقة، ولذلك ردّ الله عليهم بقوله: {أم آتيناهم كتاباً...} إلخ، وترى كثيراً ممن خذله الله يقول: لو أراد الله هدايتي لهداني، ولا ينفع ذلك في هذه الدار، التي هي التكليف، بل يجب عليه النهوض، والقصد إلى أمر الله به، من حقوق العبودية، فإن منعته الأقدار فلينظر إلى الواحد القهّار، وإلا فالشقاء لازم له. وقد قالوا: مَن تحقق ولم يتشرّع فقد تزنذق، ومَن تشرَع ولم يتحقق فقد تفسّق، ومَن جمع بينهما فقد تحقّق. فالواجب: النظر إلى تصريف الحقيقة في الباطن، والتمسُّك بالشريعة في الظاهر. وبالله التوفيق.
وقوله تعالى: {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة...} الآية، فيه توبيخ لمَن تجمّد على تقليد أسلافه، وقد ظهر مَن هو أهدى منهم، ففيه نزعة جاهلية، وحمية من حميتهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال