سورة آل عمران / الآية رقم 143 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}.
التفسير:
ولا تحتاج هذه الآيات الكريمة إلى شرح أو بيان، لمن يعيش هذه المعركة بمشاعره، ويشارك فيها بوجدانه، ويزن فيها الأحداث بالميزان الذي أقامه اللّه بين عباده، وأجرى أمورهم عليه! فأولا: لقد اختلف أمر المسلمين في هذه المعركة.. قبل أن يخرجوا إليها.. وهذا الخلاف- أيّا كان- هو عامل ضعف، وداعية فتور ووهن.
وكان من أولى وصايا الإسلام للمسلمين، أن يحذروا هذا الداء، وأن يجتنبوه في كل ما يأخذون وما يدعون من أمور: {وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [46: الأنفال].
وثانيا: لم يقم أمر المسلمين جميعا في هذه المعركة على ما وصّاهم اللّه به، ولفتهم إليه، قبل أن يدخلوا المعركة، وذلك في قوله تعالى: {بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [125: آل عمران]. فثبتت قلة وصبرت.. وتواكلت كثرة منهم، فانهزمت وولت وثالثا: أضاف كثير من المسلمين يومئذ معركة أحد إلى معركة بدر، وحسبوها بحسابها.. فما أن رأوا ريح النصر تهبّ عليهم، وتكاد تسلم أعداءهم لأيديهم، حتّى أعفوا أنفسهم من مئونة القتال، وتركوا المعركة للملائكة تتمها كما بدأتها!! وذلك تقدير فيه كثير من البعد عن الطريق الذي أقامهم اللّه عليه في تلك المعركة، وهو أن يكسبوها بأيديهم، وبصبرهم وتقواهم.
وإنه لو جرت الأمور على هذا التقدير الذي قدّروه، لما كان بلاء ولا اختبار.. ومن ثمّ فلا ثواب ولا جزاء.. إذ بم يثابون؟ وعلى أي شيء يجزون؟ وما فضل المجاهدين على القاعدين؟ بل ما فضل المؤمنين على الكافرين؟ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}؟
إن بلاء المؤمنين وجهادهم، هو الذي يكشف عن إيمانهم، ويعطى الدليل العملي لهم وللنّاس، أنّهم مؤمنون حقّا، وأنهم أدوا حقّ هذا الإيمان، بلاء وجهادا.
وفى قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} لا يتعلق علم اللّه بجهادهم وصبرهم. فعلم اللّه واقع على ما كان منهم وما سيكون قبل أن يكون، ولكن المراد بالعلم هنا، علم المعلوم في حال وقوعه، أي علمه على الصفة التي وقع عليها.. وهذا وإن كان واقعا في علم اللّه، إلا أنه علم غيب لما سيقع، والمراد بالعلم هنا علم الشهادة لما وقع.
والذي تضمنته هذه الآيات الكريمة، تعقيبا على هذا الحدث- هو عزاء جميل من اللّه سبحانه وتعالى للنبىّ وللمؤمنين.
ففى قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} نفحة من اللّه، تنزل على النبىّ وعلى المؤمنين معه، بما يهوّن عليهم كل مصاب، ويجلو عن صدورهم كل همّ وحزن! وهل مع قول العزيز الرحيم: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا} يكون ما يوهن ويضعف، أو يبقى ما يسوء ويحزن؟
وسبحانك ربى! ما أوسع رحمتك، وما أعظم فضلك، وما أكثر برّك بالمؤمنين، ورعايتك للمجاهدين!! تبتليهم في أموالهم وأنفسهم، لتضاعف لهم الأجر، وتعظم لهم المثوبة، ثم تعود بفضلك ورحمتك فتعافيهم مما ابتليتهم به، وتملأ قلوبهم سكينة ورضى ومسرة، بما تسوق إليهم من رحمات وبشريات! وفى قوله تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} حكم من لدن حكيم عليم، حكم به للمؤمنين أن يكونوا دائما في المنزلة العليا في هذه الحياة.. لهم العزة والغلب على أعدائهم أبدا، مصداقا لقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [141: النساء] وفى قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} تثبيت للمؤمنين على الإيمان.
وأنهم إذا ثبتوا على إيمانهم، وأعطوا هذا الإيمان حقّه من الصبر والتقوى، فإنهم لن يهنوا ولن يحزنوا أبدا، وأنهم الأعلون أبدا.
وقوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ} هو عزاء آخر للمؤمنين لما أصيبوا به في أنفسهم، ولما أصيبوا به في أهليهم.. وأنهم إن يكونوا قد أصيبوا اليوم بما يؤلم ويوجع، فقد أصابوا هم أعداءهم بما يؤلم ويوجع! ثم ليعلم المؤمنون من هذا أن طريقهم في مسيرتهم مع الإسلام ليست كلها يوما واحدا كيوم بدر، بل إنهم سيغلبون ويغلبون، ويقتلون ويقتلون، ويصيبون ويصابون.. وهكذا الدنيا.. وتلك سنّة الحياة فيها.. لا تدوم على وجه واحد، بل هى وجوه متقلبة متغيرة! تقبل وتدبر، وتضحك وتبكى.
وذلك هو الذي يعطى الحياة حيوية، وهو الذي يغرى الناس بالسعي والعمل، لينتقلوا من حال إلى حال، ومن وضع إلى وضع.. ولو أخذ الناس بوضع ثابت مستقر- ولو كان ذلك في أحسن حال، وأمكن وضع- لماتت في أنفسهم نوازع التطلعات إلى المستقبل، ولخمدت فيهم جذوة الحماس للكفاح والنضال.
وقوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ} بيان لحكمة اللّه من هذا الابتلاء.. ففى هذا الابتلاء، وتحت وطأة القتال، ينكشف إيمان المؤمنين، ويعرف ما عندهم من صدق وبلاء.. فيكتب لهم ما كان في علم اللّه، وما وقع منهم، وهو أنهم مؤمنون مجاهدون! وفى قوله تعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ} إشارة إلى أن جماعة المؤمنين الذين كانوا مع النبىّ في أحد- كانوا جميعا على درجة عالية من الإيمان، وأنّ أنزلهم درجة في هذا الإيمان كان مؤهلا لأن يكون في عداد الشهداء، ولهذا جاء قوله تعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ} خطابا لهم جميعا، وكان نسق النظم أن يجىء هكذا: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ}، ولكنّ هذا يعزل بعض المجاهدين عن أن يكونوا في المؤمنين، الصالحين لأن يتخذ اللّه منهم شهداء.
وفى قوله تعالى: {وَيَتَّخِذَ} إشارة كريمة إلى هذا المقام الكريم الذي يرتفع إليه الشهداء، وأنهم خيار المؤمنين، والمصطفين منهم، ولهذا اتخذهم اللّه شهداء.. إذ الاتخاذ أخذ عن اختبار واختيار.
وفى قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} تحريض للمسلمين على قتال المشركين، واحتمال المكروه في سبيل إضعافهم أو القضاء عليهم، لأنهم ظالمون لأنفسهم، بصرفها عن الهدى إلى الضلال، وظالمون للإنسانية إذ هم قوى شريرة عاملة على طمس معالم الهدى وصدّ الناس عن الخير.. {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} ومن لا يحبّه اللّه فهو عدو للّه، يجب على أولياء اللّه أن يعادوه، ويخلّصوه من الذي في يديه، يرمى به نفسه، ويصيب به الناس.
وقوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ} أي من تمام حكمة هذا الابتلاء فيما بين المؤمنين والكافرين أن يمحّص اللّه المؤمنين بهذا الابتلاء، وينقيهم من دخائل الضعف والوهن، بملاقاة الشدائد والصبر عليها، كما أن في هذا الابتلاء إضعافا لشوكة الكافرين وتوهينا لقوى البغي والعدوان، المتربصة بالإيمان وبالمؤمنين.
وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} بيان آخر للحكمة من هذا الابتلاء الذي ابتلى اللّه به المؤمنين، في قتال الكافرين، وهو أن هذا الابتلاء هو الذي يكشف عن إيمان المؤمنين، وصبرهم على المكروه، واحتمالهم الأذى في سبيل اللّه، وذلك هو الذي يميز الخبيث من الطيب، ويجعل لكلّ مكانه عند اللّه.. فالجنة للمجاهدين الصابرين.. والنار للمشركين المعاندين.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.
هو عتاب رقيق للمؤمنين الذين شهدوا القتال في أحد، ثم تحوّل بعضهم عن موقف الموت، إلى حيث السلامة وجمع الغنائم، بعد أن لاحت بوارق النصر للمؤمنين: كما أن كثيرا منهم ترك القتال بعد أن بانت الهزيمة في جانب المسلمين.
فلقد كان كثير من المسلمين الذين شهدوا أحدا، ولم يكونوا قد شهدوا بدرا- كانوا يأسفون على أن فاتهم حظّهم من الجهاد في معركة بدر، وتعرضهم للاستشهاد في سبيل اللّه.. فخرجوا إلى أحد على نية الاستشهاد.. فلما كان من هؤلاء وهؤلاء، ما كان في أحد، من إقبال على الغنائم، أو فرار من المعركة- كان هذا العتاب الرقيق من اللّه سبحانه وتعالى لهم، ليذكّرهم بأنهم قالوا ولم يفعلوا، وهذا موقف لا يرضاه اللّه لهم، إذ يقول سبحانه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ} [2- 3: الصف] وفى قوله تعالى: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.
تأسيف وتنديم، لأولئك الذين فاتهم الاستشهاد في أحد وأنهم قد ضنوا بأنفسهم عن هذا المقام الكريم، حتى لقد اكتفوا بأن يروا الموت في غيرهم وهم ينظرون إليه من بعيد!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال