سورة آل عمران / الآية رقم 145 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {كتاباً}: مصدر، أي: كتب الموت كتاباً مؤجلاً.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {وما محمد إلا رسول} يصيبه ما أصابهم، {قد} مضت {من قبله الرسل}، فسيمضي كما مضوا بالموت أو القتل، {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} بعد تقرر شريعته وظهور براهينه، عاتبهم على تقدير أن لو صار منهم انقلاب لو مات صلى الله عليه وسلم أو قتل، أو على صدر من بعض المنافقين وهم ساكتون.
قال أصحاب المغازي: خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالشعب من أحُد، في سبعمائة رجل، وأمَّر عبدَ الله بنَ جبيرٍ على الرماة، وهم خمسون رجلاً، وقال: انضحوا عنا بالنبل، لا يأتونا نم خلقنا، لا تبرحوا مكانكم؛ كانت لنا أو علينا، فإنا لن نزال غالبين ما ثبتُّم مكانكم، فجاءت قريش، وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد، وعلى ميسرتهم عكرمة، ومعهم النساء. ثم انتشب القتال فقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ يأخذ هذا السيف بحقه؟» فجاء رجال فمنعهم، حتى جاء أبو دُجانة، فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: «تضرب به العدو حتى ينحني»، وكان رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب، فأخذه واعتم بعمامة حمراء، وجعل يتبختر بين الصفين، فقال عليه الصلاة والسلام: «إنها لمشيةٌ يبغضها الله إلاّ في هذا الموضع».
ثم حمل النبيّ صلى الله عليه وسلم على المشركين فهزموهم، قال الزبير: (فرأيت هنداً وصواحبها هارباتٍ مصعدات في الجبل)، فلما نظر الرماة إلى القوم قك انكشفوا، قالوا: الغنيمة الغنيمة فقال لهم بعضهم: لا تتركوا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يلتفتوا، وانطلق عامتهم، فلما رأى خالد قلة الرماة، صاح في خيله من المشركين، ثم حمل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من خلفهم، وقتل عبد الله بن جبير، واختلط الناس، فقتل بعضُهم بعضاً، ورمى عبدُ الله بن قمئة الحارثي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بحجر، فكسر أنفه ورباعيته، وشجَّه في وجهه، وكسر البيضة على رأسه، فذبَّ عنه مصعبُ بن عمير، وكان صاحب الراية، فقتله ابن قمئة وهو يرى أنه قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم ن فرجع إلى قومه، وقال: قد قتلت محمداً، وصرخ صارخ: ألا إنَّ محمداً قد مات. وقيل: إنه الشيطان، فانكفأ الناس، وجعل الرسول- عليه الصلاة والسلام- يدعو: «إليَّ عباد الله»، فانحاز إليه ثلاثون من الصحابة، وضموه حتى كشفوا عنه المشركين، وأصيبت يد طلحة بن عبيد الله فيبست، حتى وقَى بها النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأصيبت عين قتادة بن النعمان، حتى وقعت على وجنتيه، فردها النبيّ صلى الله عليه وسلم مكانها، فعادت أحسن مما كانت.
وفشا في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات- فقال بعض المسلمين: ليت ابنُ أُبي يأخذ لنا أماناً من أبي سفيان. وقال بعض المنافقين: لو كان نبيّاً ما قتل، ارجعوا إلى دينكم الأول. فقال أنس بن النضر- عمُّ أنس بن مالك: (إن كان قد قتل محمدٌ فَإِنَّ رب محمد لا يموت، وما تصنعون بالحياة بعده؟ فقاتلوا على ما قاتل عليه، حتى تمتوا على ما مات عليه). ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك ما صنع هؤلاء- يعني المسلمين- وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء- يعني الكفار-، ثم شدّ سيفه وقاتل حتى قُتل، رحمة الله عليه.
فأنزل فيما قال المنافقون: {ومن ينقلب على عقبيه} بارتداده {فلن يضر الله شيئاً} وإنما يضر نفسه، {وسيجزي الله الشاكرين} على نعمة الإسلام بالثبات عليه، كأنس وأضرابه، {وما كان} ينبغي {لنفس أن تموت إلا بإذن الله} أي: بإرادته ومشيئته، أو بإذنه لملكٍ في قبض روحه، والمعنى: أنَّ لكل نفس أجلاً مسمى في علمه تعالى وقضائه، لا تستأخر عنه ساعة ولا تستقدم، بالتأخر عن القتال ولا بالإقدام عليه، وفيه تشجيعهم على القتال ووعد للرسول بحفظه وتأخر أجله؛ فإن الله تعالى كتب أجل الموت {كتاباً مؤجلاً}؛ مؤقتاً لا يتقدم ولا يتأخر.
ونزل في الرماة الذين خالفوا المركز للغنيمة: {ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤتها منها} الجزاء الجليل، {وسنجزي الشاكرين} الذين كروا نعم الله، فلم يشغلهم شيء عن الجهاد في سبيل الله، بل كان همهم رضي الله ورسوله دون شيء سواه.
الإشارة: ينبغي للمريد أن يستغني بالله، فلا يركن إلى شيء سواه، وتكون بصيرته نافذة حتى يغيب عن الواسطة بشهود الموسوط، فإن مات شيخه لم ينقلب على عقبيه، فإن تمكن من الشهود فقد استغنى عن كل موجود، وإن لم يتمكن نظر من يكمله، فالوقوف من الوسائط وقوف مع النعم دون شهود المنعم، فلا يكون شاكراً للمْنعم حتى لا يحجبه عنه شيء، ولما مات- عليه الصلاة والسلام- دهشت الناس، وتحيّرت لوقوفهم مع شهود النعمة، إلاَّ الصدِّيق؛ كان نفذ من شهود النعمة إلى شهود المُنعم، فخطب حينئذٍ على الناس، وقال: (مَنْ كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّداً فإن مُحَمَّداً قَدْ ماتَ، ومَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللّهَ حَيٌ لاَ يَمُوتِ). ثم قرأ: {وما محمد إلا رسول...} إلى قوله: {وسنجزي الشاكرين}، وهم الذين نفذوا إلى شهود المنعم، ولم يقفوا مع النعمة.
ودخل بعض العارفين على بعض الفقراء فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ قال: مات أستاذي، فقال له العارف: ولم جعلت أستاذك يموت؟ وهلا جعلته حيّاً لا يمت. فنبهه على نفاذ بصيرته إلى شهود المنعم دون الوقوف مع النعمة، فالشيخ الحقيقي هو الذي يغني صاحبه عنه وعن غيره، بالدلالة على ربه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال