سورة آل عمران / الآية رقم 152 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَماًّ بِغَمٍّ لِّكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فئاتاهم الله ثَوَابَ الدنيا} أي النصرة والظفر والغنيمة {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخرة} المغفرة والجنة. وخص بالحسن دلالة على فضله وتقدمه وأنه هو المعتد به عنده {والله يُحِبُّ المحسنين} أي هم محسنون والله يحبهم. {ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ على أعقابكم} يرجعوكم إلى الشرك {فَتَنقَلِبُواْ خاسرين} قيل: هو عام في جميع الكفار وعلى المؤمنين أن يجانبوهم ولا يطيعوهم في شيء حتى لا يستجروهم إلى موافقتهم. وعن السدي: إن تستكينوا لأبي سفيان وأصحابه وتستأمنوهم يردوكم إلى دينهم. وقال علي رضي الله عنه: نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم {بَلِ الله مولاكم} ناصركم فاستغنوا عن نصرة غيره {وَهُوَ خَيْرُ الناصرين سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} {الرعب} شامي وعلي وهما لغتان. قيل: قذف الله في قلوب المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة من غير سبب ولهم القوة والغلبة {بِمَا أَشْرَكُواْ بالله} بسبب إشراكهم أي كان السبب في إلقاء الله الرعب في قلوبهم إشراكهم به {مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سلطانا} آلهة لم ينزل الله بإشراكها حجة، ولم يرد أن هناك حجة إلا أنها لم تنزل عليهم لأن الشرك لا يستقيم أن تقوم عليه حجة، وإنما المراد نفي الحجة ونزولها جميعاً كقوله:
ولا ترى الضب بها ينجحر ***
أي ليس بها ضب فينجحر، ولم يعن أن بها ضباً ولا ينجحر {وَمَأْوَاهُمُ} مرجعهم {النار وَبِئْسَ مثوى الظالمين} النار فالمخصوص بالذم محذوف.
ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إلى المدينة قال ناس من أصحابه، من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر؟ فنزل {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ} أي حقق {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} تقتلونهم قتلاً ذريعاً. وعن ابن عيسى: حسه أبطل حسه بالقتل {بِإِذْنِهِ} بأمره وعلمه {حتى إِذَا فَشِلْتُمْ} جبنتم {وتنازعتم فِى الأمر} أي اختلفتم {وَعَصَيْتُمْ} أمر نبيكم بترككم المركز واشتغالكم بالغنيمة {مِن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ} من الظفر وقهر الكفار. ومتعلق {إذا} محذوف تقديره حتى إذا فشلتم منعكم نصره، وجاز أن يكون المعنى صدقكم الله وعده إلى وقت فشلكم {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا} أي الغنيمة وهم الذين تركوا المركز لطلب الغنيمة. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أحداً خلف ظهره واستقبل المدينة وأقام الرماة عند الجبل وأمرهم أن يثبتوا في مكانهم ولا يبرحوا كانت الدولة للمسلمين أو عليهم فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون خيلهم والباقون يضربونهم بالسيوف حتى انهزموا، والمسلمون على آثارهم يقتلونهم.
حتى إذا فشلوا وتنازعوا فقال بعضهم: قد انهزم المشركون فما موقفنا هاهنا، فادخلوا عسكر المسلمين وخذوا الغنيمة مع إخوانكم، وقال بعضهم: لا تخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن ثبت مكانه عبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر دون العشرة وهم المعنيون بقوله {وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الأخرة} فكر المشركون على الرماة وقتلوا عبد الله ابن جبير وأقبلوا على المسلمين حتى هزموهم وقتلوا من قتلوا وهو قوله {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} أي كف معونته عنكم فغلبوكم {لِيَبْتَلِيَكُمْ} ليمتحن صبركم على المصائب وثباتكم عندها وحقيقته ليعاملكم معاملة المختبر لأنه يجازي على ما يعمله العبد لا على ما يعلمه منه {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} حيث ندمتم على ما فرط منكم من عصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم {والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين} بالعفو عنهم وقبول توبتهم، أو هو متفضل عليهم في جميع الأحوال سواء أديل لهم أو أديل عليهم، لأن الابتلاء رحمة كما أن النصرة رحمة. وانتصب.
{إِذْ تُصْعِدُونَ} تبالغون في الذهاب في صعيد الأرض، والإصعاد الذهاب في صعيد الأرض أو الإبعاد فيه بصرفكم، أو بقوله {ليبتليكم} أو بإضمار {اذكروا} {وَلاَ تَلْوُونَ على أحَدٍ} ولا تلتفون وهو عبارة عن غاية انهزامهم وخوف عدوهم {والرسول يَدْعُوكُمْ} يقول: «إليّ عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة» والجملة في موضع الحال {فِى أُخْرَاكُمْ} في ساقتكم وجماعتكم الأخرى وهي المتأخرة. يقال جئت في آخر الناس وأخرهم كما تقول في أولهم وأولاهم بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى {فأثابكم} عطف على {صرفكم} أي فجازاكم الله {غَمّاً} حين صرفكم عنهم وابتلاكم {بِغَمّ} بسبب غم أذقتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيانكم أمره أو غماً مضاعفاً، غماً بعد غم وغماً متصلاً بغم، من الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول الله عليه السلام والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر {لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ} لتتمرنوا على تجرع الغموم فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع {وَلاَ مَا أصابكم} ولا على مصيب من المضار {والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} عالم بعملكم لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهذا ترغيب في الطاعة وترهيب عن المعصية. {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مّن بَعْدِ الغم أَمَنَةً نُّعَاساً} ثم أنزل الله الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتى نعسوا وغلبهم النوم. عن أبي طلحة: غشينا النعاس ونحن في مصافنا فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه. والأمنة الأمن، و{نعاساً} بدل من {أمنة} أو هو مفعول و{أمنة} حال منه مقدمة عليه نحو (رأيت راكباً رجلاً) والأصل أنزل عليكم نعاساً ذا أمنة إذ النعاس ليس هو الأمن، ويجوز أن يكون {أمنة} مفعولاً له أو حالاً من المخاطبين بمعنى ذوي أمنة أو على أنه جمع آمن كبار وبررة {يغشى} يعني النعاس.
{تغشى} بالتاء والإمالة: حمزة وعلي أي الأمنة {طَائِفَةٌ مّنكُمْ} هم أهل الصدق واليقين {وَطَائِفَةٌ} هم المنافقون {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ما يهمهم إلا هم أنفسهم وخلاصها لا همّ الدين ولا همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين رضوان الله عليهم {يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق} في حكم المصدر أي يظنون بالله غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به وهو أن لا ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم {ظَنَّ الجاهلية} بدل منه والمراد الظن المختص بالملة الجاهلية، أو ظن أهل الجاهلية أي لا يظن مثل ذلك الظن إلا أهل الشرك الجاهلون بالله {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَئ} هل لنا معاشر المسلمين من أمر الله نصيب قط يعنون النصر والغلبة على العدو {قُلْ إِنَّ الأمر} أي النصر والغلبة {كُلُّهُ لِلهِ} ولأوليائه المؤمنين {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 173] {كله} تأكيد للأمر و{لله} خبر {أن} {كله} بصري وهو مبتدأ و{لله} خبره والجملة خبر {إن} {يُخْفُونَ فِى أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ} خوفاً من السيف {يَقُولُونَ} في أنفسهم أو بعضهم لبعض منكرين لقولك لهم {إن الأمر كله لله} {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَئ مَّا قُتِلْنَا هاهنا} أي لو كان الأمر كما قال محمد: «إن الأمر كله لله ولأوليائه وأنهم الغالبون» لما غلبنا قط، ولما قتل من المسلمين من قتل في هذه المعركة. {قد أهمتهم} صفة ل {طائفة} و{يظنون} خبر ل {طائفة} أو صفة أخرى، أو حال أي قد أهمتهم أنفسهم ظانين. و{يقولون} بدل من {يظنون} و{يخفون} حال من {يقولون} و{قل إن الأمر كله لله} اعتراض بين الحال وذي الحال و{يقولون} بدل من {يخفون} أو استئناف {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ} أي من علم الله منه أنه يقتل في هذه المعركة وكتب ذلك في اللوح لم يكن به من وجوده، فلو قعدتم في بيوتكم {لَبَرَزَ} من بينكم {الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ} مصارعهم بأحد ليكون ما علم الله أنه يكون، والمعنى أن الله كتب في اللوح قتل من يقتل من المؤمنين وكتب مع ذلك أنهم الغالبون لعلمه أن العاقبة في الغلبة لهم، وأن دين الإسلام يظهر على الدين كله، وأن ما ينكبون به في بعض الأوقات تمحيص لهم {وَلِيَبْتَلِىَ الله مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ} وليمتحن ما في صدور المؤمنين من الإخلاص ويمحص ما في قلوبهم من وساوس الشيطان فعل ذلك.
أو فعل ذلك لمصالح جمة وللابتلاء والتمحيص {والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} بخفياتها.
{إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ} انهزموا {يَوْمَ التقى الجمعان} جمع محمد عليه السلام وجمع أبي سفيان للقتال بأحد {إِنَّمَا استزلهم الشيطان} دعاهم إلى الزلة وحملهم عليها {بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ} بتركهم المركز الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثبات فيه فالإضافة إلى الشيطان لطف وتقريب والتعليل بكسبهم وعظ وتأديب. وكان أصحاب محمد عليه السلام تولوا عنه يوم أحد إلا ثلاثة عشر رجلاً منهم أبو بكر وعلي وطلحة وابن عوف وسعد بن أبي وقاص والباقون من الأنصار {وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ} تجاوز عنهم {إِنَّ الله غَفُورٌ} للذنوب {حَلِيمٌ} لا يعاجل بالعقوبة {يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كالذين كَفَرُواْ} كابن أبيّ وأصحابه {وَقَالُواْ لإخوانهم} أي في حق إخوانهم في النسب أو في النفاق {إِذَا ضَرَبُواْ فِى الأرض} سافروا فيها للتجارة أو غيرها {أَوْ كَانُواْ غُزًّى} جمع غازٍ كعافٍ وعفّى وأصابهم موت أو قتل {لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ الله ذلك حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ} اللام يتعلق ب {لا تكونوا} أي لا تكونوا كهؤلاء في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم خاصة ويصون منها قلوبكم، أو ب {قالوا} أي قالوا ذلك واعتقدوه ليكون ذلك حسرة في قلوبهم والحسرة الندامة على فوت المحبوب {والله يُحْيىِ وَيُمِيتُ} رد لقولهم (إن القتال يقطع الآجال) أي الأمر بيده قد يحيي المسافر والمقاتل. ويميت المقيم والقاعد {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم على أعمالكم. {يعملون} مكي وحمزة وعلي أي الذين كفروا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال