سورة آل عمران / الآية رقم 154 / تفسير تفسير الزمخشري / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُل لَّوْ كُنتُـمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ} وعدهم الله النصر بشرط الصبر والتقوى في قوله تعالى: {إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ} [آل عمران: 125] ويجوز أن يكون الوعد قوله تعالى: {سَنُلْقِى فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} فلما فشلوا وتنازعوا لم يرعبهم. وقيل: لما رجعوا إلى المدينة قال ناس من المؤمنين من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر فنزلت. وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أحداً خلف ظهره، واستقبل المدينة وأقام الرماة عند الجبل، وأمرهم أن يثبتوا في مكانهم ولا يبرحوا كانت الدولة للمسلمين أو عليهم فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون خيلهم، والباقون يضربونهم بالسيوف حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم. يحسونهم أي يقتلونهم قتلا ذريعاً. حتى إذا فشلوا. والفشل: الجبن وضعف الرأي. وتنازعوا، فقال بعضهم: قد انهزم المشركون فما موقفنا هاهنا وقال بعضهم: لا نخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فممن ثبت مكانه عبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر دون العشرة وهم المعنيون بقوله: {وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الاخرة} ونفر أعقابهم ينهبون، وهم الذين أرادوا الدنيا، فكرّ المشركون على الرماة، وقتلوا عبد الله بن جبير رضي الله عنه، وأقبلوا على المسلمين، وحالت الريح دبوراً وكانت صباً، حتى هزموهم وقتلوا من قتلوا، وهو قوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} ليمتحن صبركم على المصائب وثباتكم على الإيمان عندها {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} لماعلم من ندمكم على ما فرط منكم من عصيان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم {والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين} يتفضل عليهم بالعفو، أو هو متفضل عليهم في جميع الأحوال سواء أديل لهم أو أديل عليهم؛ لأنّ الابتلاء رحمة كما أنّ النصرة رحمة.
فإن قلت: أين متعلق {حتى إِذَا} قلت: محذوف تقديره: حتى إذا فشلتم منعكم نصره. ويجوز أن يكون المعنى: صدقكم الله وعده إلى وقت فشلكم {إِذْ تُصْعِدُونَ} نصب بصرفكم، أو بقوله: {لِيَبْتَلِيَكُمْ} أو بإضمار {اذكر} والإصعاد: الذهاب في الأرض والإبعاد فيه. يقال: صعد في الجبل وأصعد في الأرض. يقال: أصعدنا من مكة إلى المدينة وقرأ الحسن رضي الله عنه: {تصعدون}، يعني في الجبل. وتعضد الأولى قراءة أبي: {إذ تصعدون في الوادي}.
وقرأ أبو حيوة: {تصعدون}، بفتح التاء وتشديد العين، من تصعد في السلم وقرأ الحسن رضي الله عنه: {تلون}، بواو واحدة وقد ذكرنا وجهها. وقرئ: {يصعدون}. {ويلوون} بالياء {والرسول يَدْعُوكُمْ} كان يقول: «إليّ عباد الله إليّ عباد الله، أنا رسول الله، من يكرّ فله الجنة» {فِى أُخْرَاكُمْ} في ساقتكم وجماعتكم الأخرى وهي المتأخرة.
يقال: جئت في آخر الناس وأخراهم، كما تقول: في أوّلهم وأولاهم، بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى {فأثابكم} عطف على صرفكم، أي فجازاكم الله {غَمّاً} حين صرفكم عنهم وابتلاكم {ب} سبب {غَمّ} أذقتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيانكم له، أو غما مضاعفاً، غما بعد غم، وغما متصلاً بغم، من الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر {لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ} لتتمرنوا على تجرع الغموم، وتضروا باحتمال الشدائد، فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع ولا على مصيب من المضار، ويجوز أن يكون الضمير في {فأثابكم} للرسول، أي فآساكم في الاغتمام، وكما غمكم ما نزل به من كسر الرباعية والشجة وغيرهما غمه ما نزل بكم، فأثابكم غماً اغتمه لأجلكم بسبب غم اغتممتموه لأجله، ولم يثربكم على عصيانكم ومخالفتكم لأمره، وإنما فعل ذلك ليسليكم وينفس عنكم لئلا تحزنوا على ما فاتكم من نصر الله، ولا على ما أصابكم من غلبة العدو. وأنزل الله الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتى نعسوا وغلبهم النوم.
وعن أبي طلحة رضي الله عنه: «غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه، ثم يسقط فيأخذه، وما أحد إلا ويميل تحت حجفته» وعن (الزبير) رضي الله عنه: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد علينا الخوف، فأرسل الله علينا النوم. والله إني لأسمع قول معتِّب بن قشير والنعاس يغشاني: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا. والأمنة: الأمن. وقرئ: {أمنة} بسكون الميم، كأنها المرة من الأمن و{نُّعَاساً} بدل من أمنة. ويجوز أن يكون هو المفعول، وأمنة حالاً منه مقدمة عليه، كقولك: رأيت راكباً رجلاً، أو مفعولاً له بمعنى نعستم أمنة. ويجوز أن يكون حالاً من المخاطبين، بمعنى ذوي أمنة، أو على أنه جمع آمن، كبار وبررة {يغشى} قرئ بالياء والتاء ردا على النعاس، أو على الأمنة {طَائِفَةً مّنكُمْ} هم أهل الصدق واليقين {وَطَائِفَةٌ} هم المنافقون {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ما بهم إلا هم أنفسهم لا هم الدين ولا هم الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين، أو قد أوقعتهم أنفسهم وما حل بهم في الهموم والأشجان، فهم في التشاكي والتباثّ {غَيْرَ الحق} في حكم المصدر. ومعناه: يظنون بالله غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به. و{ظَنَّ الجاهلية} بدل منه. ويجوز أن يكون المعنى: يظنون بالله ظن الجاهلية. وغير الحق: تأكيد ليظنون، كقولك: هذا القول غير ما تقول، وهذا القول لا قولك وظن الجاهلية، كقولك: حاتم الجود، ورجل صدق: يريد الظن المختص بالملة الجاهلية.
ويجوز أن يراد ظن أهل الجاهلية، أي لا يظن مثل ذلك الظن إلا أهل الشرك الجاهلون بالله {يَقُولُونَ} لرسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه {هَل لَّنَا مِنَ الامر مِن شَيْء} معناه هل لنا معاشر المسلمين من أمر الله نصيب قط، يعنون النصر والإظهار على العدو {قُلْ إِنَّ الامر كُلَّهُ للَّهِ} ولأوليائه المؤمنين وهو النصر والغلبة {كَتَبَ الله لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} [المجادلة: 21]، {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 173] {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم مَالا يُبْدُونَ لَكَ} معناه: يقولون لك فيما يظهرون: هل لنا من الأمر من شيء سؤال المؤمنين المسترشدين وهم فيما يبطنون على النفاق، يقولون في أنفسهم أو بعضهم لبعض منكرين لقولك لهم إن الأمر كله لله {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الامر شَيْء} أي لو كان الأمر كما قال محمد إن الأمر كله لله ولأوليائه وأنهم الغالبون، لما غلبنا قط. ولما قتل من المسلمين من قتل في هذه المعركة {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} يعني من علم الله منه أنه يقتل ويصرع في هذه المصارع وكتب ذلك في اللوح لم يكن بد من وجوده فلو قعدتم في بيوتكم {لَبَرَزَ} من بينكم {الذين} علم الله أنهم يقتلون {إلى مَضَاجِعِهِمْ} وهي مصارعهم ليكون ما علم الله أنه يكون. والمعنى أن الله كتب في اللوح قتل من يقتل من المؤمنين، وكتب مع ذلك أنهم الغالبون، لعلمه أن العاقبة في الغلبة لهم، وأن دين الإسلام يظهر على الدين كله، وأن ما ينكبون به في بعض الأوقات تمحيص لهم وترغيب في الشهادة، وحرصهم على الشهادة مما يحرضهم على الجهاد فتحصل الغلبة. وقيل: معناه هل لنا من التدبير من شيء، يعنون لم نملك شيئاً من التدبير حيث خرجنا من المدينة إلى أحد، وكان علينا أن نقيم ولا نبرح كما كان رأي عبد الله بن أبيّ وغيره، ولو ملكنا من التدبير شيئاً لما قتلنا في هذه المعركة، قل إن التدبير كله لله، يريد أن الله عز وجل قد دبر الأمر كما جرى، ولو أقمتم بالمدينة ولم تخرجوا من بيوتكم لما نجا من القتل من قتل منكم. وقرئ: {كتب عليهم القتال}. {وكتب عليهم القتل}، على البناء للفاعل. ولبرِّز، بالتشديد وضم الباء {وَلِيَبْتَلِىَ الله} وليمتحن ما في صدور المؤمنين من الإخلاص، ويمحص ما في قلوبهم من وساوس الشيطان. فعل ذلك أو فعل ذلك لمصالح جمة وللابتلاء والتمحيص.
فإن قلت: كيف مواقع الجمل التي بعد قوله وطائفة؟ قلت: {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ} صفة لطائفة و{يَظُنُّونَ} صفة أخرى أو حال بمعنى: قد أهمتهم أنفسهم ظانين. أو استئناف على وجه البيان للجملة قبلها. و{يَقُولُونَ} بدل من يظنون.
فإن قلت: كيف صح أن يقع ما هو مسألة عن الأمر بدلاً من الإخبار بالظن؟ قلت: كانت مسألتهم صادرة عن الظنّ، فلذلك جاز إبداله منه. ويخفون حال من يقولون. و{قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ} [آل عمران: 154] اعتراض بين الحال وذوي الحال. و{يَقُولُونَ} بدل من {يُخْفُونَ} والأجود أن يكون استئنافاً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال