سورة آل عمران / الآية رقم 155 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُل لَّوْ كُنتُـمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{ثُمَّ أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هاهنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}
يقول تعالى مُمْتَنا على عباده فيما أنزل عليهم من السكينة والأمَنَة، وهو النعاس الذي غشيهم وهم مسْتَلْئمو السلاح في حال هَمِّهم وغَمِّهم، والنعاس في مثل تلك الحال دليل على الأمان كما قال تعالى في سورة الأنفال، في قصة بدر: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنزلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ} [الأنفال: 11].
وقال الإمام أبو محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو نعيم وكيع عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن عبد الله بن مسعود قال: النعاس في القتال من الله، وفي الصلاة من الشيطان.
قال البخاري: قال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زُرَيْع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة، رضي الله عنه، قال: كنت فيمن تَغَشاه النعاس يوم أحُد، حتى سقط سيفي من يدي مرارا، يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه.
هكذا رواه في المغازي معلقا.
ورواه في كتاب التفسير مُسْنَدًا عن شيبان، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة قال: غَشينا النعاس ونحن في مَصَافنا يوم أحد. قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه.
وقد رواه الترمذي والنسائي والحاكم، من حديث حَمَّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحُد، وجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت جَحَفَتِه من النعاس. لفظ الترمذي، وقال: حسن صحيح.
ورواه النسائي أيضا، عن محمد بن المثنى، عن خالد بن الحارث، عن أبي قتيبة، عن ابن أبي عدي، كلاهما عن حميد، عن أنس قال: قال أبو طلحة: كنت فيمن ألقي عليه النعاس- الحديث.
وهكذا رُوي عن الزبير وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الحسين محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخزومي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك؛ أن أبا طلحة قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحُد، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه، قال: والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هَمٌّ إلا أنفسهُم، أجبن قوم وأرعنه، وأخْذَله للحق {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} كَذَبَةَ، أهل شك وريب في الله، عز وجل.
هكذا رواه بهذه الزيادة، وكأنها من كلام قتادة، رحمه الله، وهو كما قال؛ فإن الله عز وجل يقول: {ثُمَّ أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} يعني: أهل الإيمان واليقين والثبات والتوكل الصادق، وهم الجازمون بأن الله سينصر رسوله ويُنْجِز له مأموله، ولهذا قال: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} يعني: لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} كما قال في الآية الأخرى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12] وهكذا هؤلاء، اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنَّها الفيصلة وأن الإسلام قد باد وأهلُه، هذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة، تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة.
ثم أخبر تعالى عنهم أنهم {يَقُولُونَ} في تلك الحال: {هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ شَيْءٍ} قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ} ثم فَسر ما أخفوه في أنفسهم بقوله: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} أي: يسرون هذه المقالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن إسحاق بن يسار: فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: قال الزبير: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الخوف علينا، أرسل الله علينا النوم، فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره، قال: فوالله إني لأسمع قول مُعْتَب بن قُشَير، ما أسمعه إلا كالحلم، يقول {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله تعالى {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} لقول مُعتَب. رواه ابن أبي حاتم.
قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} أي: هذا قدر مقدر من الله عز وجل، وحكم حَتْم لا يحاد عنه، ولا مناص منه.
وقوله: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} أي: يختبركم بما جرى عليكم، وليميز الخبيثَ من الطيب، ويظهر أمْرَ المؤمن والمنافق للناس في الأقوال والأفعال، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي: بما يختلج في الصدور من السرائر والضمائر.
ثم قال {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} أي: ببعض ذنوبهم السالفة، كما قال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من جَزَاء السيئةَ السيئة بعدها.
ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} أي: عَمّا كان منهم من الفرار {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} أي: يغفر الذنب ويحلُم عن خلقه، ويتجاوز عنهم، وقد تقدم حديث ابن عمر في شأن عثمان، رضي الله عنه، وتوليه يوم أحد، وأن الله قد عفا عنهم، عند قوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} ومناسب ذكره هاهنا.
قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عَمْرو، حدثنا زائدة، عن عاصم، عن شقيق، قال: لقي عبدُ الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد: ما لي أراك جفوتَ أمير المؤمنين عثمانَ؟ فقال له عبد الرحمن: أبلغه أني لم أفر يوم عَيْنَيْن- قال عاصم: يقول يوم أحد- ولم أتخلف عن بدر، ولم أترك سُنة عمر. قال: فانطلق فَخَبر ذلك عثمان، قال: فقال: أما قوله: إني لم أفر يوم عَيْنَيْن فكيف يعَيرني بذَنْب قد عفا الله عنه، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} وأما قولُهُ: إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقَيَّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، وقد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم، ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم فقد شهِد. وأما قوله: «إني لم أترك سنَّة عمر» فإني لا أطيقها ولا هو، فأته فحدثه بذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال