سورة محمد / الآية رقم 24 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا القِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وَجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ

محمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمدمحمد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {ويقول الذين آمنوا لولا نُزَّلت سورةٌ} فيها ذِكر الجهاد، وذلك أنَّ المؤمنين كان حرصُهم على الجهاد يبعثهم على تمني ظهور الإسلام، وتمني قتال العدو، فكانوا يأنسوا بالوحي، ويستوحشون إذا أبطأ، وكان المنافقون على العكس من ذلك، {فإِذا أُنزلت سورةٌ} في معنى الجهاد {محكمةٌ} أي: مبيّنة غير متشابهة، لا تحتمل وجهاً إلا وجوب الجهاد. وعن قتادة: كل سورة فيها ذِكْر القتال فهي محكمة؛ لأن النسخ لا يَردُّ عليها؛ لأن القتال نسَخَ ما كان قبلُ من الصلح والمهادنة، وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة. اهـ.
{وذُكِر فيها القتالُ} أي: أُمر فيها بالجهاد {رأيتَ الذين في قلوبهم مرض} نفاق، أي: رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها، {ينظرون إِليك نظرَ المغشيِّ عليه من الموت} أي: تشخص أبصارُهم جُبناً وجَزعاً؛ كما ينظر مَن أصابته الغشيةُ عند الموت.
قال القشيري: كان المسلمون تضيق صدورُهم لتأخر الوحي، وكانوا يتمنون أن ينزل الوحيُ بسرعةٍ، والمنافقون إذا ذُكر القتال يكرهون ذلك؛ لما كان يشُق عليهم القتال، فكانوا بذلك يفتضحون وينظرون إليه نظر المغشيِّ عليه من الموت؛ أي: بغاية الكراهة لذلك، {فأَوْلَى لهم} تهديد، أي: الوعيد لهم. اهـ. وقيل: المعنى: فويل لهم، وهو أفعل، من: الوَلْي، وهو القرب، والمعنى: الدعاءُ عليهم بأن يليَهم المكروه، ويقربَ من ساحتِهم، وقيل: أصله: أَوْيَل، فقُلب، فوزنه: أفلَع، قال الثعلبي: يقال لمَن همّ بالعطَب ثم أفلت: أولى لك، أي: قاربت العطَب.
وقوله تعالى: {طاعةٌ وقولٌ معروف} استئناف، أي: طاعة لله وللرسول، وقولٌ معروف حسن خيرٌ لهم، أو: يكون حكايةَ قولِ المنافقين، أي: قالوا: أَمْرُنا طاعة وقول معروفٌ، قالوه نفاقاً، فيكون خبراً عن مضمر، وقيل: أَوْلَى: مبتدأ، و{طاعة}: خبره، وهذا أحسن، وهو المشهور من استعمال أَوْلى بمعنى: أحق وأصوب، أي: فالطاعة والقول المعروف أَوْلى لهم وأصوب.
{فإِذا عَزَمَ الأمرُ} أي: فإذا جدّ الأمر ولزمهم القتال {فَلَوْ صَدَقوا اللّهَ} في الإيمان والطاعة {لكان} الصدق {خيراً لهم} من كراهة الجهاد، وقيل: جواب إذا وهو العامل فيها- محذوف، أي: فإذا عزم الأمرُ خالفوا أو تخلّفوا، أو نافقوا، أو كرهوا.
{فهل عسيتم إِن توليتم أن تُفسداو في الأرض وتقطِّعوا أرحامكم} أي: فلعلكم إن أعرضتم عن دين الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض، بالتغاور والتناهب، وقطع الأرحام، بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً، أو: فهل عسيتم إن توليتم أمور الناس وتأمّرتم عليهم أن تُفسدوا في الأرض، تَفاخراً على الملك، وتهالكاً على الدنيا، فإن أحوالكم شاهدة بذلك من خراب الدين، والحرص على الدنيا.
قال في الحاشية الفاسية: والأشهر أنه من الولاية، أي: إن وُليتم الحكم، وقد جاء حديث أنهم قريش؛ أخذ الله عليهم إن وُلوا أمر الناس ألا يُفسدوا، ولا يَقطعوا الأرحام، قاله ابن حجر. اهـ.
وخبر عسى: {أن تُفسدوا} والشرط اعتراض بين الاسم والخبر، والتقدير: فهل عسيتم أن تُفسدوا في الأرض إن توليتم. تقول: عسى يا فلان إن فعلت كذا أن يكون كذا، فهل عسيتَ أنت ذلك، أي: فهل توقعت ذلك؟ {أولئك} المذكورون، فالإشارة إلى المخاطبين، إيذاناً بأن ذكر مساوئهم أوجبَ إسقاطَهم عن رتبة الخطاب، وحكاية أحوالهم الفظيعة لغيرهم، وهو مبتدأ، وخبره: {الذين لعنهم اللّهُ} أبعدهم عن رحمته، {فأصَمَّهم} عن استماع الحق والموعظة لتصاممهم عنه بسوء اختيارهم، {وأعمى أبصارهم} لتعاميهم عما يُشاهدونه من الآيات المنصوبة في الأنفُس والآفاق.
{أفلا يتدبرون القرآن} فيعرفون ما فيه من المواعظ والزواجر، حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات، {أم على قلوبٍ أقفالها} فلا يصل إليها وعظ أصلاً، و {أم} منقطعة، وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخ على عدم التدبُّر إلى الوبيخ بكون قلوبهم مُقفلة، لا تقبل التدبُّر والتفكُّر، والهمزة للتقرير. وتنكير {قلوب}، إما لتهويل حالها، وتفظيع شأنها، بإبهام أمرها في الفساد والجهالة، كأنه قيل: قلوب منكرة لا يُعرف حالها، ولا يُقادر قدرُها في القسوة، إما لأنّ المراد بها قلوبُ بعض منهم، وهم المنافقون، وإضافة الأقفال إليها للدلالة على أنها مخصوصة بها، مناسبة لها، غير مجانسة لسائر الأفعال المعهودة.
قال القشيري: إذا تدبروا القرآنَ أفضى بهم إلى حس العرفان، وأزاحهم عن ظلمة التحيرُّ {أم على قلوب أقفالها} أقفَل الحقُّ على قلوب الكفار، فلا يدخلها زواجر التنبيه، ولا تنبسط عليها شعاعُ العلم، ولا يحصل فيهم الخطابُ، والبابُ إذا كان مُقفلاً، فكما لا يدخل فيه شيء لا يخرج ما فيه، كذلك هي قلوب الكفار مقفلة؛ فلا الكفر الذي فيها يخرج، ولا الإيمان الذي يدعَوْن إليه يدخل في قلوبهم. اهـ.
وقال ابن عطية: هو الران الذي منعهم من الإيمان، ثم ذكر حكاية الشاب، وذلك أن وفْد اليمن قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم شاب، فقرأ عليهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقال الشابُّ: عليها أقفالها حتى يفتحها الله ويُفْرجَها، قال عمر: فعَظُم في عيني، فما زالت في نفس عمر رضي الله عنه حتى وُلّي الخلافة، فاستعان بذلك الفتى. اهـ. وفي الحديث: «إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له قُفل قلبه، وجعل فيه اليقين».
الإشارة: أهل التوجُّه والرياضة يفرحون بما ينزل بهم، مما يثقل على نفوسهم، كالفاقات والأزمات، وتسليط الخلق عليهم، وغير ذلك من النوائب؛ لتموت نفوسهم؛ فتحيا قلوبهم وأرواحهم بمعرفة الله، والذين في قلوبهم مرض كالوساوس والخواطر يفرُّون من ذلك، وينظرون- حين يرون أمارات ذلك- نظر المغشي عليه من الموت، فالأَوْلى لهم الخضوع تحت مجاري الأقدار، والرضا والتسليم لأحكام الواحد القهار، فإذا عزم الأمرُ بالتوجه إلى جهاد النفس، أو بالسفر إلى مَن يُداويها، فلو صدقوا في الطلب، وتوجّهوا للطبيب، لكان خيراً لهم.
فهل عسيتم إن توليتم وأعرضتم عن ذلك، ولم تُسافروا إلى الطبيب، أن تُفسدوا في الأرض بالمعاصي والغفلة، وتُقطعوا أرحامكم، إذا لا يصل رحِمَه حقيقةً إلا مَن صفا قلبه، ودخله الخوف والهيبة، أولئك الذي أبعدهم اللّهُ عن حضرتِه، فأصمَّهم عن سماع الداعي إلى الله، وأعمى أبصارهم عن رؤية خصوصيته، وأنوار معرفته، أفلا يتدبرون القرآن، فإنَّ فيه علومَ الظاهر والباطن، لكن إذا زالت عن القلوب الأقفال، وحاصلها أربعة: حب الدنيا، وحب الرئاسة، والانهماك في الحظوظ والشهوات، وكثرة العلائق والشواغل، فإن سَلِمَ من هذه صفا قلبُه، وتجلّت فيه أسرارُ معاني الذات والصفات، فيتدبّر القرآن، ويغوص في بحر أسراره، ويستخرج يواقيتَه ودرره. وبالله التوفيق.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال