سورة آل عمران / الآية رقم 164 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}
{لَقَدْ مَنَّ الله} أي أنعم وتفضل، وأصل المنّ القطع وسميت النعمة منة لأنه يقطع بها عن البلية وكذا الاعتداد بالصنيعة منًا لأنه قطع لها عن وجوب الشكر عليها، والجملة جواب قسم محذوف أي والله لقد منّ الله {عَلَى المؤمنين} أي من قومه أو من العرب مطلقًا أو من الإنس وخير الثلاثة الوسط وإليه ذهبت عائشة رضي الله تعالى عنها، فقد أخرج البيهقي وغيره عنها أنها قالت هذه للعرب خاصة والأول خير من الثالث وأيًا مّا كان فالمراد بهم على ما قال الأجهوري: المؤمنون من هؤلاء في علم الله تعالى أو الذين آل أمرهم إلى الإيمان.
{إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ} أي بينهم {رَسُولًا} عظيم القدر جليل الشأن {مّنْ أَنفُسِهِمْ} أي من نسبهم، أو من جنسهم عربيًا مثلهم أو من بني آدم لا ملكًا ولا جنيًا و{إِذْ} ظرف لمنّ وهو وإن كان عنى الوقت لكن وقع في معرض التعليل كما نص عليه معظم المحققين، والجار إما متعلق ببعث أو حذوف وقع صفة لرسولًا والامتنان بذلك إما لحصول الأنس بكونه من الإنس فيسهل التلقي منه وتزول الوحشة والنفرة الطبيعية التي بين الجنسين المختلفين، وإما ليفهموا كلامه بسهولة ويفتخروا على سائر أصناف نوع بني آدم، وإما ليفهموا ويفتخروا ويكونوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة فيكون ذلك أقرب إلى تصديقه والوثوق به صلى الله عليه وسلم، وتخصيص المؤمنين بالامتنان مع عموم نعمة البعثة كما يدل عليه قوله تعالى: {وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين} [الأنبياء: 107] لمزيد انتفاعهم على اختلاف الأقوال فيهم بها، ونظير ذلك قوله تعالى: {هُدًى لّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] وقرئ لمن منّ الله ن الجارة ومنّ المشددة النون على أنه خبر لمبتدأ محذوف مثل منه أو بعثه وحذف لقيام الدلالة، وجوز الزمخشري أن تكون إذ في محل الرفع كإذا في قولك: أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائمًا عنى لمن منّ الله تعالى على المؤمنين وقت بعثه، ولا يخفى عليك أن هذا يقتضي أن تكون إذ مبتدأ والجار والمجرور خبرًا وقد اعترض ذلك بأنه لم يعلم أن أحدًا من النحويين قال بوقوع إذ كذلك، وما في المثال إذا لا إذ، وهي أيضًا فيه ليست مبتدأ أصلًا، وإنما جوزوا فيها وجهين: النصب على أن الخبر محذوف وهي سادّة مسدّه، والرفع على أنها هي الخبر، وعلى الأول: يكون الكلام من باب جد جده لأن الأمير أخطب في حال القيام لا كونه، وعلى الثاني: من باب نهاره صائم والوجه الأول هو المشهور، وجوز الثاني عبد القاهر تمسكًا بقول بعضهم: أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة بالرفع فكأن الزمخشري قاس إذ على إذا والمبتدأ على الخبر.
وانتصر بعضهم للزمخشري بأنه قد صرح جماعة من محققي النحاة بخروج إذ عن الظرفية فتكون مفعولًا به، وبدلًا من المفعول وهذا في قوة تصريحهم بوقوعها مبتدأ وخبرًا مثلًا إذ هو قول بتصرفها، ومتى قيل به كانت جميع الأحوال مستوية في جواز الإقدام عليها من غير تفرقة بين حال وحال إلا لمانع يمنع من ذلك الحال فيها وفي غيرها من سائر الأسماء وهو أمر آخر وراء ما نحن فيه، نعم حكى الشلوبين في «شرح الجزولية» عن بعضهم أن مأخذ التصرف في الظروف هو السماع فإن كان هذا حكم أصل التصرف فقط دون أنواعه ارتفع الغبار عما قاله الزمخشري بناءًا على ما ذكرنا بلا خفاء وإن كان حكم الأنواع أيضًا كذلك فلا يقدم على الفاعلية جرد ثبوت المفعولية ولا على الابتدائية جرد ثبوت الخبرية مثلًا إلا بورود سماع في ذلك، ففي صحة كلام الزمخشري تردد بيّن لأن مجرد تصريحهم حينئذ بوقوع إذ مفعولًا وبدلًا وبوقوع إذا خبرًا مثلًا لا يجدي نفعًا لجواز ورود السماع بذلك دون غيره كما لا يخفى.
وفي قراءة رسول الله وفاطمة صلى الله تعالى عليه وعليها وسلم {مّنْ أَنفُسِهِمْ} بفتح الفاء أي من أشرفهم لأنه صلى الله عليه وسلم من أشرف القبائل وبطونها وهو أمر معلوم غني عن البيان ينبغي اعتقاده لكل مؤمن. وقد سئل الشيخ ولي الدين العراقي هل العلم بكونه صلى الله عليه وسلم بشرًا ومن العرب شرط في صحة الإيمان أو من فروض الكفاية؟ فأجاب بأنه شرط في صحة الإيمان، ثم قال: فلو قال شخص: أومن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق لكن لا أدري هل هو من البشر أو من الملائكة أو من الجن، أو لا أدري هل هو من العرب أو العجم؟ فلا شك في كفره لتكذيبه القرآن وجحده ما تلقته قرون الإسلام خلفًا عن سلف وصار معلومًا بالضرورة عند الخاص والعام ولا أعلم في ذلك خلافًا فلو كان غبيًا لا يعرف ذلك وجب تعليمه إياه فإن جحده بعد ذلك حكمنا بكفره انتهى، وهل يقاس اعتقاد أنه صلى الله عليه وسلم من أشرف القبائل والبطون على ذلك فيجب ذلك في صحة الإسلام أو لا يقاس فحينئذ يصح إيمان من لم يعرف ذلك لكنه منزه تلك الساحة العلية عن كل وصمة؟ فيه تأمل، والظاهر الثاني وهو الأوفق بعوام المؤمنين.
{يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءاياته} إما صفة أو حال أو مستأنفة، وفيه بعد أي يتلو عليهم ما يوحى إليه من القرآن بعدما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي أو بعد ما كان بعضهم كذلك وبعضهم متشوفًا متشوقًا إليه حيث أخبر كتابه الذي بيده بنزوله وبشر به {وَيُزَكّيهِمْ} أي يدعوهم إلى ما يكونون به زاكين طاهرين مما كان فيهم من دنس الجاهلية أو من خبائث الاعتقادات الفاسدة كالاعتقادات التي كان عليها مشركو العرب وأهل الكتابين، أو يشهد بأنهم أزكياء في الدين، أو يأخذ منهم الزكاة التي يطهرهم بها قاله الفراء ولا يخفى بعده ومثله القريب إليه.
{وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة} قد تقدم الكلام في ذلك. وهذا التعليم معطوف على ما قبله مترتب على التلاوة وإنما وسط بينهما التزكية التي هي عبارة عن تكميل النفس بحسب القوة العملية وتهذيبها المتفرع على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصل بالتعليم المترتب على التلاوة للإيذان بأن كل واحد من الأمور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر ولو روعي ترتيب الوجود كما في قوله تعالى: {رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولًا مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آياتك وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة وَيُزَكّيهِمْ} [البقرة: 129] لتبادر إلى الفهم عدّ الجميع نعمة واحدة وهو السر في التعبير عن القرآن بالآيات تارة وبالكتاب والحكمة أخرى رمزًا إلى أنه باعتبار كل عنوان نعمة على حدة قاله مولانا شيخ الإسلام، وقد يقال: المراد من تلاوة الآيات تلاوة ما يوحى إليه صلى الله عليه وسلم من الآيات الدالة على التوحيد والنبوة، ومن التزكية الدعاء إلى الكلمة الطيبة المتضمنة للشهادة لله تعالى بالتوحيد ولنبيه عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وبتعليم الكتاب تعليم ألفاظ القرآن وكيفية أدائه ليتهيأ لهم بذلك إقامة عماد الدين، وبتعليم الحكمة الإيقاف على الأسرار المخبوءة في خزائن كلام الله تعالى، وحينئذ أمر ترتيب هذه المتعاطفات ظاهر إذ حاصل ذلك أنه صلى الله عليه وسلم يمهد سبل التوحيد ويدعو إليه ويعلم ما يلزم بعد التلبس به ويزيد على الزبد شهدًا فتقديم التلاوة لأنها من باب التمهيد ثم التزكية لأنها بعده وهي أول أمر يحصل منه صفة يتلبس بها المؤمنون وهي من قبيل التخلية المقدمة على التحلية لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، ثم التعليم لأنه إنما يحتاج إليه بعد الإيمان، بقي أمر تقديم التعليم على التزكية في آية البقرة ولعله كان إيذانًا بشرافة التحلية كما أشرنا إليه هناك فتأمل.
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ} أي من قبل بعثة الرسول {لَفِى ضلال مُّبِينٍ} ظاهر {وَأَنْ} هي المخففة واللام هي الفارقة، والمعنى إن الشأن كانوا من قبل الخ. وإلى هذا ذهب بعض المحققين، وذكر مثله مكي إلا أنه قال: التقدير وأنهم كانوا من قبل فجعل اسمها ضميرًا عائدًا على المؤمنين، قال أبو حيان: وكلا الوجهين لا نعرف نحويًا ذهب إليه وإنما تقرر عندنا في كتب النحو ومن الشيوخ أنك إذا قلت: إن زيدًا قائم ثم خففت، فمذهب البصريين فيها إذ ذاك وجهان: أحدهما: جواز الإعمال ويكون حالها وهي مخففة كحالها وهي مشددة إلا أنها لا تعمل في مضمر، ومنع ذلك الكوفيون وهم محجوجون بالسماع الثابت من لسان العرب والوجه الثاني: وهو الأكثر عندهم أن تهمل فلا تعمل لا في ظاهر ولا مضمر لا ملفوظ به ولا مقدر البتة فإن وليها جملة اسمية ارتفعت بالابتداء والخبر ولزمت اللام في ثاني مصحوبيها إن لم ينف، وفي أولهما إن تأخر، فتقول: إن زيد لقائم ومدلوله مدلول إن زيدًا قائم، وإن وليها جملة فعلية فلابد عند البصريين أن تكون من نواسخ الابتداء، وإن جاء الفعل من غيرها فهو شاذ لا يقاس عليه عند جمهورهم.
وأجاب الحلبي عمن قدر الشأن بأنه تفسير معنى لا بيان إعراب، وقال عصام الملة: إن من قال: إن الشأن لم يرد تقدير ضمير الشأن بل جعل الجملة حالًا بتأويل القصة ذلك لئلا يختلف زمان الحال والعامل فإن زمان الكون في ضلال مبين قبل زمان التعليم لكن كون القصة ذلك مستمر، ثم قال: وهذا تأويل شائع مشهور في الحال الذي يتقدم زمان تحققه زمان تحقق العامل فاحفظه ولا تلفظه انتهى، وأنت تعلم أن ما ذكره الحلبي خلاف الظاهر، وكلام عصام الملة منظور فيه لأن المناسب لما ذكره على تقدير تعينه تقدير الشأن قبل أن لا بعدها كما لا يخفى، وجوز بعضهم كون الجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب، والأكثرون على الحالية، وعلى التقديرين فهي مبينة لكمال النعمة وتمامها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال