سورة آل عمران / الآية رقم 165 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}
لماذا تقولون: كيف يهزمنا الكفار؟ لقد حدث لكم ذلك لأنكم خالفتم الرسول الذي منَّ ربكم به عليكم، وآتاكم، وزكاكم، ويعلمكم الكتاب والحكمة، كان مقتضى ذلك أن كل ما يقوله الرسول الذي هو بهذه المواصفات أن تطيعوه، ولا يقولن أحدكم: لماذا تحدث هذه الهزيمة؟ ولا يقولن أحد لماذا حكاية أحُد وكيف يهزمنا الكفار؟ إنَّ هذا لا ينسجم مع ما قيل من أن الله مَن عليكم وبعث فيكم رسولا، ثم إن أحُداً ليست مصيبة بادئة، بل مصيبة جاءت بعدما أصبتم من أعدائكم مصيبة، ونلتم منهم ضعف ما نالوا منكم.
فأنتم بدأتم ببدر وأعطاكم الله الخير. أنتم قتلتم سبعين وأسرتم سبعين، وهم قتلوا سبعين ولم يأسروا أحداً في (أُحد)، أنتم أخذتم غنائم في بدر، وهم لم يأخذوا أي غنيمة في أحُد، ما العجيبة في هذه!! كان يجب أن تبحثوا في ذواتكم وفي نفوسكم، هل كنتم منطقيين مع إيمانكم ومع قيادة الرسول لكم!؟ أيكون منكم ذلك السؤال وهو (أنى هذا)، لأن (أنى) معناها استنكار أنَّ هَذَا يحدث أي من أين أصابنا هذا الانهزام والقتل ونحن نقاتل في سبيل الله وفينا النبي والوحي وهم مشركون ونقول لكم: وهل كنتم على مستوى الإيمان المطلوب؟ إن مستوى الإيمان المطلوب يقتضي منكم أن تنفذوا ما قاله الرسول، وأنتم لم تكونوا على هذا المستوى، الذي كنتم عليه في بدر.
وساعة تسمع (أو لما) فهناك همزة الاستفهام ثم (واو عطف)، (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا)، و(لما) هنا هي الحينية، فماذا يكون المعنى، لقد آمنتم بالله إلها وآمنتم بالرسول مبلغا، أحين تصيبكم مصيبة قد أصبتم مثليها تقولون أنى هذا؟
كان المنطق ألا تسألوا هذا السؤال أبدا لأنكم آمنتم بإله عادل له سنن لا تتبدل ولا تتحول. أكان يترك السنن من أجلكم!؟ {سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 62].
وفي موقع آخر من القرآن يقول سبحانه: {وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأولين فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلاً} [فاطر: 43].
فلو أنكم استحضرتم الإيمان بالإله الذي أطلق السنن في الكون ليسوس به أمر ملكه بما يحقق أمر المصلحة لما قلتم هذا وما دمتم قد آمنتم بأن الإله هو الذي صنع تلك السنن فكان الواجب عليكم أن تعلموا أن الإله لن يجاملكم بإبطال سننه من أجل أنكم نُسبتم إليه أولا بأنكم مسلمون، فإنكم إن خالفتم فسنن الله واقعة، وكان يجب أن تفهموا هذا الأمر، وكان يجب ألا تسألوا هذا السؤال، وقد آمنتم بالله إلها له سنن، وآمنتم بالرسول المبلغ عن الله.
أحين تصيبكم مصيبة مع هذا الإيمان قد أصبتم مثليها، وتقولون: أنى هذا؟ أنتم حدث منكم أنكم أصبتم خصومكم، وياليتكم أصبتموهم بمثل ما أصابوكم به بل أنتم مثليها، كان يجب أن تعرضوا عملكم على الموازين الإيمانية؛ فإن عرضتموه على الموازين الإيمانية لم سألتم هذا السؤال: (أنى هذا).
وساعة تسمع (أنى هذا) فلها معنيان: إما أنها تأتي بمعنى (كيف يحدث هذا)؟ وإما بمعنى (من أين يحدث هذا)؟ فإن كانت لأعيان وتحب أن تعرف، مثلما أحب سيدنا زكريا أن يعرف: من أين يأتي الرزق لسيدتنا مريم وهي في المحراب: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المحراب وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يامريم أنى لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37] أي من أين؟ وتأتي مرة أخرى بمعنى (كيف): {أَوْ كالذي مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا قَالَ أنى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة: 259].
أي كيف يحيي؟ إذن فمرة تكون بمعنى (من أين)، ومرة تكون بمعنى (كيف)، والذين دخلوا معركة أحُد كانوا ينكرون ويستعجلون لعدم انتصارهم.. فأوضح لهم الحق: لو كنتم مستحضرين قضية الإيمان بإله عادل وضع في كونه سننا وهو لن يغير سننه ولن يحولها من أجلكم أنتم، إن عليكم أن تعرفوا أن الله لا يتغير من أجل أحد، ولكن يجب أن تتغيروا أنتم من أجل الله.
{أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا}: و(لما) يعني: حين، واسمها: (لما الحينية) و(لما) تكون أيضا من أدوات وعوامل الجزم مثل: لَمْ و(لم) تنفي، و(لمَّا) أيضا تنفي مثل قوله الحق: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14].
أي أن الإيمان لم يدخل قلوبكم بعد. إنما من الجائز أنه قد يدخل بعد ذلك، هذه اسمها (لَما) الجازمة. وهناك (لما) الشرطية مثل قولنا: لما يقوم زيد يحرث كذا، وهذه فيها شرط، وفيها الزمن أي حين يقوم يحدث كذا، مثل قوله الحق: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ} [الصافات: 103-105].
أي حين أسلم وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي ناديناه، والواو هنا مقحمة مثلما في قوله تعالى: {حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} أي قال لهم. ومعنى مقحمة.. جيء بها للتوكيد والتقوية أو جاءت الواو هنا لتفيد أن نداء الله لسيدنا إبراهيم جاء مصاحبا لإلقاء ابنه إسماعيل على وجهه ليذبحه.
ف (لمّا) هذه وفي الآية التي نحن بصددها هي (لما الحينية)، أحين تصيبكم أي: أوقت تصيبكم مصيبة قد أصبتم مثليها (قلتم أنى هذا) كان يجب أن تقارنوا لماذا أصَبْتُم في بدر مِنْ عدوكم ضعف ما أصاب منكم، ولماذا أصاب عدوكم منكم يوم أُحُدٍ هذا؟ كان يجب أن تسألوا أنفسكم هذا السؤال؛ لأن الميزان منصوب وموضوع، وما دمتم تغافلتم عن هذا فسيأتي لكم الرد.. قل يا محمد لهم رداً على هذا: {هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}. لقد خالفتم عن أمر الرسول، وما دمتم خالفتم عن أمر الرسول، فلابد أن يحدث هذا بمقتضى إيمانكم بإله له سنن لا تتحول ولا تتبدل. {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أنى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}.
وبعد ذلك تذيل الآية بقوله سبحانه: {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. فما موضعها هنا؟ موضعها أنه ما دامت لله سنن، وسنن الله لا تتبدل، والله موصوف بالقدرة الفريدة له فلن يأتي إله آخر ويقول: نبطل هذه السنن. وما دام لا يوجد إله آخر يقول ذلك فهو سبحانه قدير على كل شيء، وهو قدير على أن تظل سننه دائمة، ولا توجد قوة تزحزح هذه القضية؛ لأن السنن وضعها الله. فمن الذي يغيرها؟ إنها لن تتغير إلا بقوة أعلى ومعاذ الله أن تكون هناك قوة أعلى من قوة الله؛ لذلك يوضح سبحانه: أنا قدير على كل شيء وقدير على أن أصون سنني في الكون، فلا تتخلف ولا توجد قوة أخرى تُحوِّل هذه السنن أو تبدلها.
ولا تظنوا أن ما أصابكم جاء فقط لأن السنن لا تتغير، لا، فهذا قد حدث بإذن من الله، فالله أوضح للكون: من يخالف أمري أفعل فيه كذا. إذن فالكون لم يحدث فيه شيء دون علم الله وإذنه.
ويقول الحق بعد ذلك: {وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ التقى الجمعان فَبِإِذْنِ الله...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال