سورة الفتح / الآية رقم 1 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً

الفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتح




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3)}.
التفسير:
قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} الفتح: في الأصل الحكم والقضاء بأمر من الأمور، ومنه قوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ}.
أي احكم، وقوله سبحانه: {ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها} أي ما يقضى به اللّه.
والفتح، قد غلب استعماله في النصر على العدو، والاستيلاء على بلاده، التي كانت من قبل مغلقة في وجه من يريد دخولها من غير أهلها- ومنه قوله تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}.
والمراد بالفتح هنا: التأييد، والنصر، والتمكين.
وقد نزلت هذه السورة الكريمة، بعد صلح الحديبية، الذي كان يرى كثير من المسلمين عند عقد هذا الصلح، أنه أشبه بالاستسلام.. فلقد كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قد دعا أصحابه إلى أن يهيئوا أنفسهم لأداء العمرة، وكان ذلك في السنة السادسة من الهجرة.. فلما تمّ لهم ذلك، سار بهم النبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- إلى مكة، يسوقون الهدى أمامهم، ويحبسون سيوفهم في أغمادها. فلما دنوا من مكة، كانت قريش قد استعدّت للحرب، إن دخل النبىّ والمسلمون عليهم مكة.
وقد بعث إليهم النبىّ أنه إنما جاء معتمرا لا محاربا.. ولكن القوم ركبوا رءوسهم، وأبوا إلّا أن تكون الحرب، إن دخل النبىّ والمسلمون مكة.. وقد كادت الحرب تقع، وخاصة حين جاءت إلى المسلمين شائعة بأن عثمان ابن عفان، رضى اللّه عنه، قد نالته قريش بسوء، وكان الرسول الكريم، قد بعث عثمان إلى قريش، يخبرهم بالأمر الذي جاء من أجله النبىّ والمسلمون.
ثم انتهى الأمر أخيرا إلى عقد صلح يقضى بأن يرجع النبىّ والمسلمون عامهم هذا، وأن يعودوا في العام القابل، فتخلى لهم قريش مكة، فيدخلها النبىّ وأصحابه ثلاثة أيام يقضون فيها عمرتهم.
وقد كثرت مقولات المسلمين، رفضا لهذا الصلح قبل أن يتم، وتعقيبا عليه بعد أن تمّ.. حتى لقد خلا عمر بن الخطاب، بأبى بكر، رضى اللّه عنهما، وأسرّ إليه بما في نفسه من هذا الصلح الذي يرى فيه غبنا على المسلمين، وحتى لقد جاء عمر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول له: «يا رسول اللّه: ألسنا على الحق؟ أليس القوم على الباطل؟ قال رسول اللّه: بلى! قال عمر: فلم نعطى الدنية في ديننا؟» فقال- صلوات اللّه وسلامه عليه..: «أنا عبد اللّه ولن أخالف أمر ربى ولن يضيّعنى»! فلما تم الصلح ظلت كثير من المشاعر المتضاربة تنخس في صدور المسلمين، خاصة، وأن الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، كان قد تحدث إليهم بأنهم سيدخلون مكة، وأنه رأى في ذلك رؤيا، وفيها يقول اللّه تعالى: {وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}.
ويقول اللّه سبحانه في آخر سورة الفتح: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً}.
فهذه الرؤيا التي رآها الرسول الكريم رؤيا صادقة، ولكنّ تأويلها لم يكن قد جاء زمنه بعد.. إن المسلمين سيدخلون مكة، آمنين محلّقين رءوسهم ومقصرين.. هذا هو مضمون الرؤيا، أما زمنها فلم تحدده الرؤيا، وقد عاد المؤمنون من صلح الحديبية، وهم على عهد مع قريش على دخول البيت الحرام في العام القابل.. أما الفتح القريب الذي أشار إليه قوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} فهو فتح خيبر، التي فتحها النبي بعد منصرفه من الحديبية، وفى طريق عودته إلى المدينة.
وصلح الحديبية في يومه الذي وقع فيه، وقبل أن تتكشف الأحداث التي أعقبته- هذا الصلح هو في ذاته فتح مبين كما يقول سبحانه وتعالى تعقيبا عليه: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}.
وأي فتح أعظم وأظهر من أن يعود النبىّ بالمسلمين إلى البلد الحرام، وأن يقيموا على مشارفها، فلا تجرؤ قريش على الخروج للقائهم، بل تنتظر حتى يدخلها عليهم النبىّ والمسلمون، وهم الذين أخرجوا النبىّ والمسلمين منها، وهم الذين تهدّدوا النبىّ والمسلمين، وجاءوا إلى المدينة بجيوشهم يريدون أن يدخلوها على أهلها في غزوتى أحد، والأحزاب.
فأى فتح أعظم عند المسلمين من هذا الفتح، الذي أدلّ قريشا، وعرّاها من كل ما كان لها في نفوس العرب من عزّة وسلطان؟.. لقد ذلت قريش، وأعطت يدها للنبىّ والمسلمين، ولم يكن هذا الصلح في حقيقته إلا حفظا لبقية من هذه العرّة الضائعة، وسترا لهذا الكبر المتداعى!! لقد انقلبت موازين القوى فقوى المستضعفون، وضعف الأقوياء، وتحول المدافعون إلى مهاجمين.
وإنه لو وقف الأمر بالمسلمين عند هذا الحدّ لكان ذلك نصرا لهم، وفتحا.
ولكن لم يكن هذا الفتح إلا مقدمة لفتوحات كثيرة، منها فتح مكة، ودخول أهلها في دين اللّه.
وفى هذا يقول الرسول الكريم، وقد بلغه أن لغطا بين أصحابه يدور حول هذه القضية، وأنهم لم يتحقق لهم ما وعدهم الرسول به من دخول مكة. يقول الرسول الكريم: «بئس الكلام هذا!! بل هو أعظم الفتوح، وقد رضى المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح، ويسألوكم القضية، ويرغبوا إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا» وقوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً}.
هو بيان لما ترتب على هذا الفتح من سوابغ النعمة، وفواضل الإحسان، التي يفيضها باللّه سبحانه وتعالى على نبيه الكريم.
إن هذا الفتح هو بداية الخاتمة لجهاد النبي.. صلوات اللّه وسلامه عليه، وهو القدم الأولى التي بضعها النبي على طريق النصر لدعوته، التي قام عليها هذه السنين. والتي احتمل في سبيلها ما احتمل من عنت قريش، وإخراجها له من بيته في البلد الحرام، وما أصيب على يديها في أحبابه وأصحابه الذين استشهدوا في الحرب معها.
إنه وقد انكسرت شوكة قريش في صلح الحديبية، فقد بات الأمر وشيكا بانتهاء هذا الصراع المحتدم، بين الدعوة الإسلامية، وبين المتربصين بها، وأنه بين يوم وليلة ستنحسر هذه السحابة السوداء من سماء الإسلام، ويدخل الناس في دين اللّه أفواجا.
إذن، فقد أدّى النبي رسالته، وحقق ما ندبته السماء له، ودعته إليه.
وإذن فليتقبل النبىّ عطاء اللّه له، وليسعد بما سيلقى من جزاء كريم، على هذا الجهاد العظيم، الذي ظلّ قائما عليه نحو عشرين عاما، موصولا لبلها بنهارها.
فهذا الفتح، وإن كان من اللّه، فقد أضاف اللّه سبحانه وتعالى جزاء هذا الفتح إلى الرسول الكريم.. {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً}.
فالفتح، فتح اللّه، وهو فتح للنبىّ، ومغفرة لما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهداية له إلى صراط اللّه، ثم نصر عزيز، تختم به الانتصارات التي بدأت بصلح الحديبية..!
وقد وصف صلح الحديبية بأنه فتح مبين، على حين وصف فتح مكة الذي سيلى هذا الفتح، بأنه نصر عزيز.. وذلك لأن صلح الحديبية، لم يكن الفتح فيه من قوة غالبة قاهرة، إذ كان لا يزال في قريش شيء من القوة، والاستعداد للقاء النبىّ والمسلمين.. أما فتح مكة فقد كان تحت قوة قاهرة، وسلطان غالب، فلم يكن في قريش من تحدّثه نفسه بلقاء النبىّ والمسلمين، والتصدي لهذا الجيش الغالب الذي دخل مكة على أهلها، وأعطاهم الأمان على حياتهم وأموالهم، إذا هم دخلوا في دين اللّه، وقد دخل القوم في دين اللّه صاغرين.. فهو نصر عزيز غالب، لا يلقاه القوم إلا في ذلّة وانكسار.
إن صلح الحديبية يقدّم الحساب الختامى لجهاد النبىّ في سبيل الدعوة، فيغفر له ربّه كلّ ما ألمّ بحمى النبوة، أو طاف بحرمها الطهور، من غبار هذا الاحتكاك المتصل بالحياة وأهلها.
إن هذا الغفران، هو عملية اغتسال بتلك الأنوار القدسية المنزلة على النبىّ من السماء، فلا يعلق بها بعد هذا شيء من غبار هذه الأرض.. وبهذا تتم نعمة النبوة، وتخلص للنبىّ، علوّية، قدسية، لم يمسسها سوء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال