سورة ق / الآية رقم 42 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا المَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً فَالْحَامِلاتِ وَقْراً فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ

قققققققققققالذارياتالذارياتالذارياتالذاريات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (45)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ} اللغوب: الفتور الذي يلحق الإنسان من عمل مجهد شاق.
والآية تعرض بعض مظاهر قدرة اللّه، ليرى منها المغترون بقوتهم، أين تقع هذه القوة من قوة اللّه.. وهل إذا طلبهم اللّه، وأرادهم بسوء- هل لهم من قوتهم ما يدفع عنهم بأس اللّه، وتلك بعض مظاهر قوته..؟
وتقدير خلق السموات والأرض في ستة أيام، ليس الزمن الذي تحتاج إليه قدرة اللّه لخلق هذه العوالم، وإنما هو- كما قلنا في أكثر من موضع- تقدير الزمن الذي تنضج فيه وتستوى هذه الأكوان، شأنها في هذا شأن كل مخلوق، كما يرى ذلك في مسيرة الحياة في الأحياء من نبات وحيوان.
أما قدرة اللّه سبحانه وتعالى، فلا يحكمها زمان: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [82: يس] وهذا يعنى أن الزمن عنصر من عناصر الخلق، وأن لكل مخلوق زمنا يتحرك فيه، كما أن له مكانا يدور في فلكه.
قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} هو مواساة للنبىّ الكريم فيما يلقى من أذى قومه، وما تلقى به أفواههم من فحش القول، وزور الحديث، في شأن الرسول، وفى آيات اللّه التي يتلوها عليهم.. ثم هو تهديد لهؤلاء المشركين، وأنهم مأخوذون بوعيد اللّه لهم، وأنهم لن يفلتوا من بأس اللّه إذا جاءهم.
وقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} هو دعوة للنبى أن يدع هؤلاء المشركين، وألا يصرف وقته كله في النصح لهم والجدل معهم.. بل إن عليه أن يخلص بنفسه ساعات يلقى فيها ربه، مسبّحا بحمده، متزودا بهذا الزاد الطيب الذي يمده بأسباب القوة والقدرة على احتمال هذا العبء الثقيل الذي تنوء به الجبال.
وفى اختصاص هذين الوقتين- قبل طلوع الشمس وقبل غروبها- بتسبيح اللّه وحمده، لأنهما- واللّه أعلم- هما الوقتان اللذان يحويان بين طرفيهما، الوقت الحىّ من حياة الناس، والذي فيه يكون العمل في ميادينها المختلفة.. والتسبيح بحمد للّه قبل طلوع الشمس، هو السلاح الذي يتسلح به الساعي إلى العمل والجهاد، فيكون له منه القوة التي تعينه في عمله وجهاده.. والتسبيح بحمد اللّه قبل غروب الشمس، هو صلاة شكر وحمد للّه على ما كان منه من عون وتوفيق.. ثم هو استغفار لما وقع من إهمال أو تقصير.
قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ}.
{مِنَ} هنا للتبعيض.. أي ومن بعض الليل لا كله.
وهو معطوف على قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}.
أي وسبحه كذلك بعضا من الليل، وفى أدبار السجود، أي أعقاب الصلوات.. في الليل أو في النهار.
والتسبيح بالليل يعنى أن الليل ليس كله وقتا ميّتا، بل فيه أوقات حية عند المؤمنين باللّه، يحيونها بذكر اللّه والتسبيح بحمده، حيث تخلو النفس من شواغل الحياة، ويفرغ القلب من الواردات التي ترد عليه منها في النهار.. ففى هذه الأوقات من الليل يطيب الذكر، وتصفو موارد الذاكرين.. ومثل الليل في هذا الأثر الذي يحدثه في النفس من الصفاء والصحو الروحي- ما يكون من المصلّى أثناء السجود، حيث يضع المصلى وجهه على الأرض، فلا يرى من هذا الوجود شيئا يحجبه عن اللّه، أو يشغله عن النظر إليه.. وهذا ما يشير إليه النبي صلوات اللّه وسلامه عليه في قوله: {أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد}.
قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ}.
الخطاب للنبى صلوات اللّه وسلامه عليه، ومن ورائه المؤمنون.. وهو معطوف على قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ..} وما بعده.
والمراد بالاستماع هنا، إما أن يكون الانتظار، كما يقول سبحانه:
{فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ} [47: القمر] وكما يقول جل شأنه: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ} [10: الدخان] وقوله جل شأنه: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ} [18: غافر].
وعلى هذا يكون الفعل مسلطا على ما بعده، وهو {يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ} الذي وقع مفعولا لهذا الفعل.
وفى التعبير عن الانتظار والترقب بالاستماع- إشارة إلى ما يجىء وراء هذا الانتظار، وهو هذا النداء الذي ينادى به الموتى من قبورهم، فيخرجون من الأجداث سراعا.. فكأن الأمر بالانتظار يحمل في مضمونه أمرا بالاستماع، فحسن في مقام التهديد أن يقوم المحمول مقام الحامل، لأنه هو المراد.
وإما أن يكون الاستماع على حقيقته، ويكون معموله المسلط عليه محذوفا، تقديره {واستمع} ما سنحدثك به بعد، وأصخ إليه سمعك، فهو أمر عظيم، ينبغى أن يلقاه الإنسان بكيانه كله، حتى يعيه، وحتى لا يفوته منه أي شىء.
وعلى هذا يكون قوله تعالى: {يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} يكون هذا هو ما دعى النبي صلوات اللّه وسلامه عليه إلى الاستماع له.. ومفهوم هذا أن هناك يوما سينادى فيه المنادى من مكان قريب، وأن هذا اليوم هو اليوم الذي يسمع فيه الموتى هذا النداء، وذلك هو يوم الخروج من القبور الذي يكذب به المشركون.
ووصف المكان بأنه قريب- إشارة إلى أن كل إنسان سيسمعه، أيا كان مكانه، حيث يقع النداء في أذن كل ميت، وكأن هاتفا يهتف به وهو قائم على رأسه..!
قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}.
هو إشارة إلى ما للّه سبحانه وتعالى من سلطان مطلق في ملكه، وأنه سبحانه يفعل ما يشاء.
وبهذا السلطان يحيى اللّه سبحانه وتعالى كل حىّ، وبهذا السلطان يميت اللّه كل حى، وبهذا السلطان يصير كل ما في الوجود إليه، يقبضه ويبسطه كيف يشاء.. فالبعث الذي ينكره المشركون، هو أمر واقع في سلطان اللّه.. فكما ملك- سبحانه- الحياة، يملك الموت، وكما ملك الموت يملك الحياة.
قوله تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ}.
هو متعلق بقوله تعالى: {وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} أي إلينا مصير الخلق جميعا، يوم تتشقق الأرض عنهم، ويخرجون من قبورهم سراعا إلينا، أي مسرعين إلى حيث الحساب والجزاء.
وقوله تعالى: {ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ}.
أي ذلك الحشر، حشر يسير علينا، لا نتكلف له جهدا.. {إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [40: النحل].
قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ}.
هو تهديد ووعيد المشركين المكذبين بيوم الدين.. فاللّه سبحانه وتعالى يعلم ما يقولون من مفتريات وأباطيل في النبي، وفى الكتاب الذي يتلوه عليهم، وسيجزيهم بما هم أهل له، من العذاب والنكال!
وقوله تعالى: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} هو بيان لموقف النبي من هؤلاء المعاندين المكابرين، الذين لجّ بهم الضلال، والعناد، ولن يأخذوا طريق الهدى إلا إذا أخذوا قهرا وقسرا، بيد قوية جبارة.. وهذا ليس من وظيفة النبي، ولا من محامل دعوته التي جاءت تحاجّ العقل، وتقوده بالحجة والبرهان.. فذلك هو السبيل الذي تصلح به القلوب الفاسدة، إن كان ثمة سبيل إلى إصلاحها.
وذلك هو الأسلوب الذي يقيم الدين بمقامه المكين من النفوس، إن كانت مهيأة لقبول الخير، صالحة للتجاوب معه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} وقوله سبحانه: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} وقوله جل شأنه: {فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}.
وقوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ} هو بيان لمقام النبي من دعوته، وأسلوبه في الدعوة إليها: التذكير بالقرآن، وذلك بتلاوته على الناس جميعا. كما يقول له الحق سبحانه وتعالى:
{إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [91- 92 النمل].
وفى اختصاص الذين يخافون وعيد اللّه بتلاوة القرآن عليهم، وتذكيرهم بما فيه من زواجر، مع أن الرسول مطالب بأن يتلو القرآن على الناس كلهم، وأن يذكّرهم بزواجره- في هذا إشارة إلى أن الذين من شأنهم أن يخافوا وعيد اللّه إذا استمعوا إليه، هم الذين ينتفعون بهذا القرآن، وأمّا سواهم الذين لا يسمعون، ولا يعقلون، فهم همل ضال ضائع، لا حساب له في هذا المقام.
كما يقول سبحانه: {إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [18: فاطر] وقوله تعالى: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها} [45: النازعات].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال