سورة الذاريات / الآية رقم 11 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ قُتِلَ الخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ

الذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذاريات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما كان هذا الاختلاف مما لا يكاد يصدق لأنه لا يقع فيه عاقل، بين سببه بأنهم مغلوبون عليه بقهر يد القدرة فقال: {يؤفك} أي يصرف بأيسر أمر وأسهله عن سنن الاستقامة، ويقلب من وجهه لقفاه {عنه} أي يصدر صرفه عن هذا القول مجازاً لما يلزمه من عاره، فهو لأجل ذلك يقوله: {من أفك} أي قلبه قلب قاهر أي تبين بهذا الصرف الذي هو أعظم الصرف أنه حكم في الأزل حكماً ثابتاً جامعاً، فصار لا يصد عنه قول ولا فعل إلا كان مقلوباً وجهه إلى قفاه لا يمكن أن يأتي منه بشيء على وجهه، فكأنه لا مأفوك سواه لشدة افكه وعجيب أمره.
ولما كان الكذب الإخبار بما لا حقيقة له وتعمد الافتراء، وكان الخرص الكذب والافتراء والاختلاف وكل قول بالظن، قال معلماً بما لهم على قولهم هذا: قتلوا أو قتلتم- هكذا كان الأصل ولكنه أظهر الوصف الذي استحقوه بقولهم: {قتل الخراصون} أي حصل بأيسر أمر قتل الكذابين ولا محالة من كل قاتل، والمتقولين بالظن المنقطعين للكلام من أصل لا يصلح للخرص وهو القطع، وهم الذين يقولون عن غير سند من كتاب أو سنة أو أثارة من علم، وهو دعاء أو خبر لأنه مجاب: {الذين هم} خاصة {في غمرة} أي أعماق من العمى والضلال، غارقون في سكرهم وجهلهم الذي غمرهم، ولذلك هم مضطربون اضطراب من هو يمشي في معظم البحر فهو لا يكاد ينتظم له أمر من قول ولا فعل ولا حال {ساهون} أي عريقون في السهو وهو النسيان والغفلة والحيرة وذهاب القلب إلى غيره ما يهمه، ففاعل ذلك ذو ألوان متخالفة من هول ما هو فيه وشدة كربه.
ولما حكم بسهوهم، دل عليه بقوله: {يسئلون} أي حيناً بعد حين على سبيل الاستمرار استهزاء بقولهم: {أيان} أي متى وأي حين {يوم الدين} أي وقوع الجزاء الذي يخبرنا به، ولولا أنهم بهذه الحالة لتذكروا من أنفسهم أنه ليس أحد منهم يبث عبيده أو أجراءه في عمل من الأعمال إلا وهو يحاسبهم على أعمالهم، وينظر قطعاً في أحوالهم، ويحكم بينهم في أقوالهم وأفعالهم فكيف يظن بأحكم الحاكمين أن يترك عبيدة الذين خلقهم على هذا النظام المحكم وأبدع لهم هذين الخافقين وهيأ لأجلهم فيهما ما لا ضرورة لهم في التزود للمعاد إلى سواه فيتركهم سدى يوجدهم عبثاً.
ولما تقرر أمر القيامة بالتعبير بساهون قال: {يوم} أي نقول يوم {هم على النار يفتنون} أي يرمون فيحرقون ويعذبون ويصبحون... من الاختلاف مقولاً لهم على سبيل القرع والتوبيخ: {ذوقوا فتنتكم}... العقوبة من الفتنة المحيطة.
.. واستعجالكم ما توعدون استهزاء وتكذيباً {هذا الذي كنتم به تستعجلون} أي تطلبون عجلته... {إن المتقين} أي الذين كانت التقوى لهم وصفاً ثابتاً {في جنات} أي بساتين عظيمة نحن داخلها... {وعيون}... {آخذين ما} أي كل شيء {آتاهم ربهم} أي المحسن إليهم... بتمام علمه وشامل قدرته وهو لا يدع لهم لذة إلا أنحفهم بها فيقبلونها بغاية الرغبة لأنها في غاية النفاسة. ولما كان هذا أمراً عظيماً يذهب الوهم في سببه كل مذهب، علله بقوله مؤكداً لنسبة الكفار لهم إلى الإساءة: {إنهم كانوا} أي كوناً هو كالجبلة. ولما كان الإنسان إما يكون مطيعاً في مجموع عمره أو في بعضه... على الطاعة، وكانت الطاعة تجبُّ ما قبلها، وتكون سبباً في تبديل السيئات حسنات فضلاً منه سبحانه، فكان كل من القسمين مطيعاً في جميع زمانه، نزع الجارّ فقال: {قبل ذلك} أي في دار العمل، وقيل: أخذوا ما فرض عليهم بغاية القبول لأنهم كانوا قبل فرض الفرائض يعملون على المحبة وهو معنى {محسنين} أي في معاملة الخالق والخلائق، يعبدون الله كأنهم يرونه، ثم فسر إحسانهم معبراً عنه بما هو في غاية المبالغة بقوله: {كانوا} أي لما عندهم من الإجلال له والحب فيه بحيث كأنهم مطبوعون عليه، ولغاية التأكيد وقع الإسناد إليهم مرتين {قليلاً من الليل} الذي هو وقت الراحات وقضاء الشهوات، وأكد المعنى بإثبات {ما} فقال: {ما يهجعون} أي يفعلون الهجوع وهو النوم الخفيف القليل، فما ظنك بما فوقه لأن الجملة تثبت هجوعهم وهو النوم للراحة، وكسر التعب وما ينفيه، وذكر الليل لتحقق المعنى فإن الهجوع النوم ليلاً، فالمعنى أنهم يحيون أكثر الليل وينامون أقله. ولما كان المحسن لا يرى نفسه إلا مقصراً، قال دالاًّ على ذلك وعلى أن تهجدهم يتصل بآخر الليل مؤكداً بالإسناد مرتين أيضاً: {وبالأسحار} قال ابن زيد: السحر: السدس الأخير من الليل {هم} أي دائماً بظواهرهم وبواطنهم {يستغفرون} أي يعدون مع هذا الاجتهاد أنفسهم مذنبين ويسألون غفران ذنوبهم لوفور علمهم بالله وأنهم لا يقدرون على أن يقدروه حق قدره وإن اجتهدوا لقول سيد الخلق: «لا أحصي ثناء عليك» وإبراز الضمير دال على أن غيرهم لو فعل هذا ليلة لأعجب بنفسه ورأى أنه لا أحد أفضل منه، وعلى أن استغفارهم في الكثرة يقتضي أنهم يكونون بحيث يظن أنهم أحق بالتذلل من المصرين على المعاصي، فإن استغفارهم ذلك على بصيرة لأنهم نظروا ما له سبحانه في الآفاق وفي أنفسهم من الآيات والحكم البالغة التي لا تحصى فعلموا أنه أهل لأن يطاع ويخشى فاجتهدوا وتركوا الهجوع، وأجروا الدموع، ثم قابلوا ذلك بنعمه فإذا الأعمال في غاية التقصير فأقبلوا على الاستغفار عالمين بأنه لا يمكن أن يقدر حق قدره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال