سورة البقرة / الآية رقم 40 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناًّ قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلاَ تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)}
{خالدون يابنى إسراءيل اذكروا نِعْمَتِيَ التى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} خطاب لطائفة خاصة من الكفرة المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم بعد الخطاب العام، وإقامة دلائل التوحيد والنبوة والمعاد والتذكير بصنوف الانعام، وجعله سبحانه بعد قصة آدم، لأن هؤلاء بعد ما أوتوا من البيان الواضح والدليل اللائح، وأمروا ونهوا وحرضوا على اتباع النبي الأميّ الذي يجدونه مكتوبًا عندهم ظهر منهم ضد ذلك، فخرجوا عن جنة الإيمان الرفيعة، وهبطوا إلى أرض الطبيعة، وتعرضت لهم الكلمات إلا أنهم لم يتلقوها بالقبول ففات منهم ما فات، وأقبل عليهم بالنداء ليحركهم لسماع ما يرد من الأوامر والنواهي. و{بني} جمع ابن شبيه بجمع التكسير لتغير مفرده، ولذا ألحق في فعله تاء التأنيث كقالت بنو عامر وهو مختص بالأولاد الذكور، وإذا أضيف عم في العرف الذكور والإناث فيكون عنى الأولاد وهو المراد هنا وذكر الساليكوتي أنه حقيقة في الأبناء الصلبية كما بين في الأصول واستعماله في العام مجاز، وهو محذوف اللام، وفي كونها ياء أو واوًا خلاف، فذهب إلى الأول ابن درستويه وجعله من البناء، لأن الابن فرع الأب ومبني عليه، ولهذا ينسب المصنوع إلى صانعه، فيقال للقصيدة مثلًا: بنت الفكر، وقد أطلق في شريعة من قبلنا على بعض المخلوقين أبناء الله تعالى بهذا المعنى، لكن لما تصور من هذا الجهلة الأغبياء معنى الولادة حظر ذلك حتى صار التفوه به كفرًا، وذهب إلى الثاني الأخفش، وأيده بأنهم قالوا: البنوّة، وبأن حذف الواو أكثر، وقد حذفت في أب وأخ وبه قال الجوهري ولعل الأول أصح، ولا دلالة في البنوّة لأنهم قالوا أيضًا: الفتوّة، ولا خلاف في أنها من ذوات الياء وأمر الأكثرية سهل، وعلى التقديرين في وزن ابن هل هو فعل أو فعل؟ خلاف؛ و{ إسرائيل} اسم أعجمي، وقد ذكروا أنه مركب من إيل اسم من أسمائه تعالى، و إسرا وهو العبد، أو الصفوة أو الإنسان أو المهاجر وهو لقب سيدنا يعقوب عليه السلام وللعرب فيه تصرفات، فقد قالوا: إسرائيل بهمزة بعد الألف وياء بعدها وبه قرأ الجمهور وإسراييل بياءين بعد الألف وبه قرأ أبو جعفر وغيره وإسرائل بهمزة ولام، وهو مروي عن ورش وإسرأل بهمزة مفتوحة ومكسورة بعد الراء، ولام وإسرأل بألف ممالة بعدها لام خفيفة وبها ولا إمالة وهي رواية عن نافع وقراءة الحسن وغيره و إسرائين بنون بدل اللام، كما في قوله إسرائينا:
تقول أهل السوء لما جينا *** هذا ورب البيت إسرائينا
وأضاف سبحانه هؤلاء المخاطبين إلى هذا اللقب تأكيدًا لتحريكهم إلى طاعته فإن في إسرائيل ما ليس في اسم الكريم يعقوب وقولك: يا ابن الصالح أطع الله تعالى، أحث للمأمور من قولك: يا ابن زيد مثلًا أطع، لأن الطبائع تميل إلى اقتفاء أثر الآباء وإن لم يكن محمودًا فكيف إذا كان؟ ويستعمل مثل هذا في مقام الترغيب والترهيب بناء على أن الحسنة في نفسها حسنة وهي من بيت النبوّة أحسن والسيئة في نفسها سيئة وهي من بيت النبوّة أسوأ، و{اذكروا} أمر الذكر بكسر الذال وضمها عنى واحد، ويكونان باللسان والجنان، وقال الكسائي: هو بالكسر للسان وبالضم للقلب وضد الأول الصمت، وضد الثاني النسيان.
وعلى العموم: فإما أن يكون مشتركًا بينهما، أو موضوعًا لعنى عام شامل لهما والظاهر هو الأول، والمقصود من الأمر بذلك الشكر على النعمة والقيامة بحقوقها لا مجرد الأخطار بالجنان، أو التفوه باللسان، وإضافة النعمة إلى ضميره تعالى لتشريفها، وإيجاب تخصيص شكرها به سبحانه، وقد قال بعض المحققين: إنها تفيد الاستغراق إذ لا عهد ولمناسبته قام الدعوة إلى الإيمان، فهي شاملة للنعم العامة والخاصة بالمخاطبين، وفائدة التقييد بكونها عليهم أنا من هذه الحيثية أدعى للشكر فإن الإنسان حسود غيور، وقال قتادة: أريد بها ما أنعم به على آبائهم مما قصه سبحانه في كتابه وعليهم من فنون النعمة التي أجلها إدراك زمن أشرف الأنبياء وجعلهم من جملة أمة الدعوة له، ويحتاج تصحيح الخطاب حينئذ إلى اعتبار التغليب، أو جعل نعم الآباء نعمهم، فلا جمع بين الحقيقة والمجاز كما وهمَ ويجوز في الياء من {نِعْمَتِيَ} الإسكان والفتح، والقراء السبعة متفقون على الفتح، و{أَنْعَمْتَ} صلة {التى} والعائذ محذوف، والتقدير أنعمتها وقرئ ادكروا بالدال المهملة المشددة على وزن افتعلوا.
{وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} يقال: أوفى ووفى مخففًا ومشددًا عنى، وقال ابن قتيبة: يقال: أوفيت بالعهد ووفيت به، وأوفيت الكيل لا غير، وجاء أوفى عنى ارتفع كقوله:
ربما أوفيت في علم *** ترفعن ثوبي شمالات
والعهد يضاف إلى كل ممن يتولى أحد طرفيه، والظاهر هنا أن الأول: مضاف إلى الفاعل، والثاني: إلى المفعول، فإنه تعالى أمرهم بالإيمان والعمل وعهد إليهم بما نصب من الحجج العقلية والنقلية الآمرة بذلك، ووعدهم بحسن الثواب على حسناتهم والمعنى: أوفوا بعهدي بالإيمان والطاعة أوف بعهدكم بحسن الإثابة، ولتوسط الأمر صح طلب الوفاء منهم.
واندفع ما قال العلامة التفتازاني على ما فيه أنه لا معنى لوفاء غير الفاعل بالعهد، وقيل: وهو المفهوم من كلام قتادة ومجاهد أن كليهما مضاف إلى المفعول والمعنى أوفوا بما عاهدتموني من الإيمان والتزام الطاعة أوف بما عاهدتكم من حسن الإثابة، وتفصيل العهدين قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ الله ميثاق بَنِى إسراءيل} إلى قوله سبحانه: {وَلاَدْخِلَنَّكُمْ} [المائدة: 12] الخ، ويحوج هذا إلى اعتبار أن عهد الآباء عهد الأبناء لتناسبهم في الدين، وإلا فالمخاطبون بـ {أَوْفُواْ} ما عوهدوا بالعهد المذكور في الآية، وقيل: إن فسر الإيفاء باتمام العهد تكون الإضافة إلى المفعول في الموضعين، وإن فسر راعاته تكون الإضافة الأولى للفاعل والثانية للمفعول وفيه تأمل، ولا يخفى أن للوفاء عرضًا عريضًا، فأول المراتب الظاهرة منا الاتيان بكلمتي الشهادة، ومنه تعالى حقن الدماء والمال وآخرها منا الفناء حتى عن الفناء، ومنه تعالى التحلية بأنوار الصفات والأسماء فما روي من الآثار على اختلاف أسانيدها صحة وضعفًا في بيان الوفاء بالعهدين فبالنظر إلى المراتب المتوسطة، وهي لعمري كثيرة ولك أن تقول: أول: المراتب منا توحيد الأفعال، وأوسطها: توحيد الصفات. وآخرها: توحيد الذات، ومنه تعالى ما يفيضه على السالك في كل مرتبة مما تقتضيه تلك المرتبة من المعارف والأخلاق، وقرأ الزهري {أُوفِ} بالتشديد، فإن كان موافقًا للمجرد فذاك؛ وإن أريد به التكثير والقلب إليه يميل فهو إشارة إلى عظيم كرمه وإحسانه، ومزيد امتنانه، حيث أخبر وهو الصادق، أنه يعطي الكثير في مقابلة القليل، وهو صرح بذلك في قوله سبحانه: {مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وانجزام الفعل لوقوعه في جواب الأمر والجزم إما به نفسه أو بشرط مقدر، وهو اختيار الفارسي ونص سيبويه.
{وإياى فارهبون} الرهبة الخوف مطلقًا، وقيل: مع تحرز، وبه فارق الاتقاء، لأنه مع حزم ولهذا كان الأول: للعامة، والثاني: للأئمة، والأشبه واقع الاستعمال أن الاتقاء التحفظ عن المخوف، وأن يجعل نفسه في وقاية منه، والرهبة نفس الخوف، وفي الأمر بها وعيد بالغ، وليس ذلك للتهديد والتهويل كما في {اعملوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] كما وهمَ لأن هذا مطلوب وذاك غير مطلوب كما لا يخفى و{ إياي} ضمير منفصل منصوب المحل حذوف يفسره المذكور، والفاء عند بعضهم جزائية زحلقت من الجزاء المحذوف إلى مفسره ليكون دليلًا على تقدير الشرط، ويحتمل أن تكون مفسرة للفاء الجزائية المحذوفة مع الجزاء، ومن أطلق الجزائية عليها فقد توسع، ولا يجوز أن تكون عاطفة لئلا يجتمع عاطفان، واختار صاحب «المفتاح» أنها للعطف على الفعل المحذوف، فإن أريد التعقيب الزماني أفادت طلب استمرار الرهبة في جميع الأزمنة بلا تخلل فاصل وإن أريد الرتبي كان مفادها طلب الترقي من رهبة إلى رهبة أعلى ولا يقدح في ذلك اجتماعها مع واو العطف مثلًا لأنها لعطف المحذوف على ما قبله وهذه الفاء لعطف المذكور على المحذوف وكون {فارهبون} مفسرًا للمحذوف لا يقتضي اتحاده به من جميع الوجوه وأن لا يفيد معنى سوى التفسير حتى لا يصح جعلها عاطفة، واستحسن هذا بعض المتأخرين لاشتماله على معنى بديع خلت عنه الجزائية، وقال بعضهم كالمتوسط في المسألة: إنها عاطفة بحسب الأصل، وبعد الحذف زحلقت وجعلت جزائية وعلى كل تقدير فالآية الكريمة آكد في إفادة التخصيص من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] وعدّ من وجوه التأكيد تقديم الضمير المنفصل وتأخير المتصل والفاء الموجبة معطوفًا عليه ومعطوفًا أحدهما مظهر والآخر مضمر تقديره إياي ارهبوا {فارهبون} وما في ذلك من تكرير الرهبة وما فيه من معنى الشرط بدلالة الفاء والمعنى إن كنتم متصفين بالرهبة فخصوني بالرهبة، وحذف متعلق الرهبة للعموم أي ارهبوني في جميع ما تأتون وتذرون، وقيل: ارهبون في نقض العهد؛ ولعل التخصيص به مستفاد من ذكر الأمر بالرهبة معه ثم الخوف خوفان: خوف العقاب وهو نصيب أهل الظاهر، وخوف إجلال وهو نصيب أهل القلوب. وما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المعنى ارهبون أن أنزل بكم ما أنزلت ن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره ظاهر في قسم أهل الظاهر وهو المناسب بحال هؤلاء المخاطبين الذين {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مّنَ الحياة الدنيا وَهُمْ عَنِ الاخرة هُمْ غافلون} [الروم: 7] وحذفت ياء الضمير من ارهبون لأنها فاصلة، وقرأ ابن أبي إسحق بالياء على الأصل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال