سورة آل عمران / الآية رقم 179 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظاًّ فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لُهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ} يسرون بما أنعم الله عليهم وما تفضل عليهم من زيادة الكرامة {وَأَنَّ الله} عطف على النعمة والفضل. {وإن الله}: عليٌّ بالكسر على الاستئناف وعلى أن الجملة اعتراض {لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين} بل يوفر عليهم. {الذين استجابوا لِلَّهِ والرسول} مبتدأ خبره {للذين أحسنوا}، أو صفة للمؤمنين، أو نصب على المدح {مِن بَعْدِ مَا أصابهم القرح} الجرح. روي أن أبا سفيان وأصحابه لما انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا وهموا بالرجوع فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يرهبهم ويريهم من نفسه وأصحابه قوة، فندب النبيّ أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان، فخرج يوم الأحد من المدينة مع سبعين رجلاً حتى بلغوا حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال، وكان بأصحابه القرح فألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا فنزلت {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ واتقوا} {من} للتبيين. مثلها في قوله: {وَعَدَ الله الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً} [الفتح: 29]. لأن الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا كلهم واتقوا لا بعضهم {أَجْرٌ عَظِيمٌ} في الآخرة.
{الذين قَالَ لَهُمُ الناس} بدل من الذين استجابوا {إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} روي أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل. فقال عليه السلام: «إن شاء الله» فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال: يا نعيم إني واعدت محمداً أن نلتقي بموسم بدر وقد بدا لي أن أرجع فالحق بالمدينة، فثبطهم ولك عندي عشرة من الإبل، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم: أتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم فوالله لا يفلت منكم أحد فقال عليه السلام: «والله لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد» فخرج في سبعين راكباً وهم يقولون {حسبنا الله ونعم الوكيل} حتى وافوا بدراً وأقاموا بها ثماني ليال وكانت معهم تجارة فباعوها وأصابوا خيراً، ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين ولم يكن قتال، ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق وقالوا: إنما خرجتم لتأكلوا السويق. فالناس الأول نعيم وهو جمع أريد به الواحد أو كان له أتباع يثبطون مثل تثبيطه، والثاني أبو سفيان وأصحابه. {فاخشوهم} فخافوهم {فَزَادَهُمُ} أي المقول الذي هو {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} أو القول، أو نعيم {إيمانا} بصيرة وإيقاناً {وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله} كافينا الله أي الذي يكفينا الله.
يقال أحسبه الشيء إذا كفاه وهو بمعنى المحسب بدليل أنك تقول (هذا رجل حسبك) فتصف به النكرة لأن إضافته غير حقيقية لكونه في معنى اسم الفاعل {وَنِعْمَ الوكيل} ونعم الموكول إليه هو {فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مّنَ الله} وهي السلامة وحذر العدو منهم {وَفَضْلٍ} وهو الربح في التجارة فأصابوا بالدرهم درهمين {لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء} لم يلقوا ما يسوءهم من كيد عدو وهو حال من الضمير في {انقلبوا}، وكذا {بنعمة} والتقدير: فرجعوا من بدر منعمين بريئين من سوء {واتبعوا رضوان الله} بجرأتهم وخروجهم إلى وجه العدو على أثر تثبيطه وهو معطوف على {انقلبوا} {والله ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} قد تفضل عليهم بالتوفيق فيما فعلوا. {إِنَّمَا ذلكم الشيطان} هو خبر {ذلكم} أي إنما ذلك المثبط هو الشيطان وهو نعيم {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي المنافقين وهو جملة مستأنفة بيان لشيطنته، أو الشيطان صفة لاسم الإشارة و{يخوف} الخبر {فَلاَ تَخَافُوهُمْ} أي أولياءه {وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} لأن الإيمان يقتضي أن يؤثر العبد خوف الله على خوف غيره. و{خافوني} في الوصل والوقف: سهل ويعقوب، وافقهما أبو عمرو في الوصل.
{وَلاَ يَحْزُنكَ} {يحزنك} في كل القرآن: نافع إلا في سورة الأنبياء {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر} [الأنبياء: 103] {الذين يسارعون فِى الكفر} يعني لا يحزنوك لخوف أن يضروك ألا ترى إلى قوله {إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً} أي أولياء الله يعني أنهم لا يضرون بمسارعتهم في الكفر غير أنفسهم وما وبال ذلك عائداً على غيرهم. ثم بين كيف يعود وباله عليهم بقوله {يُرِيدُ الله أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِى الآخرة} أي نصيباً من الثواب {وَلَهُمْ} بدل الثواب {عَذَابٌ عظِيمٌ} وذلك أبلغ ما ضر به الإنسان نفسه، والآية تدل على إرادة الكفر والمعاصي لأن إرادته أن لا يكون لهم ثواب في الآخرة لا تكون بدون إرادة كفرهم ومعاصيهم.
{إِنَّ الذين اشتروا الكفر بالإيمان} أي استبدلوه به {لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً} هو نصب على المصدر أي شيئاً من الضرر. الآية الأولى فيمن نافق من المتخلفين أو ارتد عن الإسلام، والثانية في جميع الكفار أو على العكس {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ} وثلاثة بعدها مع ضم الباء في {يحسبنهم} بالياء: مكي وأبو عمرو، وكلها بالتاء: حمزة، وكلها بالياء: مدني وشامي إلا {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ} فإنها بالتاء. الباقون: الأوليان بالياء والأخريان بالتاء. {الذين كَفَرُواْ} فيمن قرأ بالياء رفع أي ولا يحسبن الكافرون. و{أن} مع اسمه وخبره في قوله {أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأَِنفُسِهِمْ} في موضع المفعولين ل {يحسبن} والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا إملاءنا خيراً لأنفسهم. و{ما} مصدرية وكان حقها في قياس علم الخط أن تكتب مفصولة ولكنها وقعت في الإمام متصلة فلا يخالف.
وفيمن قرأ بالتاء نصب أي ولا تحسبن الكافرين وأنما نملي لهم خير لأنفسهم بدل من الكافرين، أي ولا تحسبن أن ما نملي للكافرين خير لهم، و{أن} مع ما في حيزه ينوب عن المفعولين، والإملاء لهم إمهمالهم وإطالة عمرهم. {إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً} {ما} هذه حقها أن تكتب متصلة لأنها كافة دون الأولى، وهذه جملة مستأنفة تعليل للجملة قبلها كأنه قيل: ما بالهم لا يحسبون الإملاء خيراً لهم؟ فقيل: إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً. والآية حجة لنا على المعتزلة في مسألتي الأصلح وإرادة المعاصي {وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.
اللام في {مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} من اختلاط المؤمنين الخلص والمنافقين لتأكيد النفي {حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب} حتى يعزل المنافق عن المخلص. {يميز}: حمزة وعلي. والخطاب في {أنتم} للمصدقين من أهل الإخلاص والنفاق كأنه قيل: ما كان الله ليذر المخلصين منكم على الحال التي أنتم عليها من اختلاط بعضكم ببعض حتى يميزهم منكم بالوحي إلى نبيه وإخباره بأحوالكم {وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب} وما كان الله ليؤتي أحد منكم علم الغيوب فلا تتوهموا عند إخبار الرسل بنفاق الرجل وإخلاص الآخر أنه يطلع على ما في القلوب إطلاع الله فيخبر عن كفرها وإيمانها {وَلَكِنَّ الله يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء} أي ولكن الله يرسل الرسول فيوحي إليه ويخبره بأن في الغيب كذا وأن فلاناً في قلبه النفاق وفلاناً في قلبه الإخلاص، فيعلم ذلك من جهة إخبار الله لا من جهة نفسه. والآية حجة على الباطنية فإنهم يدعون ذلك العلم لإمامهم فإن لم يثبتوا النبوة له صاروا مخالفين للنص حيث أثبتوا علم الغيب لغير الرسول، وإن أثبتوا النبوة له صاروا مخالفين لنص آخر وهو قوله {وَخَاتَمَ النبيين} [الأحزاب: 40] {فَئَامِنُواْ بالله وَرُسُلِهِ} بصفة الإخلاص {وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ} النفاق {فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} في الآخرة.
ونزل في مانعي الزكاة {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَا ءاتاهم الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ} من قرأ بالتاء قدر مضافاً محذوفاً أي ولا تحسبن بخل الباخلين و{هو} فصل و{خيراً لهم} مفعول ثانٍ، وكذا من قرأ بالياء وجعل فاعل {يحسبن} ضمير رسول الله أو ضمير أحد، ومن جعل فاعله {الذين يبخلون} كان التقدير: ولا يحسبن الذين يبخلون بخلهم هو خير لهم و{هو} فصل و{خيراً لهم} مفعول ثانٍ {بَلْ هُوَ} أي البخل {شَرٌّ لَّهُمْ} لأن أموالهم ستزول عنهم ويبقى عليهم وبال البخل {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ القيامة} تفسير لقوله {بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} أي سيجعل مالهم الذي منعوه عن الحق طوقاً في أعناقهم كما جاء في الحديث: «من منع زكاة ماله يصير حية ذكراً أقرع له نابان فيطوق في عنقه فينهشه ويدفعه إلى النار» {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السموات والأرض} وله ما فيهما مما يتوارثه أهلهما من مال وغيره، فما لهم يبخلون عليه بملكه ولا ينفقونه في سبيل الله؟ والأصل في ميراث موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. {والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وبالياء مكي وأبو عمرو، فالتاء على طريقة الالتفات وهو أبلغ في الوعيد، والياء على الظاهر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال