سورة الذاريات / الآية رقم 59 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ وَالْبَيْتِ المَعْمُورِ وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً وَتَسِيرُ الجِبَالُ سَيْراً فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعاًّ هَذِهِ النَّارُ الَتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ

الذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالذارياتالطورالطورالطورالطورالطورالطورالطورالطور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}
قوله تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} قيل: إن هذا خاص فيمن سبق في علم الله أنه يعبده، فجاء بلفظ العموم ومعناه الخصوص. والمعنى: وما خلقت أهل السعادة من الجن والانس إلا ليوحدون. قال القشيري: والآية دخلها التخصيص على القطع، لان المجانين والصبيان ما أمروا بالعبادة حتى يقال أراد منهم العبادة، وقد قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} ومن خلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة، فالآية محمولة على المؤمنين منهم، وهو كقوله تعالى: {قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا} وإنما قال فريق منهم. ذكره الضحاك والكلبي والفراء والقتبي.
وفي قراءة عبد الله: {وما خلقت الجن والانس من المؤمنين إلا ليعبدون} وقال علي رضي الله عنه: أي وما خلقت الجن ولأنس إلا لآمرهم بالعبادة. واعتمد الزجاج على هذا القول، ويدل عليه قوله تعالى: {وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً}. فإن قيل: كيف كفروا وقد خلقهم للإقرار بربوبيته والتذلل لأمره ومشيئته؟ قيل: تذللوا لقضائه عليهم، لان قضاءه جار عليهم لا يقدرون على الامتناع منه، وإنما خالفهم من كفر في العمل بما أمره به، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه.
وقيل: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي إلا ليقروا لي بالعبادة طوعا أو كرها، رواه علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس. فالكره ما يرى فيهم من أثر الصنعة. مجاهد: إلا ليعرفوني.
الثعلبي: وهذا قول حسن، لأنه لو لم يخلقهم لما عرف وجوده وتوحيده. ودليل هذا التأويل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} وما أشبه هذا من الآيات. وعن مجاهد أيضا: إلا لآمرهم وأنهاهم. زيد بن أسلم: هو ما جبلوا عليه من الشقوة والسعادة، فخلق السعداء من الجن والانس للعبادة، وخلق الأشقياء منهم للمعصية. وعن الكلبي أيضا: إلا ليوحدون، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء، وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء، يدل عليه قوله تعالى: {وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} الآية.
وقال عكرمة: إلا ليعبدون ويطيعون فأثيب العابد وأعاقب الجاحد.
وقيل: المعنى إلا لاستعبدهم. والمعنى متقارب، تقول: عبد بين العبودة والعبودية، واصل العبودية الخضوع والذل. والتعبيد التذليل، يقال: طريق معبد. قال:
وظيفا وظيفا فوق مور معبد ***
والتعبيد الاستعباد وهو أن يتخذه عبدا. وكذلك الاعتباد. والعبادة: الطاعة، والتعبد التنسك. فمعنى {لِيَعْبُدُونِ} ليذلوا ويخضعوا ويعبدوا. {ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ} {مِنْ} صلة أي رزقا بل أنا الرزاق والمعطي.
وقال ابن عباس وأبو الجوزاء: أي ما أريد أن يرزقوا أنفسهم ولا أن يطعموها.
وقيل: المعنى ما أريد أن يرزقوا عبادي ولا أن يطعموهم {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} وقرأ ابن محيصن وغيره {الرازق}. {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} أي الشديد القوي. وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب والنخعي {الْمَتِينُ} بالجر على النعت للقوة. الباقون بالرفع على النعت ل {الرَّزَّاقُ} أو {ذُو} من قوله: {ذُو الْقُوَّةِ} أو يكون خبر ابتداء محذوف، أو يكون نعتا لاسم إن على الموضع، أو خبرا بعد خبر. قال الفراء: كان حقه المتينة فذكره لأنه ذهب بها إلى الشيء المبرم المحكم الفتل، يقال: حبل متين. وأنشد الفراء:
لكل دهر قد لبست أثوبا *** حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا
من ريطة واليمنة المعصبا ***
فذكر المعصب، لان اليمنة صنف من الثياب، ومن هذا الباب قوله تعالى: {فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ} أي وعظ {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} أي الصياح والصوت. قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أي كفروا من أهل مكة {ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ} أي نصيبا من العذاب مثل نصيب الكفار من الأمم السالفة.
وقال ابن الاعرابي: يقال يوم ذنوب أي طويل الشر لا ينقضي. واصل الذنوب في اللغة الدلو العظيمة، وكانوا يستقون الماء فيقسمون ذلك على الأنصباء فقيل للذنوب نصيب من هذا، قال الراجز:
لنا ذنوب ولكم ذنوب *** فإن أبيتم فلنا القليب
وقال علقمة:
وفي كل يوم قد خبطت بنعمة *** فحق لشأس من نداك ذنوب
وقال آخر:
لعمرك والمنايا طارقات *** لكل بني أب منها ذنوب
الجوهري: والذنوب الفرس الطويل الذنب، والذنوب النصيب، والذنوب لحم أسفل المتن، والذنوب الدلو الملأى ماء.
وقال ابن السكيت: فيها ماء قريب من الملء يؤنث ويذكر، ولا يقال لها وهي فارغة ذنوب، والجمع في أدنى العدد أذنبه والكثير ذنائب، مثل قلوص وقلائص. {فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} أي فلا يستعجلون نزول العذاب بهم، لأنهم قالوا: يا محمد {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فنزل بهم يوم بدر ما حقق به وعده وعجل بهم انتقامه، ثم لهم في الآخرة العذاب الدائم، والخزي القائم، الذي لا انقطاع له.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال