سورة النجم / الآية رقم 23 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَـاءُ وَيَرْضَى

النجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما أفهم هذا الإنكار بطلان قولهم هذا، حصر القول الحق فيها فقال مستأنفاً: {إن} أي ما {هي} أي هذه الأصنام {إلا أسماء} أي لا حقائق لها، فما ادعيتم لها من الإلهية ليس لها من ذلك إلا الأسماء، وأكد ذلك بقوله مبيناً: {سميتموها} أي ابتدعتم تسميتها أنتم، واجتث قولهم من أصله فقال: {أنتم وآباؤكم} أي لا غير بمجرد الهوى لم تروا منها آية ولا كلمتكم قط كلمة تعتدونها، وعلى تقدير أن تتكلم الشياطين على ألسنتها فأي طريقة قويمة شرعت لكم وأي كلام مليح أو بليغ وصل إليكم وأي آية كبرى أرتكموها- انتهى.
ولما علم بهذا أن الله تعالى لم يأمرهم بشيء من ذلك، صرح به نافياً أن يدل على ما وسموه به دليل فقال: {ما} ولما قدم في الأعراف ترك النافي للتدريج لما تقدم بما اقتضاه، نفى هنا الإفعال النافي لأصل الفعل سواء كان بالتدريج أو غيره لأن المفصل لباب القرآن فهو للمقاصد، وذلك كاف في ذم الهوى الذي هو مقصود السورة فقال: {أنزل الله} الذي له جميع صفات الكمال {بها} أي بالاستحقاق للأسماء ولا لما وسمتموها به من الإلهية، وأعرق في النفي بقوله: {من سلطان} أي حجة تصلح مسلطاً على ما يدعي فيها.
ولما كان هذا النفي المستغرق موجباً للخصم إيساع الحيلة في ذكر دليل على أي وجه كان، وكان هؤلاء قد أبلسوا عند سماع هذا الكلام ولم يجدوا ما يقولون ولا يجدوا، فكان من حقهم أن يرجعوا فلم يرجعوا، أعرض عنهم إيذاناً بشديد الغبن قائلاً: {إن} أي ما {يتبعون} أي في وقت من الأوقات في أمر هذه الأوثان بغاية جهدهم من أنها آلهة، وأنها تشفع لهم أو تقربهم من الله {إلا الظن} أي غاية أمرهم لمن يحسن الظن بهم، فالظن ترجيح أحد الجائزين على رغم الظان.
ولما كان الظن قد يكون موافقاً للحق مخالفاً للهوى قال: {وما تهوى الأنفس} أي تشتهي، وهي- لما لها من النقص- لا تشتهي أبداً إلا بما يهوي بها عن غاية أوجها إلى أسفل حضيضها، وأما المعالي وحسن العواقب فإنما تشوق إليها العقل، قال القشيري: فالظن الجميل بالله فليس من هذا الباب، والتباس عواقب الشخص عليه ليس من هذه الجملة بسبيل، إنما الظن المعلول في الله وصفاته وأحكامه. {ولقد} أي العجب أنهم يفعلون ذلك والحال أنه قد {جاءهم من ربهم} أي المحسن إليهم {الهدى} أي الكامل في بابه إلى الدين الحق الناطق بالكتاب الناطق بالصواب على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، والرأي يقتضي أن من رأى الهدى تبعه ولو أتاه به عدوه، فكيف إذا أتاه به من هو أفضل منه من عند من إحسانه لم ينقطع عنه قط.
ولما كان التقدير: أعليهم أن يتركوا أهويتهم ويهتدوا بهدى ربهم الذي لا ملك لهم معه {أم} لهم ما تمنوا- هكذا كان الأصل، ولكنه ذكر الأصل الموجب لاتباع الهوى فقال: {للإنسان} أي الآنس بنفسه المحسن لكل ما يأتي وما يذر {ما تمنى} أي من اتباع ما يشتهي من جاه ومال وطول عمر ورفاهية عيش ومن كفره وعناده، وقوله: {لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} [فصلت: 50].
ولما كان الاستفهام إنكارياً، كان المعنى: ليس له ما تمنى، وكان ذلك دليلاً قطعياً على أنه مربوب مقهور ممن له الأمر كله، فسبب عنه قوله: {فللّه} أي الملك الأعظم وحده. ولما كانت الأخرى دار اللذات وبلوغ جميع الأماني وحرمانها، وكانوا يدعون فيها على تقدير كونها جميع ما يتمنون من شفاعة آلهتهم وإجابتها إلى إسعادهم ونحو ذلك، قدم قوله: {الآخرة} فهو لا يعطي الأماني فيها إلا لمن تبع هداه وخالف هواه {والأولى} فهو لا يعطي جميع الأماني فيها لأحد أصلاً كما هو مشاهد، فمن ترك هواه فيها نال أمانيه في الآخرة، فلهذا قدمها لا للفاصلة فإنه لو قيل الأخرى لصلحت للفاصلة.
ولما كان التقدير: فكم من شخص ترونه في الأرض مع أنه في غاية المكنة فيما يظهر لكم لا يصل إلى ربع ما يتمناه، عطف عليه قوله، مظهراً لضخامة ملكه وأنه لا يبالي بأحد، دالاً على الكثرة: {وكم من ملك} أي مقرب، ودل على زيادة قربه بشرف مسكنه فقال: {في السماوات} أي وهم في الكرامة والزلفى {لا تغني} أي لا تجزي وتسد وتكفي، ولما كان رد الجمع لحال اجتماعهم أدل على العظمة، عبر بما يحتمل ذلك فقال: {شفاعتهم} أي عن أحد من الناس {شيئاً} فقصر الأمر ورده بحذافيره إليه بقوله: {إلا} ودل باثبات الجار على أنه مع ما يحده سبحانه لا مطلقاً فقال: {من بعد أن يأذن} أي يمكن ويريد {الله} أي الذي لا أمر لأحد أصلاً معه، وعبر بأن والفعل دلالة على أنه لا عموم بعد الإذن بجميع الأوقات، وإنما ذلك يجدد بعد تجدد الإذن على حينه وقبل الأمر الباب؟ لعموم العظمة بقوله: {لمن يشاء} أي بتجدد تعلق مشيئته به لأن يكون مشفوعاً أو شافعاً.
ولما كان الملك قد يأذن في الشفاعة وهو كاره، قال معلماً أنه ليس كأولئك: {ويرضى} فحينئذ تغني شفاعتهم إذا كانوا من المأذون لهم- كل هذا قطعاً لأطماعهم وعن قولهم بمجرد الهوى أي آلهتهم تشفع لهم. ولما أخبر باتباعهم للهوى ونفى أن يكون لهم من ذلك ما يتمنونه دل على اتباعهم للهوى بقوله موضع {أنهم}: {إن الذين} وأكد تنبيهاً على أنه قول بالغ في العجب الغاية فلا يكاد يصدق أن عاقلاً بالآخرة يقوله بما جرى لهم على قولهم ذلك وأمثاله بقوله: {لا يؤمنون} أي لا يصدقون ولا هم يقرون {بالآخرة} ولذلك أكد قوله: {ليسمون الملائكة} أي كل واحد وهم رسل الله {تسمية الأنثى} بأن قالوا: هي بنات الله، كما يقال في جنس الأنثى: بنات {وما} أي والحال أنهم ما {لهم به} أي بما سموهم به، وأعرق في النفي بقوله: {من علم} ولما نفى علمهم تشوف السامع إلى الحامل لهم على ذلك فقال: {إن} أي ما {يتبعون} أي بغاية ما يكون في ذلك وغيره {إلا الظن}.
ولما كانوا كالقاطعين بأن ذلك ينفعهم، أكد قوله: {وإن الظن} أي مطلقاً في هذا وغيره، ولذلك أظهر في موضع الإضمار {لا يغني} إغناءً مبتدئاً {من الحق} أي الأمر الثابت في نفس الأمر الذي هو حقيقة الشيء وذاته بحيث يكون الظن بدله، والظن إنما يعبر به في العمليات لا العلميات ولا سيما الأصولية {شيئاً} من الإغناء عن أحد من الخلق فإنه لا يؤدي أبداً إلى الجزم بالعلم بالشيء على ما هو عليه في نفس الأمر فهو ممنوع في أصول الدين، فإن المقصود بتحقق الأمر على ما هو عليه في الواقع، وأما الفروع فإن المكلف به فيها هو الظن لكن بشرطه المأذون فيه، وهو رده إلى الأصول المستنبط منها لعجز الإنسان على القطع في جميع الفروع، تنبيهاً على عجزه وافتقاره إلى الله ليقبل عليه ويتبرأ من حوله وقوته ليكشف له من الأحقاف.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال