سورة النجم / الآية رقم 23 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَـاءُ وَيَرْضَى

النجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجمالنجم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأولَى (25) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)}
يقول تعالى مُقَرِّعا للمشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد والأوثان، واتخاذهم لها البيوت مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن، عليه الصلاة والسلام: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ}؟ وكانت اللات صخرةً بيضاء منقوشة، وعليها بيت بالطائف له أستار وسَدَنة، وحوله فناء معظّم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تابعها، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش.
قال ابن جرير: وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله تعالى، فقالوا: اللات، يعنون مؤنثة منه، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وحكي عن ابن عباس، ومجاهد، والربيع بن أنس: أنهم قرؤوا {اللاتّ} بتشديد التاء، وفسروه بأنه كان رجلا يَلُتُّ للحجيج في الجاهلية السويق، فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه.
وقال البخاري: حدثنا مسلم- هو ابن إبراهيم- حدثنا أبو الأشهب، حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس: {اللاتَ وَالْعُزَّى} قال: كان اللات رجلا يلت السَّويق، سويق الحاج.
قال ابن جرير: وكذا العُزَّى من العزيز.
وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزَّى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم».
وروى البخاري من حديث الزهري، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقَامرْك، فليتصدق».
وهذا محمول على من سبق لسانه في ذلك، كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية، كما قال النسائي: أخبرنا أحمد بن بَكَّار وعبد الحميد بن محمد قالا حدثنا مَخْلَد، حدثنا يونس، عن أبيه، حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: حلفت باللات والعزى، فقال لي أصحابي: بئس ما قلت! قلت هجرا! فأتيت رسول صلى الله عليه سلم، فذكرت ذلك له، فقال: «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وانفث عن شمالك ثلاثا، وتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم لا تعد».
وأما مناة فكانت بالمُشَلَّل- عند قُدَيد، بين مكة والمدينة- وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويُهلّون منها للحج إلى الكعبة.
وروى البخاري عن عائشة نحوه. وقد كانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة غير هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها.
قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، بها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطَوْفَاتِها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها؛ لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم، عليه السلام، ومسجده. فكانت لقريش وبني كنانة العُزَّى بنخلة، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم.
قلت: بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فهدمها، وجعل يقول:
يا عُزَّ كُفْرَانَك لا سُبْحَانَك *** إني رأيت الله قَدْ أهَانَك
وقال النسائي: أخبرنا علي بن المنذر، أخبرنا ابن فُضَيْل، حدثنا الوليد بن جُمَيْع، عن أبي الطُّفَيْلِ قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى، فأتاها خالد وكانت على ثلاث سَمُرات، فقطع السَّمُرات، وهدم البيت الذي كان عليها. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: «ارجع فإنك لم تصنع شيئًا». فرجع خالد، فلما أبصرته السَّدَنة- وهم حَجَبتها- أمعنوا في الحِيَل وهم يقولون: «يا عزى، يا عزى». فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها، فغمسها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «تلك العزى».
قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سَدَنتها وحجابها بنى مُعَتّب.
قلت: وقد بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر بن حرب، فهدماها وجعلا مكانها مسجد الطائف.
قال ابن إسحاق: وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المُشَلّل بقديد، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أبا سفيان صخر بن حرب، فهدمها. ويقال: علي بن أبي طالب.
قال: وكانت ذو الخَلَصة لدَوس وخَثعم وبَجِيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بِتَبَالة.
قلت: وكان يقال لها: الكعبة اليمانية، وللكعبة التي بمكة الكعبة الشامية.
فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي فهدمه.
قال: وكانت فَلْس لطيئ ولمن يليها بجبلي طيئ من سَلمى وأجا.
قال ابن هشام: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه علي بن أبي طالب فهدمه، واصطفى منه سيفين: الرّسُوب والمخْذَم، فَنفَّله أياهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهما سيفا علي.
قال ابن إسحاق: وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام.
وذكر أنه كان به كلب أسود، وأن الحبرين اللذين ذهبا مع تبع استخرجاه وقتلاه، وهدما البيت.
قال ابن إسحاق: وكانت رُضَاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام:
ولقد شَدَدْتُ عَلَى رُضَاء شَدّةً *** فَتَرَكْتُها قَفْرًا بِقَاع أسحَمَا
قال ابن هشام: إنه عاش ثلاثمائة وثلاثين سنة، وهو القائل:
وَلَقَد سَئِمْتُ مِنَ الحيَاةِ وَطُولِهَا *** وَعُمّرْتُ منْ عَدَد السّنِينَ مِئِينَا
مائَةً حَدّتها بَعْدَها مائَتَان لي *** وازددت مِنْ عَدَد الشّهور سِنِينَا
هَلْ مَا بَقِي إلا كَمَا قَدْ فَاتَنَا *** يَومٌ يَمُرُّ وَلَيلةٌ تَحْدُونَا
قال ابن إسحاق: وكان ذو الكَعَبَات لبكر وتغلب ابني وائل، وإياد بِسَنْداد وله يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:
بَيْنَ الخَوَرْنَق والسَّدير وَبَارقٍ *** والبيت ذو الكَعَبَات من سَنْدَاد
ولهذا قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى}؟.
ثم قال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى}؟ أي: أتجعلون له ولدا، وتجعلون ولده أنثى، وتختارون لأنفسكم الذكور، فلو اقتسمتم أنتم ومخلوق مثلكم هذه القسمة لكانت {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جورا باطلة، فكيف تقاسمون ربكم هذه القسمة التي لو كانت بين مخلوقين كانت جورا وسفها.
ثم قال منكرا عليهم فيما ابتدعوه وأحدثوه من الكذب والافتراء والكفر، من عبادة الأصنام وتسميتها آلهة: {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} أي: من تلقاء أنفسكم {مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} أي: من حجة، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ} أي: ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} أي: ولقد أرسل الله إليهم الرسل بالحق المنير والحجة القاطعة، ومع هذا ما اتبعوا ما جاؤوهم به، ولا انقادوا له.
ثم قال: {أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى} أي: ليس كل من تمنى خيرا حصل له، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} [النساء: 123]، ما كل من زعم أنه مهتد يكون كما قال، ولا كل من ود شيئا يحصل له.
قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق، حدثنا أبو عَوَانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى، فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته».
تفرد به أحمد.
وقوله: {فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأولَى} أي: إنما الأمر كله لله، مالك الدنيا والآخرة، والمتصرف في الدنيا والآخرة، فهو الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}، كقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23]، فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله، وهو لم يشرع عبادتها ولا أذن فيها، بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله، وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه؟.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال