سورة آل عمران / الآية رقم 188 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ العَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيعَادَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} قال ذلك اليهود حين سمعوا قوله تعالى: {مَّن ذَا الذى يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]. وقالوا: إن إله محمد يستقرض منا فنحن إذاً أغنياء وهو فقير. ومعنى سماع الله له أنه لم يخف عليه وأنه أعد له كفاء من العقاب {سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ} سنأمر الحفظة بكتابة ما قالوا في الصحائف، أو سنحفظه إذ الكتاب من الخلق ليحفظ ما فيه فسمي به مجازاً. و{ما} مصدرية أو بمعنى {الذي} {وَقَتْلَهُمُ الأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ} معطوف على {ما}. جعل قتلهم الأنبياء قرينة له إيذاناً له بأنهما في العظم أخوان، وأن من قتل الأنبياء لم يستبعد منه الاجتراء على مثل هذا القول: {وَنَقُولُ} لهم يوم القيامة {ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق} أي عذاب النار كما أذقتم المسلمين الغصص. قال الضحاك: يقول لهم ذلك خزنة جهنم، وإنما أضيف إلى الله تعالى لأنه بأمره كما في قوله {سنكتب} {سيكتب} و{قتلهم} و{يقول}: حمزة. {ذلك} إشارة إلى ما تقدم من عقابهم {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} أي ذلك العذاب بما قدمتم من الكفر والمعاصي، والإضافة إلى اليد لأن أكثر الأعمال يكون بالأيدي فجعل كل عمل كالواقع بالأيدي على سبيل التغليب، ولأنه يقال للآمر بالشيء فاعله فذكر الأيدي للتحقيق يعني أنه فعل نفسه لا غيره بأمره {وَأَنَّ الله لَيْسَ بظلام لّلْعَبِيدِ} وبأن الله لا يظلم عباده فلا يعاقبهم بغير جرم {الذين قَالُواْ} في موضع جر على البدل من {الذين قالوا} أو نصب بإضمار أعني أو رفع بإضمارهم.
{إِنَّ الله عَهِدَ إِلَيْنَا} أمرنا في التوراة وأوصانا {أَلاَّ نُؤْمِنَ} بأن لا نؤمن {لِرَسُولٍ حتى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النار} أي يقرب قرباناً فتنزل نار من السماء فتأكله فإن جئتنا به صدقناك، وهذه دعوى باطلة وافتراء على الله لأن أكل النار القربان سبب الإيمان للرسول الآتي به لكونه معجزة فهو إذاً وسائر المعجزات سواء {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِى بالبينات} بالمعجزات سوى القربان {وبالذى قُلْتُمْ} أي بالقربان يعني قد جاء أسلافكم الذين أنتم على ملتهم ورضوان بفعلهم {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} أي إن كان امتناعكم عن الإيمان لأجل هذا فلم لم تؤمنوا بالذين أتوابه ولم قتلتموهم {إِن كُنتُمْ صادقين} في قولكم إنما نؤخر الإيمان لهذا {فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ} فإن كذبك اليهود فلا يهولنك فقد فعلت الأمم بأنبيائها كذلك {جَاءُو بالبينات} بالمعجزات الظاهرات {والزبر} الكتب جمع زبور من الزبر وهو الكتابة. {وبالزبر}: شامي {والكتاب} جنسه {المنير} المضيء. قيل: هما واحد في الأصل وإنما ذكرا لاختلاف الوصفين، فالزبور كتاب فيه حكم زاجرة، والكتاب المنير هو الكتاب الهادي.
{كُلُّ نَفْسٍ} مبتدأ والخبر {ذَائِقَةُ الموت} وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من العموم، والمعنى لا يحزنك تكذيبهم إياك فمرجع الخلق إليّ فأجازيهم على التكذيب وأجازيك على الصبر وذلك قوله {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القيامة} أي تعطون ثواب أعمالكم على الكمال يوم القيامة فإن الدنيا ليست بدار الجزاء {فَمَن زُحْزِحَ} بعد، والزحزحة: الإبعاد {عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ} ظفر بالخير. وقيل: فقد حصل له الفوز المطلق. وقيل: الفوز نيل المحبوب والبعد عن المكروه {وَمَا الحياة الدنيا إِلاَّ متاع الغرور} شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغر حتى يشتريه ثم يتبين له فساده ورداءته، والشيطان هو المدلس الغرور. وعن سعيد بن جبير: إنما هذا لمن آثرها على الآخرة، فأما من طلب الآخرة بها فإنها متاع بلاغ. وعن الحسن: كخضرة النبات ولعب البنات لا حاصل لها {لَتُبْلَوُنَّ} والله لتبلون أي لتختبرن {فِى أموالكم} بالإنفاق في سبيل الله وبما يقع فيها من الآفات {وأَنفُسِكُمْ} بالقتل والأسر والجراح وما يرد عليه من أنواع المخاوف والمصائب، وهذه الآية دليل على أن النفس هي الجسم المعاين دون ما فيه من المعنى الباطن كما قال بعض أهل الكلام والفلاسفة، كذا في شرح التأويلات {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} يعني اليهود والنصارى {وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً} كالطعن في الدين وصد من أراد الإيمان وتخطئة من آمن ونحو ذلك {وَأَن تَصْبِرُواْ} على أذاهم {وَتَتَّقُواْ} مخالفة أمر الله {فَإِنَّ ذلك} فإن الصبر والتقوى {مِنْ عَزْمِ الأمور} من معزومات الأمور أي مما يجب العزم عليه من الأمور، خوطب المؤمنون بذلك ليوطنوا أنفسهم على احتمال ما سيلقون من الشدائد والصبر عليها حتى إذا لقوها وهم مستعدون لا يرهقهم ما يرهق من تصيبه الشدة بغتة فينكرها وتشمئز منها نفسه.
{وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق الذين أُوتُواْ الكتاب} واذكر وقت أخذ الله ميثاق أهل الكتاب {لَتُبَيّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} عن الناس بالتاء على حكاية مخاطبتهم كقوله {وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل فِى الكتاب لَتُفْسِدُنَّ} [الإسراء: 4] وبالياء: مكي وأبو عمرو وأبو بكر، لأنهم غيب والضمير للكتاب، أكد عليهم إيجاب بيان الكتاب واجتناب كتمانه {فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ} فنبذوا الميثاق وتأكيده عليهم أي لم يراعوه ولم يلتفتوا إليه، والنبذ وراء الظهر مثل في الطرح وترك الاعتداد، وهو دليل على أنه يجب على العلماء أن يبينوا الحق للناس وما علموه وأن لا يكتموا منه شيئاً لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب لنفوسهم، أو لجر منفعة أو دفع أذية، أو لبخل بالعلم، وفي الحديث: «من كتم علماً عن أهله ألجمه الله بلجام من نار» {واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} عرضاً يسيراً {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}.
والخطاب في {لاَ تَحْسَبَنَّ} لرسول الله وأحد المفعولين {الذين يَفْرَحُونَ} والثاني بمفازة، وقوله {فلا تحسبنهم} تأكيد تقديره: لا تحسبنهم فائزين {بِمَا أَتَوْاْ} بما فعلوا وهي قراءة أبيّ و{جاء} و{أتى} يستعملان بمعنى فعل {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} [مريم: 61]. {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً} [مريم: 27]. وقرأ النخعي {بما آتوا} أي أعطوا {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مّنَ العذاب} بمنجاة منه {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن شيء مما في التوراة فكتموا الحق وأخبروه بخلافه وأروه أنهم قد صدقوه واستحمدوا إليه وفرحوا بما فعلوا من تدليسهم، فأطلع الله رسوله على ذلك وسلاه بما أنزل من وعيدهم أي لا تحسبن اليهود الذين يفرحون بما فعلوا من تدليسهم عليك ويحبون أن تحمدهم بما لم يفعلوا من إخبارك بالصدق عما سألتهم عنه، ناجين من العذاب. وقيل: هم المنافقون يفرحون بما أتوا من إظهار الإيمان للمسلمين وتوصلهم بذلك إلى أغراضهم، ويستحمدون إليهم بالإيمان الذي لم يفعلوه على الحقيقة. وفيه وعيد لمن يأتي بحسنة فيفرح بها فرح إعجاب ويحب أن يحمده الناس بما ليس فيه. {وَللَّهِ مُلْكُ السموات والأرض} فهو يملك أمرهما، وفيه تكذيب لمن قال: {إن الله فقير} {والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} فهو يقدر على عقابهم.
{إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض واختلاف اليل والنهار لاَيَاتٍ} لأدلة واضحة على صانع قديم عليم حكيم قادر {لأُوْلِى الألباب} لمن خلص عقله عن الهوى خلوص اللب عن القشر، فيرى أن العرض المحدث في الجواهر يدل على حدوث الجواهر، لأن جوهراً ما لا ينفك عن عرض حادث وما لا يخلو عن الحادث فهو حادث، ثم حدوثها يدل على محدثها وذا قديم وإلا لاحتاج إلى محدث آخر إلى ما لا يتناهى، وحسن صنعه يدل على علمه، وإتقانه يدل على حكمته، وبقاؤه يدل على قدرته، قال عليه السلام: «ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها» وحكي أنه كان في بني إسرائيل من إذا عبد الله ثلاثين سنة أظلته سحابة، فعبدها فتى فلم تظله فقالت له أمه: لعل فرطة فرطت منك في مدتك. قال: ما أذكر. قالت: لعلك نظرت مرة إلى السماء ولم تعتبر. قال: لعل. قالت: فما أوتيت إلا من ذاك {الذين} في موضع جر نعت ل {أولي} أو نصب بإضمار أعني أو رفع بإضمارهم {يَذْكُرُونَ الله} يصلون {قِيَاماً} قائمين عند القدرة {وَقُعُوداً} قاعدين {وعلى جُنُوبِهِمْ} أي مضطجعين عند العجز وقياماً وقعوداً حالان من ضمير الفاعل في {يذكرون}.
و{وعلى جنوبهم} حال أيضاً، أو المراد الذكر على كل حال لأن الإنسان لا يخلو عن هذه الأحوال، وفي الحديث: «من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله» {وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السموات والأرض} وما يدل عليه اختراع هذه الأجرام العظام وإبداع صنعتها وما دبر فيها مما تكل الأفهام عن إدراك بعض عجائبه من عظم شأن الصانع وكبرياء سلطانه، وعن النبي عليه السلام: «بينا رجل مستلق على فراشه إذ رفع رأسه فنظر إلى النجوم وإلى السماء فقال: أشهد أن لك رباً وخالقاً، اللهم اغفر لي، فنظر الله إليه فغفر له» وقال عليه السلام: «لا عبادة كالتفكر» وقيل؛ الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية، وما جليت القلوب بمثل الأحزان ولا استنارت بمثل الفكر. {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلا} أي يقولون ذلك وهو في محل الحال أي يتفكرون قائلين، والمعنى ما خلقته خلقاً باطلاً بغير حكمة بل خلقته لحكمة عظيمة وهو أن تجعلها مساكن للمكلفين وأدلة لهم على معرفتك، و{هذا} إشارة إلى الخلق على أن المراد به المخلوق، أو إلى السماوات والأرض لأنها في معنى المخلوق كأنه قيل: ما خلقت هذا المخلوق العجيب باطلاً {سبحانك} تنزيهاً لك عن الوصف بخلق الباطل وهو اعتراض {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} الفاء دخلت لمعنى الجزاء تقديره إذا نزهناك فقنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال