سورة الرحمن / الآية رقم 27 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبُّ المَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَلَهُ الجَوَارِ المُنشَآتُ فِي البَحْرِ كَالأَعْلامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكْرَامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

الرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28)}
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الوجه يطلق على الذات والمجسم يحمل الوجه على العضو وهو خلاف العقل والنقل أعني القرآن لأن قوله تعالى: {كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] يدل على أن لا يبقى إلا وجه الله تعالى، فعلى القول الحق لا إشكال فيه لأن المعنى لا يبقى غير حقيقة الله أو غير ذات الله شيء وهو كذلك، وعلى قول المجسم يلزم أن لا تبقى يده التي أثبتها ورجله التي قال بها، لا يقال: فعلى قولكم أيضاً يلزم أن لا يبقى علم الله ولا قدرة الله، لأن الوجه جعلتموه ذاتاً، والذات غير الصفات فإذا قلت: كل شيء هالك إلا حقيقة الله خرجت الصفات عنها فيكون قولكم نفياً للصفات، نقول: الجواب عنه بالعقل والنقل، أما النقل فذلك أمر يذكر في غير هذا الموضع، وأما العقل فهو أن قول القائل: لم يبق لفلان إلا ثوب يتناول الثوب وما قام به من اللون والطول والعرض، وإذا قال: لم يبق إلا كمه لا يدل على بقاء جيبه وذيله، فكذلك قولنا: يبقى ذات الله تعالى يتناول صفاته وإذا قلتم: لا يبقى غير وجهه بمعنى العضو يلزمه أن لا تبقى يده.
المسألة الثانية: فما السبب في حسن إطلاق لفظ الوجه على الذات؟ نقول: إنه مأخوذ من عرف الناس، فإن الوجه يستعمل في العرف لحقيقة الإنسان، ألا ترى أن الإنسان إذا رأى وجه غيره يقول: رأيته، وإذا رأى غير الوجه من اليد والرجل مثلاً لا يقول: رأيته، وذلك لأن اطلاع الإنسان على حقائق الأشياء في أكثر الأمر يحصل بالحس، فإن الإنسان إذا رأى شيئاً علم منه مالم يكن يعلم حال غيبته، لأن الحس لا يتعلق بجميع المرئي وإنما يتعلق ببعضه، ثم إن الحس يدرك والحدس يحكم فإذا رأى شيئاً بحسه يحكم عليه بأمر بحدسه، لكن الإنسان اجتمع في وجهه أعضاء كثيرة كل واحد يدل على أمر، فإذا رأى الإنسان وجه الإنسان حكم عليه بأحكام ما كان يحكم بها لولا رؤيته وجهه، فكان أدل على حقيقة الإنسان وأحكامه من غيره، فاستعمل الوجه في الحقيقة في الإنسان ثم نقل إلى غيره من الأجسام، ثم نقل لي ما ليس بجسم، يقال في الكلام هذا وجه حسن وهذا وجه ضعيف، وقول من قال: إن الوجه من المواجهة كما هو المسطور في البعض من الكتب الفقهية فليس بشيء إذ الأمر على العكس، لأن الفعل من المصدر والمصدر من الاسم الأصلي وإن كان بالنقل، فالوجه أول ما وضع للعضو ثم استعمل واشتق منه غيره، ويعرف ذلك العارف بالتصريف البارع في الأدب.
المسألة الثالثة: لو قال: ويبقى ربك أو الله أو غيره فحصلت الفائدة من غير وقوع في توهم ما هو ابتدع، نقول: ما كان يقوم مقام الوجه لفظ آخر ولا وجه فيه إلا ما قاله الله تعالى، وذلك لأن سائر الأسماء المعروفة لله تعالى أسماء الفاعل كالرب والخالق والله عند البعض بمعنى المعبود، فلو قال: ويبقى ربك ربك، وقولنا: ربك معنيان عند الاستعمال أحدهما أن يقال: شيء من كل ربك، ثانيهما أن يقال: يبقى ربك مع أنه حالة البقاء ربك فيكون المربوب في ذلك الوقت، وكذلك لو قال: يبقى الخالق والرازق وغيرهما.
المسألة الرابعة: ما الحكمة في لفظ الرب وإضافة الوجه إليه، وقال في موضع آخر: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله} [البقرة: 115] وقال: {يُرِيدُونَ وَجْهَ الله} [الروم: 38] نقول: المراد في الموضعين المذكورين هو العبادة.
أما قوله: {فَثَمَّ وَجْهُ الله} فظاهر لأن المذكور هناك الصلاة، وأما قوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَ الله} فالمذكور هو الزكاة قال تعالى من قبل: {فَئَاتِ ذَا القربى حَقَّهُ والمسكين وابن السبيل} [الروم: 38] {ذَلِكَ خَيْرٌ لّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله} [الروم: 38] ولفظ الله يدل على العبادة، لأن الله هو المعبود، والمذكور في هذا الموضع النعم التي بها تربية الإنسان فقال: {وَجْهُ رَبّكَ}.
المسألة الخامسة: الخطاب بقوله: {رَبَّكَ} مع من؟ نقول: الظاهر أنه مع كل أحد كأنه يقول: ويبقى وجه ربك أيها السامع، ويحتمل أن يكون الخطاب مع محمد صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: فيكف قال: {فَبِأَيِّ ءَالاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} خطاباً مع الإثنين، وقال: {وَجْهُ رَبّكَ} خطاباً مع الواحد؟ نقول: عند قوله: {ويبقى وَجْهُ رَبّكَ} وقعت الإشارة إلى فناء كل أحد، وبقاء الله فقال وجه ربك أي يا أيها السامع فلا تلتفت إلى أحد غير الله تعالى، فإن كل من عداه فان، والمخاطب كثيراً ما يخرج عن الإرادة في الكلام، فإنك إذا قلت: لمن يشكو إليك من أهل موضع سأعاقب لأجلك كل من في ذلك الموضع يخرج المخاطب عن الوعيد، وإن كان من أهل الموضع فقال: {ويبقى وَجْهُ رَبّكَ} ليعلم كل أحد أن غيره فان، ولو قال: وجه ربكما لكان كل واحد يخرج نفسه ورفيقه المخاطب من الفناء، فإن قلت: لو قال ويبقى وجه الرب من غير خطاب كان أدل على فناء الكل؟ نقول: كأن الخطاب في الرب إشارة إلى اللطف والإبقاء إشارة إلى القهر، والموضع موضع بيان اللطف وتعديد النعم، فلو قال: بلفظ الرب لم يدل عليه الخطاب، وفي لفظ الرب عادة جارية وهي أنه لا يترك استعماله مع الإضافة. فالعبد يقول: ربنا اغفر لنا، ورب اغفر لي، والله تعالى يقول: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ} [الدخان: 8] و{رَبّ العالمين} [الفاتحة: 2] وحيث ترك الإضافة ذكره مع صفة أخرى من أوصاف اللفظ، حيث قال تعالى: {بَلْدَةٌ طَيّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15] وقال تعالى: {سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} [ياس: 58] ولفظ الرب يحتمل أن يكون مصدراً بمعنى التربية، يقال: ربه يربه رباً مثل رباه يربيه، ويحتمل أن يكون وصفاً من الرب الذي هو مصدر بمعنى الراب كالطب للطبيب، والسمع للحاسة، والبخل للبخيل، وأمثال ذلك لكن من باب فعل، وعلى هذا فيكون كأنه فعل من باب فعل يفعل أي فعل الذي للغريزي كما يقال فيما إذا قلنا: فلان أعلم وأحكم، فكان وصفاً له من باب فعل اللازم ليخرج عن التعدي.
المسألة السادسة: {الجلال} إشارة إلى كل صفة من باب النفي، كقولنا: الله ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولهذا يقال: جل أن يكون محتاجاً، وجل أن يكون عاجزاً، والتحقيق فيه أن الجلال هو بمعنى العظمة غير أن العظمة أصلها في القوة، والجلال في الفعل، فهو عظيم لا يسعه عقل ضعيف فجل أن يسعه كل فرض معقول: {والإكرام} إشارة إلى كل صفة هي من باب الإثبات، كقولنا: حي قادر عالم، وأما السميع والبصير فإنهما من باب الإثبات كذلك عند أهل السنة، وعند المعتزلة من باب النفي، وصفات باب النفي قبل صفات باب الإثبات عندنا، لأنا أولاً نجد الدليل وهو العالم فنقول: العالم محتاج إلى شيء وذلك الشيء ليس مثل العالم فليس بمحدث ولا محتاج، ولا ممكن، ثم نثبت له القدرة والعلم وغيرهما، ومن هنا قال تعالى لعباده: {لاَ إله إِلاَّ الله} [الصافات: 35] وقال صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» ونفي الإلهية عن غير الله، نفي صفات غير الله عن الله، فإنك إذا قلت: الجسم ليس بإله لزم منه قولك: الله ليس بجسم و(الجلال والإكرام) وصفان مرتبان على أمرين سابقين، فالجلال مرتب على فناء الغير والإكرام على بقائه تعالى، فيبقى الفرد وقد عز أن يحد أمره بفناء من عداه وما عداه، ويبقى وهو مكرم قادر عالم فيوجد بعد فنائهم من يريد، وقرئ: {ذُو الجلال}، و{ذِى الجلال}. وسنذكر ما يتعلق به في تفسير آخر السورة إن شاء الله تعالى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال