سورة الواقعة / الآية رقم 9 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ وَالإِكْرَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا وَقَعَتِ الوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجاًّ وَبُسَّتِ الجِبَالُ بَساًّ فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنْبَثاًّ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ المَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ المَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ

الرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالرحمنالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعةالواقعة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قال ابن عطية: رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَن دوام على قراءة سورة الواقعة لم يفتقر أبداً»، ودعا عثمانُ عبدَ الله بنَ مسعود إلى عطائه، فأبى أن يأخذ، فقيل له: خُذ للعيال، فقال: إنهم يقرؤون سورة الواقعة، وسمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن قرأها لم يفتقر أبداً» قال ابن عطية: فيها ذكر القيامة، وحظوظ الناس في الآخرة، وفَهْمُ ذلك غِنىً لا فقر معه، ومَن فهِمه شُغل بالاستعداد. اهـ. وقال مسروق: مَن أراد أن يعلم نبأ الأولين، ونبأ أهل الجنة، ونبأ أهل النار، ونبأ الدنيا والآخرة؛ فليقرأ سورة الواقعة. اهـ.
يقول الحق جلّ جلاله: {إِذا وَقَعت الواقعةُ} إذا قامت القيامة، وذلك عند النفخة الثانية، ووُصفت بالوقوع لأنها تقع لا محالة، فكأنها واقعة في نفسها، كأنه قيل: أذا وقعت التي لا بُدّ من وقوعها. ووقوع الأمر: نزوله، يقال: وقع ما كنت أتوقعه، وانتصاب {إذا} بمضمر يُنبئ عن الهول والفظاعة، كأنه قيل: إذا وقعت الواقعة يكون من الأهوال ما لا يَفي به المقال، أو: بالنفي المفهوم من قوله: {ليس لِوقعتها كاذبةٌ} أي: لا كذب وقت وقوعها، أو: باذكر، أو: بمضمون السورة قبلها، أي: يكون ما ذكر من نعِيم الفريقين إذا وقعت الواقعة، ثم استأنف بقوله: {يس لوقعتها كاذبةٌ} أي: لا يكون عند وقوعها نَفْسٌ تَكذب على الله، أو: تكذب في نفسها كما تكذب اليوم، لأنَّ كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة مصدّقة، وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذّبات، واللام مثلها في قوله: {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى} [الفجر: 24]، أي: ظرفية، أي: ليس عند وقوعها كذب، أو: تعليلية، قال الفراء: {كاذبة}: مصدر، كالعاقبة والعالية، وقيل: صفة لمحذوف، كما تقدّم.
{خافضةٌ رافعةٌ} أي: هي خافضة لأقوام، رافعة لآخرين، وهو تقرير لِعظمها وتهويل لأمرها، فإنَّ الوقائع العِظام شأنها كذلك، أو: بيان لِما يكون يومئذ من حَطّ الأشقياء إلى الدركات، ورفع السعداء إلى الدرجات، ومن زلزلة الأشياء وإزالة الأجرام عن مقارها، بنثر الكواكب وتسيير الجبال، كما أبان ذلك بقوله: {إِذا رُجَّتِ الأرضُ رجّاً}: حُرِّكت تحريكاً شديداً حتى تهدِم كلَّ شيء فوقها، من جبل وبناء، وهو متعلق بخافضه، أي: تخفض وترفع وقت رج الأرض، أي: عند ذلك ينخفض ما هو مرتفع، ويرتفع ما هو منخفض، أو: بدل من: {إذا وقعت}، وجواب الشرط: {فأصحاب الميمنة}، والمعنى: إذا كان كذا فأصحاب الميمنة ما أسعدهم، وما أعظم ما يُجازون به، وما أعظم رتبتهم عند الله في ذلك الوقت الشديد الصعب على العالم. وتقديم الخفض الملتّت، من: بسَّ السويق: إذا لتّه، أو: سِيقت وسُيّرت عن أماكنها، من: بسّ الغنم: إذا ساقها، كقوله تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} [النبأ: 20]. {فكانت} أي: فصارت بسبب ذلك؛ {هباءً} غباراً {مُنبثاً} منتشراً متفرقاً في الهواء، والهباء: ما يتطاير في الهواء من الأجزاء الدقيقة، ولا يكاد يُرى إلاّ في الشمس إذا دخلت في كُوة، {وكنتم} معاشر الخلق، أو: أيتها الأُمة {أزواجاً} أصنافاً {ثلاثة} صنفان في الجنة، وصنف النار، قال قتادة: هي منازل الناس يوم القيامة.
ثم فسّر تلك الأزواج، فقال: {فأصحابُ الميمنة} وهم الذي يؤتون صحائفهم بأيمانهم {ما أصحابُ الميمنة}، تعظيم لشأنهم، و{ما}: استفهام تعجب مبتدأ، و{أصحاب}: خبر، والجملة: خبر المتبدأ الأول، والأصل: فأصحاب الميمنة ما هم؟ أي: أيّ شيء هم في حالهم وصفتهم؟ فوضع الظاهر موضع المضمر زيادة في التعظيم، ومثله: {الْحَآقَّةُ مَا الْحَآقَّةُ} [الحاقة: 1، 2] ونظائرها.
{وأصحابُ المشئمةِ} أي: الذين يُؤتون صحائفهم بشمالهم {ما أصحابُ المشئمة} أي: أيّ شيء هم؟! تعجيب من حالهم الفظيع، أو: فأصحاب المنزلة السنية؛ وأصحاب المنزلة الدنية الخسيسة، من قولك: فلان مِني باليمين، وفلان مِني بالشمال؛ إذا وصفتهما عندك بالرفعة والوضعة، وذلك لتيمُّنهم بالميامن وتشاؤمهم بالشمائل، وقيل: يُؤخذ بأهل الجنة ذات اليمين، وبأل النار ذات الشمال. وقال القشيري: أصحاب الميمنة: هم الذين في جانب اليمين من آدم وقت ذرَّ الذرية من صُلبه، وأصحاب المشئمة الذين كانوا في جانب شماله. اهـ. قلت: وكذلك رآهم النبي- عليه الصلاة والسلام- ليلة المعراج.
{والسابقون السابقون} مبتدأ وخبر، على معنى تعظيم الأمر وتفخيمه؛ لأنّ المبتدأ إذا أُعيد بنفسه خبراً دلَّ على التفخيم، كقوله الشاعر:
أنا أبو النَّجْمِ وشِعْري شِعْري ***
والمعنى: والسابقون هم الذين اشتهرت أحوالُهم، وعُرفت محاسنهم، أو: والسابقون إلى الخيرات هم السابقون إلى الجنات، وقال أبو السعود: الذي تقتضيه جزالة النظم أنَّ {أصحاب الميمنة}: خبر مبتدأ محذوف، وكذا قوله تعالى: {والسابقون} فإنَّ المترقب عند بيان انقسام الناس إلى الأقسام الثلاثة بيان أنفس الأقسام، وأمّا أوصافها وأحوالها فحقها أن تُبين بعد ذلك بإسنادها إليه، والتقدير: فأحدها أصحاب الميمنة، والآخر أصحاب المشئمة، والثالث السابقون. ثم أطال الكلام في ذلك، فانظره.
واختُلف في تعيينهم، فقيل: هم الذين سبقوا إلى الإيمان، وإيضاحه، عند ظهور الحق من غير تلعثم ولا توان، وقيل: الذين سبقوا في حيازات الفضائل والكمالات، وقيل: هم الذي صلُّوا إلى القبلتين، كما قال تعالى: {والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار} [التوبة: 100] وقيل: السابقون إلى الصلوات الخمس، وقيل: المسارعون في الخيرات. والتحقيق: أنهم السابقون إلى الله بالمجاهدة والمكابدة، حتى أفضوا إلى مقام المشاهدة، وهو مقام الإحسان.
{أولئك المقرَّبون} أشار إليهم بإشارة البُعد مع قُرب العهد؛ للإيذان ببُعد منزلتهم في الفضل والشرف، أي: أولئك السابقون إلى الله هم المقربون إلى الله في الكرامة والتعظيم، الذي تلي درجاتهم درجات الأنبياء، وهم {في جنات النعيم} أي: ذات التنعُّم، فتَصْدق بالفردوس، التي هي مسكن المقربين، وإنما أخَّر ذكر السابقين مع كونهم أحق بالتقدُّم في الذكر؛ ليقترن ذكرهم ببيان محاسن أحوالهم، ويتخلّص إلى ذكر نعيمهم الآتي، على أنّ إيرادهم بعنوان المسبق مطلقاً مُعْرِبٌ عن إحرازهم لقصب السبق من جميع الأمور.
الإشارة: إذا وقعت الحقيقة المتوقعة للمتوجهين؛ كان من العلوم والأسرار ما لا تُحيط به عامة الأفكار، ووقوع الحقيقة: برزوها معهم، وإشراق أنوارها على قلوبهم، فتفنى الكائنات وتضمحل الرسوم والإشارات، ويبقى الحيّ القيوم وحده، كما كان وحده، ليس لوقعتها كاذبة؛ لا كذب في وقوعها، ولا شك في إظهارها على مَن توجه إليها، وصَحِبَ أهلها، وحطّ رأسه لأربابها، وامتثل كل ما يأمرونه به، خافضة لمن توجه إليها، وَوَصَلَ لأنوارها، وتحقق بأسرارها. يعني: هكذا شأنها في الجملة، تخفض قوماً وترفع آخرين، وإنما تقع لمَن توجه إليها إذا رُجت أرض النفوس منه رجّاً، أي: تحركت واضطربت، بمنازلة الأحوال، وارتكاب الشدائد والأهوال، وتوالي الأذكار، والاضطراب في الأسفار، فإنَّ كُمون سرها في الإنسان كَكمُون الزبد في اللبن، فلا بد من مخضه لاستخراج زُبده. وبُست جبال العقل منه بسّاً، فكانت هباءً مُنبثاً؛ لأنّ نور العقل يتغطّى بنور شمس العرفان، ويضمحل كما يضمحل نور القمر إذا طلعت الشمس، وكنتم أيها الطالبون المتوجهون أصنافاً ثلاثة: قومٌ توجهوا إليها، ثم قنعوا بما برز لهم من شعاع أنوارها، وهم عامة المتوجهين. وقوم استشرفوا عليها فلم يطيقوا أنوارها، فرجعوا القهقرى، وهم أهل الحرمان، من أهل المشأمه. وقوم أدركوها، وتحققوا بها ذوقاً وكشفاً، ففنوا وبقوا، سَكروا وصحوا، وهم السابقون المقربون في جنات المعارف، ونعيم الشهود، أبداً سرمداً، جعلنا من خواصهم آمين، وسيأتي إن شاء الله في آخر السورة تحقيق الفرق بين المقربين وأصحاب اليمين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال