سورة الحديد / الآية رقم 29 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ

الحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديدالحديد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}
{لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شَىْء مّن فَضْلِ الله} قيل: متعلق ضمون الجملة الطلبية المتضمنة لمعنى الشرط إذ التقدير إن تتقوا الله وتؤمنوا برسوله يؤتكم كذا وكذا لئلا الخ، وقيل: متعلق بالأفعال الثلاثة قبله على التنازع، أو قدر كفعل ذلك وأعلمهم ونحوه و{لا} مزيدة مثلها في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] ويجوز زيادتها مع القرينة كثيرًا و{ءانٍ} مخففة من الثقيلة واسمها المحذوف ضمير أهل الكتاب أي أنهم، وقيل: ضمير الشأن وما بعد خبرها والجملة في حيز النصب على أنها مفعول يعلم أي ليعلم أهل الكتاب القائلون من آمن بكتابكم منا فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم أنهم لا ينالون شيئًا من فضل الله من الأجرين وغيرهما ولا يتمكنون من نيله ما لم يؤمنوا حمد صلى الله عليه وسلم وحاصله الإعلام بأن إيمانهم بنبيهم لا ينفعهم شيئًا ما لم يؤمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام فقولهم: من لم يؤمن بكتابكم فله أجر باطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: لما نزلت {أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بما صَبَرُواْ} [القصص: 54] فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لنا أجران ولكم أجر فاشتد ذلك على أصحابه عليه الصلاة والسلام فأنزل الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ} [الحديد: 28] إلخ فجعل لهم سبحانه أجرين مثل ما لمؤمني أهل الكتاب، وقال الثعلبي: فأنزل الله تعالى: {مّسْتَقِيمٍ ياأيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله} الآية فجعل لهم أجرين وزادهم النور ثم قال سبحانه: {لّئَلاَّ يَعْلَمَ} الخ، وحاصله على هذا ليعلموا أنهم ليسوا ملاك فضله عز وجل فيزووه عن المؤمنين ويستبدوا به دونهم، وقوله تعالى: {وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله} عطف على أن لا يقدرون داخل معه في حيز العلم، وقوله سبحانه: {يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} خبر ثان لأن أو هو الخبر وما قبله على ما قيل: حال لازمة أو استئناف، وقوله عز وجل: {والله ذُو الفضل العظيم} اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله.
وذهب بعض إلى أن الخطاب لمن آمن من أهل الكتاب اليهود والنصارى أو لمن يؤمن منهم بعد، فالمعنى يا أيها الذين آمنوا وسى وعيسى عليهما السلام آمنوا حمد صلى الله عليه وسلم أي أثبتوا على الايمان به أو أحدثوا الايمان به عليه الصلاة والسلام يؤتكم نصيبين من رحمته نصيبًا على إيمانكم ن آمنتم به أولًا ونصيبًا على إيمانكم حمد صلى الله عليه وسلم آخرًا ليعلم الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب أنهم لا ينالون شيئًا مما يناله المؤمنون منهم ولا يتمكنون من نيله حيث لم يأتوا بشرطه الذي هو الايمان برسوله صلى الله عليه وسلم، وأيد ذلك ما في صحيح البخاري:«من كانت له أمة علمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها وأعتقها وتزوجها فله أجران، وأيمارجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران، وأيما مملوك أدى حق الله تعالى وحق مواليه فله أجران» ولا إشكال في ذلك بالنسبة إلى النصارى، ولذا قيل: الخطاب لهم لأن ملتهم غير منسوخة قيل ظهور الملة المحمدية ومعرفتهم بها فيثابون على العمل بها حتى يجب عليهم الايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم فإذا آمنوا أثيبوا أيضًا فكان لهم ثوابان، نعم قد يستشكل بالنسبة إلى غيرهم لأن مللهم منسوخة لة عيسى عليه السلام والمنسوخ لا ثواب في العمل به، ويجاب بأنه لا يبعد أن يثابوا على العمل لتهم السابقة وإن كانت منسوخة ببركة الإسلام.
وأجاب بعضهم أن الإثابة على نفس إيمان ذلك الكتابي بنبيه وإن كان منسوخ الشريعة فإن الإيمان بكل نبي فرض سواء كان منسوخ الشريعة أم لا، وقيل: إن {لا} في {لاِنْ لاَ يَعْلَمَ} غير مزيدة وضمير لا يقدرون للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أي فعلنا ما فعلنا لئلا يعتقد أهل الكتاب أن الشأن لا يقدر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون به على شيء من فضل الله تعالى الذي هو عبارة عما أوتوه من سعادة الدارين ولا ينالونه، أو أنهم أي النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنون لا يقدرون الخ، على أن عدم علمهم بعدم قدرتهم على ذلك كناية عن علمهم بقدرتهم عليه فيكون قوله سبحانه: {وَأَنَّ الفضل} إلخ معطوفًا على أن لا يعلم داخلًا معه في حيز التعليل دون أن لا يقدر فكأنه قيل: فعلنا لئلا يعتقدوا كذا ولأن الفضل بيد الله فيكون من عطف الغاية على الغاية بناءًا على المشهور ولتكلف هذا القيل مع مخالفته لبعض القراءات لم يذهب إليه معظم المفسرين، وقرأ خطاب ابن عبد الله لأن لا يعلم بالإظهار، وعبد الله بن مسعود. وابن عباس. وعكرمة. والجحدري. وعبد الله بن سلمة على اختلاف ليعلم، وقرأ الجحدري أيضًا وليعلم على أن أصله لئن يعلم فقلبت الهمزة ياءًا لكسرة ما قبلها وأدغمت النون في الياء بغير غنة، وروى ابن مجاهد عن الحسن ليلًا مثل ليلى اسم المرأة {يَعْلَمْ} بالرفع، ووجه بأن أصله لأن لا بفتح لام الجر وهي لغة وعليه قوله:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما *** تمثل لي ليلى بكل سبيل
فحذفت الهمزة اعتباطًا وأدغمت النون في اللام فصار للا فاجتمعت الأمثال وثقل النطق بها فأبدلوا من اللام المدغمة ياءًا نظير ما فعلوا في قيراط ودينار حيث أن الأصل قراط ودنار فأبدلوا أحد المثلين فيهما ياءًا للتخفيف فصار ليلا ورفع الفعل لأن أن هي المخففة من الثقيلة لا الناصبة للمضارع، وروى قطرب عن الحسن أيضًا ليلًا بكسر اللام ووجهه كالذي قبله إلا أن كسر اللام على اللغة الشهيرة في لام الجر؛ وعن ابن عباس كي يعلم، وعنه أيضًا لكيلا يعلم، وعن عبد الله.
وابن جبير. وعكرمة لكي يعلم.
وقرأ عبد الله أن لا يقدروا بحذف النون على أن إن هي الناصبة للمضارع، والله تعالى أعلم.
ومما ذكره المتصوفة قدست أسرارهم في بعض آياتها: {هُوَ الاول والاخر والظاهر والباطن} [الحديد: 3] قالوا: هو إشارة إلى وحدانية ذاته سبحانه المحيطة بالكل، وقالوا في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ} [الحديد: 4] إشارة إلى أنهم لا وجود لهم في جميع مراتبهم بدون وجوده عز وجل، وقوله تعالى: {يُولِجُ اليل فِى النهار وَيُولِجُ النهار فِى اليل} [الحديد: 6] إشارة إلى ظهور تجلي الجلال في تجلي الجمال وبالعكس {وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] إشارة للمشايخ الكاملين إلى تربية المريدين بإفاضة ما يقوي استعدادهم مما جعلهم الله تعالى متمكنين فيه من الأحوال والملكات.
وقال سبحانه: {اعلموا أَنَّ الله يُحْىِ الارض بَعْدَ مَوْتِهَا} [الحديد: 17] لئلا يقنط القاسي من رحمته تعالى ويترك الاشتغال داواة القلب الميت {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27] أوردها الصوفية في باب الرعاية وقسموها إلى رعاية الأعمال والأحوال والأوقات ويرجع ما قالوه فيها على ما قيل إلى حفظها عن إيقاع خلل فيها {فاسقون ياأيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} أي نصيبين نصيبًا من معارف الصفات الفعلية ونصيبًا من معارف الصفات الذاتية {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا} من نور ذاته عز وجل وهو على ما قيل: إشارة إلى البقاء بعد الفناء، وقيل: هذا النور إشارة إلى نور الكشف والمشاهدة رتب سبحانه جعله للمؤمن على تقواه وإيمانه برسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو نور العلم النافع الذي يتمكن معه من السير في الحضرات الإلهية كما يشير إليه وصفه بقوله عز وجل: {تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28]؛ وفي بعض الآثار «من عمل بما علم علمه الله تعالى علم ما لم يعلم» وقال سبحانه: {اتقوا الله وَيُعَلّمُكُمُ الله} [البقرة: 282] وكل ذلك في الحقيقة فضل الله تعالى والله عز وجل ذو الفضل العظيم نسأله سبحانه أن لا يحرمنا من فضله العظيم ولطفه العميم وأن يثبتنا على متابعة حبيبه الكريم عليه من الله تعالى أفضل الصلاة وأكمل التسليم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال