سورة المجادلة / الآية رقم 7 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهُمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

المجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلةالمجادلة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)}.
التفسير:
قوله تعالى: {أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} النجوى: المناجاة التي تكون بين اثنين أو أكثر، في تخافت، وتهامس بعيدا عن أسماع الناس. وأصل النجوى من النجوة، وهى المكان المرتفع، حيث ينجو به الإنسان عادة من أن تناله الأعين، أو الأسماع، أو الأيدى.
والخطاب هنا للنبى صلى اللّه عليه وسلم، ولكل من هو أهل لتلقّى الخطاب والإفادة منه.. والاستفهام، يراد به فضح هؤلاء المتناجين، وضبطهم وهم متلبسون بهذا الإثم الذي يتعاطونه بينهم.
ومناسبة الآية لما قبلها، هى أن اللّه سبحانه قد ذكر في الآيات السابقة أنه يتوعد الكافرين الذين يعتدون على حرماته، بالعذاب الأليم المهين، وذلك في الآخرة، يوم يبعثهم اللّه جميعا، فينبئهم بما عملوا، وقد أحصى كل أعمالهم التي نسوها- فجاءت هذه الآية تحدث عن علم اللّه سبحانه وتعالى، وأنه علم وسع كل ما في السموات وما في الأرض، وأنه ما يكون من مناجاة بين ثلاثة إلا كان اللّه سبحانه وتعالى، مشاهدا هذه المناجاة التي بينهم حتى لكأنهم أربعة وليسوا ثلاثة.. وهذا يعنى أن ما يحسبونه سرا بين ثلاثتهم، ليس بسرّ، فقد حضره اللّه سبحانه وتعالى.. وكذلك ما يجتمع خمسة الحسارة إلا كان اللّه سبحانه سادسهم، يشهد الحديث الذي يديرونه بينهم، ويريدون إخفاءه عن غيرهم.
وفى قوله تعالى: {وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} هو استيفاء لجميع أعداد المجتمعين للنجوى.. من واحد يناجى نفسه، إلى ما لا نهاية له من الذين يتناجون فيما بينهم.
وعلى هذا، فلا محلّ للتساؤل عن الحكمة في ذكر هذين العددين: ثلاثة وخمسة، إذ لو ذكر أي عدد غيرهما لكان هذا التساؤل واردا عليه أيضا.
ولا يقطع هذا التساؤل إلا إذا ذكرت الأعداد جميعها، ابتداء من الواحد، إلى ما لا نهاية، وهذا ما لا يكون في كتاب غايته تقويم الأخلاق، وتهذيب النفوس، لا تربية الملكات الذهنية، وتدريب العقول الرياضية.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ} تهديد ووعيد لهؤلاء الذين يتناجون بما لا يحل من القول.. فاللّه سبحانه مطلع على ما يتناجون به، وسيحاسبهم عليه.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ.. حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الذين نهوا عن النجدي: هم المنافقون، من الذين أظهروا الإسلام، واستبطنوا الكفر، من اليهود وغيرهم.
وقد وردت آيات كثيرة تفضح المنافقين، وما يدبّرون من كيد للنبى والمؤمنين، كما حملت هذه الآيات نذرا إليهم بالويل والبلاء في الدنيا والآخرة، إن هم لم يستقيموا على طريق الإيمان، ولم يخلصوا دينهم للّه.. ومن ذلك قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} [108: النساء].
وهذه الآية تشنيع على المنافقين، ونذير من النذر إليهم، يفضح هذا النفاق الذي يعيشون فيه بين المؤمنين. إنهم ما زالوا على نفاقهم، لم يخرجوا منه، ولم ينتهوا عما نهوا عنه، فهم- حيث ضمهم مكان لا يكون لهم حديث إلا هذا الحديث الآثم، الذي يدبّرون فيه السوء، والمكروه للنبى وللمسلمين.. {وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ}.
هذا هو ما يتسارون به من أحاديث، وما يجرى على ألسنتهم من قول.. هو إثم، وعدوان، ومعصية للرسول.
وقوله تعالى: {وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}.
هو فضح لأسلوب من أساليبهم الخبيثة التي دبروها فيما بينهم، وهو أنهم إذا جاءوا إلى الرسول حيّوه بتحية منافقة، يبدو ظاهرها سليما مقبولا، ولكنها تلف في باطنها إثما غليظا، ومنكرا شنيعا، حيث يقولون قاتلهم اللّه: السام عليكم يقولون ذلك بألسنة معوجة، تدغم فيها حروف الكلمة، فلا يستبين وجهها، فلا هى السام، ولا هى السلام.. إنها كلمة منافقة لا وجه لها، من أفواه منافقة مداهنة، لا يعرف وجه أصحابها.. والسام: الموت، والهلاك.. فهذه تحية المنافقين للنبى.. تحية بالدعاء عليه، لا بالدعاء له، وهى غير ما حياه اللّه به- في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [56: الأحزاب] وهى غير ما أمر اللّه المؤمنين أن يحيّوا النبي به.. في قوله سبحانه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [56: الأحزاب].
وفى قوله تعالى: {بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} تنويه بقدر النبي الكريم، ومنزلته عند ربه، وأنه سبحانه إذ يحييه تلك التحية المباركة الطيبة، فلا عليه إذا حياه المنافقون تلك التحية الآثمة المنكرة.
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ} أي ومن مقولاتهم المنكرة التي يقولونها فيما بينهم وبين أنفسهم: {لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ؟} أي هلّا يعذبنا اللّه بما نقول من سوء في محمد؟ إنه لو كان محمد على صلة باللّه كما يدّعى لما خلّى اللّه بيننا وبينه، نرميه بالمنكر من القول، ثم لا يعاقبنا على ذلك؟! بل إنهم ليذهبون في الضلال إلى أبعد من هذا، فيستدعون العذاب من اللّه، إن كان للّه غيرة على محمد، ورعاية له!.
وقوله تعالى: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
هذا هو جواب ما سألوه من العذاب، وهو عذاب الآخرة، حيث يصلون نار جهنم، وذلك هو مصيرهم الذي يصيرون إليه وهم سائرون في طريق الضلال، وإنه لبئس المصير.. أفليس ذلك حسبهم من العذاب؟ ألا يكفيهم ما يلقون في جهنم من عذاب؟ أيريدون بعد هذا مزيدا منه؟.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
هو دعوة إلى هؤلاء المنافقين، الذين أظهروا الإيمان واستبطنوا النفاق، أن تكون مناجاتهم إذا تناجوا فيما بينهم، بعيدة عن مواطن الضلال والريب، وخالصة من الإثم والعدوان، ومعصية الرسول، محملة بالبر والتقوى، حيث يتبادلون الكلمات الطيبة، ويتناجون بها، فتكون رسل هدى، وخير، تسعى بينهم بالأمن والسلام، وتفتح لهم الطريق إلى البر والتقوى.
وقد جاء الخطاب إلى هؤلاء المنافقين بقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وذلك لإلفاتهم إلى هذا الإيمان الذي دخلوا به في جماعة المؤمنين، وأخذوا به مكانهم بينهم، ثم هم في الوقت نفسه حرب على المؤمنين، يضمرون العداوة لهم، ويبيتون السوء والضرّ بهم.. وهذه حال منكرة، ينبغى أن ينكروها هم على أنفسهم قبل أن ينكرها الناس عليهم.. فإما أن يكونوا مؤمنين، فلا يصل إلى المؤمنين منهم ما يسوء، وإما أن يكونوا على غير الإيمان، فيكون لهم أن يكيدوا للمؤمنين كما يكيد لهم الكفار والمشركون.. فالناس:
إما مؤمنون، وإما كافرون.. وهؤلاء ليسوا مؤمنين، وليسوا كافرين.
إنهم مذبذبون بين ذلك.. لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء.. وتلك أسوأ حال يكون عليها إنسان، حيث لا وجه له يعرف به في الناس.. إنه الوجه المنافق الذي يلبس أكثر من وجه!.
وقوله تعالى: للمنافقين {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يحقق أمرين:
أولهما: فضح هؤلاء المنافقين عند أنفسهم، وضبطهم متلبسين بالكيد للمؤمنين، وهم في زىّ الإيمان.. وهذا من شأنه أن يخزيهم عند أنفسهم، وأن يحقر بعضهم بعضا، حين ينظر أحدهم إلى وجه صاحبه، فيراه مؤمنا يكيد للمؤمنين.
وثانيهما: أن نداءهم بالمؤمنين دعوة مجددة لهم إلى أن يكونوا مؤمنين حقّا، فهم إلى هذه اللحظة محسوبون في المؤمنين، لم يفضحهم اللّه بعد، ولم يطلع النبىّ والمؤمنين على خبيئة أنفسهم، بل ستر اللّه عليهم ما هم عليه من نفاق، وإن هذا الأمر لن يطول بهم، فإن لم يبادروا إلى الخروج من هذا النفاق المضروب عليهم، فضحهم اللّه، فلم يكن لهم بين المؤمنين مكان!.
قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
النجوى، هنا، هى النجوى المعهودة من المنافقين، وليست مطلق النجوى، فالحرف {ال} هنا للعهد، حيث النجوى التي أشار إليها سبحانه بقوله:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى.. الآية} أي أن هذه النجوى التي يتناجى بها المنافقون، هى من تدبير الشيطان وكيده للمؤمنين، إذ يتخذ من هؤلاء المنافقين سلاحا يحارب به المؤمنين، حيث يجمع المنافقين على هذه المجالس الآثمة، فيتناجون فيما بينهم، ويتهامسون ويتغامزون على ملأ من المؤمنين، فيخيل للمؤمنين أن القوم يدبرون لهم كيدا، أو يظهرون بهم شماتة لأحداث يحيّلون للمؤمنين بهذه المناجاة أنها وقعت، ولم يعلمها المؤمنون بعد، أو لأحداث ستقع لم يكن عند المؤمنين حساب لها.. وهكذا نحدث هذه النجوى بلبلة واضطرابا في نفوس المؤمنين، فتذهب بهم الظنون كل مذهب، وتتداعى عليهم دواعى الضيق والحزن، ويشتمل عليهم ضباب كثيف، مما تتلمظ به هذه الشفاء الآثمة. من منكرات، وما تتغامز به العيون الزائغة من نظرات وإشارات.
وقوله تعالى: {وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} أي أن الشيطان لن يضر المؤمنين بهذا الكيد الذي يكيده لهم، وأن ما قد يقع للمؤمنين من ضر فهو مما قدره اللّه لهم، وشاءه فيهم. وقد يجىء هذا الضرر عن طريق الشيطان أو غيره، ولكن لا الشيطان ولا غيره يمستطيع أن يضر أحدا إلا من شاء اللّه له هذا الضر.
وقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} هو دعوة للمؤمنين ألّا يحفلوا بما يتناجى به هؤلاء المنافقون، وألا يعملوا له حسابا، فإن ذلك لن يأتيهم شر منه، إلا ما كان قد قدره اللّه عليهم.. وإذن فليتوكلوا على اللّه، وهو حسبهم ونعم الوكيل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال