سورة النساء / الآية رقم 19 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا ألَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ُلِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ...}
قلت: أصل العضل: التضييق، يقال: عضلَت الدجاجة ببيضها إذا ضاقت، ثم أُطلق عُرفًا على منع المرأة من التزوج.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {يا أيها الذين آمنوا} لا يحل لكم أن تمنعوا النساء من النكاح لترثوا ما لهن {كرهًا}. قال ابن عباس: كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل، وله امرأة كان قريبه من عصبته أحق بها من نفسها ومن غيره، فإن شاء تزوجها من غير صداق، إلا الصداق الأول الذي أصدقها الميت، وإن شاء زوّجها غيره وأخذ صداقها ولم يُعطها شيئًا، وإن شاء عَضَلهَا وضيَّق عليها لتفتدى منه بما ورثت من الميت، أو تموت فيرثُها، وإن ذهبت إلى أهلها قبل أن يُلقِيَ وليُّ زوجها ثوبَه عليها فهي أحق بنفسها. فكانوا على ذلك في أول الإسلام، حتى توفي أبو قَيس بن الأَسْلتَ الأنصاري، وترك امرأته كبشة بنت معن الأنصارية، فقام ابنٌ له من غيرها فطرح ثوبه عليها، تم تركها ولم يقربها، ولم ينفق عليها، يضارّها لتفتدى منه، فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله؛ إن أبا قيس تُوفي ووَرِثَ نكاحي ابنُه، وقد أضرَّ بي وطوّل عليّ، فلا هو ينفق عليّ ولا يدخل بي، ولا يخلي سبيلي، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «اقعدي في بيتك حتى يأتَي فيك أمرُ الله» قالت: فانصرفتُ وسمعت بذلك النساءُ في المدينة فأتين النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد الفضيخ، فقلن: يا رسول الله: ما نحن إلا كهيئة كبشة، غير أنه لا ينكحنا الأبناء، ونكَحَنا أبناء العَم، فنزلت الآية. فمعنى الآية على هذا: لا يحل لكم أن تجعلوا النساء يُورثن عن الرجال كما يُورث المال.
وقيل: الخطاب للأزواج الذين يمسكون المرأة في العصمة ليرثوا مالها، من غير غبطة بها، وإنما يمسكها انتظارًا لموتها، وقيل: الخطاب للأولياء الذين يمنعون ولياتهم من التزوج ليرثوهن دون الزوج.
{ولا} يحل لكم أيضًا أيها الأزواج أن {تعضلوهن}، أي: تحبسوهن؛ من غير حاجة لكم فيهن؛ {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} من الصداق افتداء فيه بإضراره. قال ابن عباس رضي الله عنه: (هي أيضًا في الأزواج الذين يمسكون المرأة ويُسيئُون عشرتها حتى تفتدى بصداقها)، {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}، كالنشوز وسوء العشرة وعدم العفة، فيحل له حينئِذ حبسها حتى تفتدى منه بصداقها، فيأخذه خلعًا على مذهب مالك. والله تعالى أعلم.
الإشارة: لا يحل للمريد أن يُضيق على نفسه تضييقاً يُفضي إلى العطب، فالنفس كالبهيمة: علفها واستخدامها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا يكن أحدُكُم كالمنبت، لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى».
فبعض الناس يسمعون أن من ضيَّق على نفسه أورثته العلوم، فيضيق عليها تضييقًا فاحشًا ليرث ذلك منها كرهًا، وإنما يمنعها من شهواتها الزائدة على قيام البنية، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، بحيث تطغى عليها، فيضيق عليها بما لا يُفضي إلى الهلاك، وهذا كله إنما ينفعه إذا صح مِلْكُه لها بالعقد الصحيح من الشيخ الكامل، وإلاَّ كان تعبه باطلاً، كمن يريد أن يرى امرأة غيره أو دابة غيره. والله تعالى أعلم.
ثم أمر الحق تعالى بحسن العشرة مع النساء، فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}
يقول الحقّ جلّ جلاله: وعاشروا النساء {بالمعروف} بأن تلاطفوهن في المقال وتجملوا معهن في الفعال، أو يَتَزَيَّنُ لها كما تتزين له. قال الورتجبي: كونوا في معاشرتهن في مقام الأنس وروح المحبة، وفرح العشق حيث أنتم مخصوصون بالتمكين والاستقامة والولاية، فإن معاشرة النساء لا تليق إلا في المستأنس بالله، كالنبي صلى الله عليه وسلم وجميع المستأنسين من الأولياء والأبدال، حيث أخبر صلى الله عليه وسلم عن كمال مقام أُنْسِه بالله ورؤيته لجمال مشاهدته حيث قال: «حُبِّبَ إليّ من دنياكم ثَلاث: الطيب، والنساء، وجُعلت قرة عيني في الصلاة».
ثم قال: عن ذي النون: المستأنس بالله يستأنس بكل شيء مليح ووجه صبيح، وبكل صوت طيب وبكل رائحة طيبة، ثم قال: عن ابن المبارك: العشرة الصحيحة: ما لا يورثك الندم عاجلاً ولا آجلاً، وقال أبو حفص: المعاشرة بالمعروف: حسن الخلق مع العيال فيما ساءك. اهـ.
{فإن كرهتموهن} فاصبروا {فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} إما ولدًا صالحًا أو عاقبة حسنة في الدين. قال ابن عمر: إن الرجل يستخير الله فيخار له فيسخط على ربه، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له. اهـ. حكى أن أبا الإمام مالك رضي الله عنه تزوج امرأة فدخل عليها فوجدها سوداء، فبقي متفكرًا ولم يقربها، فقالت له: هل استخرت ربك؟ فقال: نعم، فقالت: أتَتَّهمُ ربك، فدخل بها، فحملت بالإمام مالك صاحب المذهب. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يَفْرك مؤمنٌ مَؤمنة أي: لا يُبْغِضها إن سخط منها خُلقَا رضي منها آخر» قال الورتجبي: قيل: غيب عنك العواقب؛ لئلا تسكن إلى مألوف، ولا تفر من مكروه.
الإشارة: إذا طهرت النفس من البقايا، وكملت فيها المزايا، وانقادت بكليتها إلى مولاها، وجب الإحسان إليها والصلح معها ومعاشرتها بالمعروف، فإنما تجب مجاهدتها ما دامت كافرة فإذا أسلمت وانقادت وجب محبتها والإحسان إليها. فإن كرهتها في حال اعوجاجها فجاهدتها ورضتها حتى استقامت كان في عاقبة ذلك خيرٌ كثير، وعادت تأتي إليك بالعلوم اللدنية تشاهد فيها أسرارًا ربانية.
قال الورتجبي: كل أمر من الله سبحانه جاء على مخالفة النفس امتحانًا واختبارًا، والنفس كارهة في العبودية فإذا ألزمت عليها حقوق الله بنعت الرياضة والمجاهدة واستقامت في عبودية الله، أول ما يطلع على قلبك أنوار جنان القرب والمشاهدة، قال الله تعالى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأوَى} [النازعات: 40، 41]، وفي أجواب ظلام المجاهدة للعارفين شموس المجاهدات وأقمار المكاشفات. اهـ. المراد منه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال