سورة الحشر / الآية رقم 5 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ

الحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشرالحشر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (5)}
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} ما في محل نصب ب قَطَعْتُمْ، كأنه قال: أي شيء قطعتم. وذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزل على حصون بني النضير- وهي البؤيرة- حين نقضوا العهد بمعونة قريش عليه يوم أحد، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها. واختلفوا في عدد ذلك، فقال قتادة والضحاك: إنهم قطعوا من نخيلهم وأحرقوا ست نخلات.
وقال محمد بن إسحاق: إنهم قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة. وكان ذلك عن إقرار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو بأمره، إما لاضعافهم بها وإما لسعة المكان بقطعها. فشق ذلك عليهم فقالوا- وهم يهود أهل الكتاب-: يا محمد، الست تزعم أنك نبي تريد الصلاح، أفمن الصلاح قطع الخل وحرق الشجر؟ وهل وجدت فيما أنزل الله عليك إباحة الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ووجد المؤمنون في أنفسهم حتى اختلفوا، فقال بعضهم: لا تقطعوا مما أفاء الله علينا.
وقال بعضهم: اقطعوا لنغيظهم بذلك. فنزلت الآية بتصديق من نهى عن القطع وتحليل من قطع من الإثم، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله.
وقال شاعرهم سماك اليهودي في ذلك:
ألسنا ورثنا الكتاب الحكيم *** على عهد موسى ولم نصدف
وأنتم رعاء الشاء عجاف *** بسهل تهامة والأخيف
ترون الرعاية مجدا لكم *** لدى كل دهر لكم مجحف
فيا أيها الشاهدون انتهوا *** عن الظلم والمنطق المؤنف
لعل الليالي وصرف الدهور *** يدلن من العادل المنصف
بقتل النضير وإجلائها *** وعقر النخيل ولم تقطف
فأجابه حسان بن ثابت:
تفاقد معشر نصروا قريشا *** وليس لهم ببلدتهم نصير
همو أوتوا الكتاب فضيعوه *** وهم عمي عن التوراة بور
كفرتم بالقران وقد أبيتم *** بتصديق الذي قال النذير
وهان على سراة بني لوي *** حريق بالبويرة مستطير
فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:
أدام الله ذلك من صنيع *** وحرق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنزه *** ونعلم أي أرضينا تصير
فلو كان النخيل بها ركابا *** لقالوا لا مقام لكم فسيروا
الثانية: كان خروج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم في ربيع الأول أول السنة الرابعة من الهجرة، وتحصنوا منه في الحصون، وأمر بقطع النخل وإحراقها، وحينئذ نزل تحريم الخمر. ودس عبد الله بن أبي بن سلول ومن معه من المنافقين إلى بني النضير: إنا معكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، فاغتروا بذلك. فلما جاءت الحقيقة خذلوهم وأسلموهم وألقوا بأيديهم، وسألوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكف عن دمائهم ويجليهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، فاحتملوا كذلك إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام. وكان ممن سار منهم إلى خيبر أكابرهم، كحيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع. فدانت لهم خيبر.
الثالثة: ثبت في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع نخل بني النضير وحرق. ولها يقول حسان:
وهان على سراة بني لوي *** حريق بالبويرة مستطير
وفي ذلك نزلت: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} الآية. واختلف الناس في تخريب دار العدو وتحريقها وقطع ثمارها على قولين: الأول- أن ذلك جائز، قال في المدونة.
الثاني- إن علم المسلمون أن ذلك لهم لم يفعلوا، وإن يئسوا فعلوا، قاله مالك في الواضحة. وعليه يناظر أصحاب الشافعي. ابن العربي: والصحيح الأول. وقد علم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نخل بني النضير له، ولكنه قطع وحرق ليكون ذلك نكاية لهم ووهنا فيهم حتى يخرجوا عنها. وإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعا، مقصودة عقلا.
الرابعة: قال الماوردي: إن في هذه الآية دليلا على أن كل مجتهد مصيب. وقاله الكيا الطبري قال: وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظهرهم، ولا شك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأي ذلك وسكت، فتلقوا الحكم من تقريره فقط. قال ابن العربي: وهذا باطل، لان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان معهم، ولا اجتهاد مع حضور رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما يدل على اجتهاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما لم ينزل عليه، أخذا بعموم الأذية للكفار، ودخولا في الاذن للكل بما يقضي عليهم بالاجتياح والبوار، وذلك قوله تعالى: {وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ}.
الخامسة: اختلف في اللينة ما هي، على أقوال عشرة: الأول- النخل كله إلا العجوة، قاله الزهري ومالك وسعيد بن جبير وعكرمة والخليل. وعن ابن عباس ومجاهد والحسن: أنها النخل كله، ولم يستثنوا عجوة ولا غيرها. وعن ابن عباس أيضا: أنها لون من النخل. وعن الثوري: أنها كرام النخل. وعن أبي عبيدة: أنها جميع ألوان التمر سوى العجوة والبرني.
وقال جعفر بن محمد: إنها العجوة خاصة. وذكر أن العتيق والعجوة كانتا مع نوح عليه السلام في السفينة. والعتيق: الفحل. وكانت العجوة أصل الإناث كلها فلذلك شق على اليهود قطعها، حكاه الماوردي.
وقيل: هي ضرب من النخل يقال لتمره: اللون، تمره أجود التمر، وهو شديد الصفرة، يرى نواه من خارجه ويغيب فيه الضرس، النخلة منها أحب إليهم من وصيف.
وقيل: هي النخلة القريبة من الأرض. وأنشد الأخفش.
قد شجاني الحمام حين تغنى *** بفراق الأحباب من فوق لينه
وقيل: إن اللينة الفسيلة، لأنها ألين من النخلة. ومنه قول الشاعر:
غرسوا لينها بمجرى معين *** ثم حفوا النخيل بالآجام
وقيل: إن اللينة الأشجار كلها للينها بالحياة، قال ذو الرمة:
طراق الخوافي واقع فوق لينة *** ندى ليله في ريشه يترقرق
والقول العاشر- أنها الدقل، قاله الأصمعي. قال: واهل المدينة يقولون لا تنتفخ الموائد حتى توجد الألوان، يعنون الدقل. قال ابن العربي: والصحيح ما قاله الزهري ومالك لوجهين: أحدهما- أنهما أعرف ببلدهما وأشجارهما.
الثاني- أن الاشتقاق يعضده، واهل اللغة يصححونه، فإن اللينة وزنها لونه، واعتلت على أصولهم فآلت إلى لينة فهي لون، فإذا دخلت الهاء كسر أولها، كبرك الصدر بفتح الباء وبركه بكسرها لأجل الهاء. وقيل لينة أصلها لونه فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وجمع اللينة لين.
وقيل: ليان، قال امرؤ القيس يصف عنق فرسه:
وسالفة كسحوق الليا *** ن أضرم فيها الغوي السعر
وقال الأخفش: إنما سميت لينة اشتقاقا من اللون لا من اللين. المهدوي: واختلف في اشتقاقها، فقيل: هي من اللون واصلها لونه. وقيل أصلها لينة من لان يلين. وقرأ عبد الله {ما قطعتم من لينة ولا تركتم قوماء على أصولها} أي قائمة على سوقها. وقرأ الأعمش {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قوما على أصولها} المعنى لم تقطعوها. وقرئ: {قوماء على أصلها}. وفية وجهان: أحدهما- أنه جمع أصل، كرهن ورهن. والثاني- اكتفي فيه بالضمة عن الواو. وقرئ: {قائما على أصوله} ذهابا إلى لفظ ما. فَبِإِذْنِ اللَّهِ أي بأمره وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ أي ليذل اليهود الكفار به وبنبيه وكتبه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال