سورة المنافقون / الآية رقم 6 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ

المنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالمنافقونالتغابن




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {وإِذا قيل لهم} عند ظهور نفاقهم: {تعالَوا يستغفر لكم رسولُ الله لَووا رؤوسَهم} أي: عطفوا استكباراً. وقرأ غير نافع بالتشديد للمبالغة. {ورأيتهم يصُدُّون} أي: يُعرضون عن القائل، أوعن الاستغفار، {وهم مستكبرون} عن الاعتذار والاستغفار.
رُوي أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين لقي بني المصطلق على المُرَيْسيع وهوماءٌ لهم وهزمهم، وقتلهم، ازدحم على الماء جهجاه أجير لعُمر مع سِنانٍ حليف لعبد الله بن أُبيّ المنافق فصرخ جهجاه: يا للمهاجرين! وصرخ سنان: يا للأنصار! فأعان جَهْجَاهاً جُعال من فقراء المهاجرين، ولطم سناناً، فقال ابنُ أُبيّ: أُوَقد فعلوها، وقال: وما صحبنا محمداً إلا لنُلطَم! وما مثلنا ومثلهم إلاَّ كما قائل القائل: سمِّن كلبك يَأكُلْكَ! والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ. ثم قال لقومه: كُفوا طعامكم عن هذا الرجل، ولا تُنفقوا على مَن عنده حتى ينفضُّوا ويتركوه، فسمع ذلك زيدُ بن أرقم، وكان حدثاً، فقال: أنت والله الذليلُ، المبَغَّضُ في قومك، ومحمد على رأسه تاج المعراج، في عزّ من الرحمن، وقوةٍ من المسلمين، فقال عبدالله: اسكت، فإنما كنتُ ألعب، فأخبر زيدٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: دعني أضرب عنقَ المنافق! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذن تُرْعَدُ أنوفٌ كثيرة بيثرب» قال: فإن كرهت أن يقتله مُهاجريّ، فمُر به أنصاريًّا، فقال: «فكيف إذا تحدّث الناسُ أنّ محمداً يقتل أصحابه؟» فأرسل صلى الله عليه وسلم له، فأتى، فقال: «أنت صاحب الكلام الذي بلغني»؟ فقال: والذي أنزل عليك الكتاب ما قلتُ شيئاً من ذلك، وإنّ زيداً لكاذب، وهو قوله: {اتخَذوا أَيمانهم جُنَّة} فقال الحاضرون: يا رسول الله! شيخُنا وكبيرُنا، لا تُصدق عليه كلام غلام، عسى أن يكون قد وَهم، قال زيد: فوجدتُ في نفسي، ولآمَنِي الناسُ، فلزمتُ بيتي، فلما نزلت الآية، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لزيد: «يا غلام إنَّ الله قد صَدَّقك وكذّب المنافقين»، فلما بان كذب عبدالله؛ قيل له: قد نزلت فيك آيٌ شِدادٌ، فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك، فلوى رأسه، وقال: أمرتموني أن أومن فآمنتُ، وأمرتموني أن أزكي مَالي، فزكّيتُ، ما بقي لي إلاّ أن أسجد لمحمد، فنزل: {وإذا قيل لهم تعالوا...} الآية، وما بقي إلاّ أياماً حتى اشتكى ومات. قاله النسفي، فانظره، مع أنّ سورة براءة متأخرة عن هذه، وفيها: {وَلآ تُصَلِ عَلَى أَحَدٍ مّنْهُم...} [التوبة: 84] التي نزلت فيه.
قالت تعالى: {سواءٌ عليهم أّسْتغفَرتَ لهم أم لم تستغفرْ لهم}، أي: لا مساغ للنصح فيهم، {لن يغفر اللهُ لهم} أي: ما داموا على النفاق.
والمعنى: سواء عليهم الاستغفار وعدمه؛ لأنهم لا يلتفتون إليه، ولا يعتدون به؛ لكفرهم، أو لأنّ الله لا يغفر لهم أبداً، {إِنَّ اللهَ لا يهدي القوم الفاسقين}؛ لإصرارهم على الفسق، ورسوخهم في الكفر والنفاق. والمراد: إما هم بأعيانهم، والإظهار في موضع الإضمار لبيان غلوهم في الفسق، أو: الجنس، وهم داخلون في زمرتهم دخولاً أولياً.
{هم الذين يقولون} للأنصار: {لا تُنفقوا على مَن عند رسول الله حتى ينفضوا}؛ يتفرقوا، وهذه المقالة كانت السبب في استدعائه إلى الاستغفار، كما تقدّم، فحقها التقديم قبل قوله: {وإِذا قيل لهم تعالوا} وإنما أُخرت ليتوجه العتاب إليه مرتين، كما تقدّم في سورة البقرة.
ثم قال تعالى، في الرد على الخبيث: {ولله خزائنُ السموات والأرض}، فهو رد وإبطال لما زعموا من أنَّ عدم إنفاقهم يؤدي إلى انفضاض الفقراء من حوله صلى الله عليه وسلم ببيان أنَّ خزائن الأرزاق بيد الله تعالى خاصة، يُعطي مَن يشاء، ويمنع مَن يشاء، فيرزق منها المهاجرين، وإن أمسك أهلُ المدينة عنهم، {ولكنَّ المنافقين لا يفقهون}؛ ولكن عبد الله وأضرابه لايفقهون ذلك فيهتدون، بما يُزيِّن لهم الشيطان.
{يقولون لئن رجعنا} من غزوة بني الصطلق {إِلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها} يعني: نفسه لعنه الله {الأذلَّ} يعني: جانب المؤمنين، وإسناد القول بذلك إلى المنافقين؛ لرضاهم به، فردّ تعالى عليهم ذلك بقوله: {وللهِ العِزَّةُ ولرسوله وللمؤمنين} أي: ولله الغلبة والعزّة، ولِمن أعزّه من رسوله والمؤمنين، لا لغيرهم، كما أنَّ المَذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات، وكانت في هيئة رثّة من الفقر: ألستُ على الإسلام، وهو العزّ الذي لا ذُلّ معه، والغنى الذي لا فقر معه؟ وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنه: أنّ رجلاً قال له: إنَّ فيك تيهاً؟ قال: ليس بتيه، ولكنه عزّة، وتلا هذه الآية. اهـ.
{ولكنَّ المنافقينَ لا يعلمون} ذلك؛ لفرط جهلهم وغرورهم، فيهذون ما يهذون. رُوي أنَّ ولد عبدالله بن أُبيّ، واسمه عبدالله، وكان رجلاً صالحاً، لَمَّا سمع الآية جاء إلى أبيه، فقال له: أنت والله يا أبت الذليل، ورسول الله العزيز، ووقف على باب السكة التي يسلكها أبوه، وجرّد السيف، ومنعه الدخول، وقال: والله لا دخلتَ منزلك إلاَّ أن يأذن في ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله في أذل حال، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فبعث إليه: «أن خَلِّه يمضي إلى منزله، وجزاه خيراً» فقال: الآن فنعم. اهـ.
الإشارة: مَن تكبّر عن حط رأسه للأكابر ففيه خصلة من النفاق، والمراد بالأكابر: الأولياء العارفون بالله، مَن تكبّر عنهم مات، وفيه بقية مِن النفاق، إذ لا يخلو منه إلاّ بالتطهير الكبير على أيدي المشايخ، وكذلك مَن منع الناس مِن الإنفاق على أهل النسبة، كائناً ما كانوا، فشُؤمه الحرمان من نسيم أهل الوصلة، {وللّه خزائن السماوات والأرض} أي: خزائن الأرزاق الحسية والمعنوية، فقد يُعطي أحدهما دون الآخر، وقد يعطيهما معاً، أو: يمنعهما معاً، على حسب المشيئة، قال رجل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟ فقال: {وللّه خزائن السماوات والأرض} وقال الجنيد: خزائن السماوات: الغيوب، وخزائن الأرض: القلوب، وهم علاّم الغيوب، ومُقلِّب القلوب.
وكان الشبلي يقرأ: {وللّه خزائن السماوات والأرض} ويقول: فأين تذهبون. اهـ. أي: حين تهتمون بالرزق بعد هذه الآية.
{ولله العزةُ ولرسوله وللمؤمنين}، قال بعضهم: عزة الله: قهره، وعزته لرسوله: إظهاره، وعزتُه للمؤمنين: نصره إياهم على مَن آذاهم. وقيل: عزة الله: الولاية {هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق} [الكهف: 44]، وعزة الرسول: الكفاية والعناية، وعزة المؤمنين: الرفعة والرعاية، وقيل: عزة الله: الربوبية، وعزة الرسول: النبوة، وعزة المؤمنين: العبودية، فإذا أردتَ أيها العبد أن تكون عزيزاً فارفع همتك عن الخلق، وسُد باب الطمع، وتحلَّ بحلية الورع. قال بعضهم: والله ما رأيتُ العزّ إلاَّ في رفع الهمة عن الخلق، وقال آخر: ما قُذِّر لماضغيك أن يمضغاه فلا بدّ أن يمضغاه، فامضغه ويحك بعز، ولا تمضغه بذل. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال