سورة التحريم / الآية رقم 9 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ

التحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريمالتحريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (6) يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}.
التفسير:
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ}.
مناسبة هذه الاية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة، قد عرضت لهذا الحدث الذي وقع في بيت النبىّ، حيث هناك أطهر النفوس وأكرمها، ومع هذا فإن النفس البشرية، لم تسلم من العوارض التي تظهر في سمائها الصافية حينا بعد حين، فتحتاج إلى محاسبة ومراجعة، حتى تنقشع هذه السحب عن سمائها، ويعود إليها صفاؤها، وإشراقها.
فإذا كان هذا في بيت النبوة، فما ظنك بما يقع في آفاق النفوس خارج هذا البيت الكريم، من زلات، وهزات، تتصدع لها النفوس، وتضلّ معها العقول؟
وإذن، فالأمر يحتاج إلى مراقبة دائمة من الإنسان لنفسه، وحراسة واعية من الآفات التي تتهدد إيمانه، وترعى مواطن الخير فيه.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ}.
هو تنبيه للإنسان من غفلته عن الأعداء المتربصة به، وبأهله، والتي إن لم يأخذ حذره منها أوردته موارد الهلاك، هو وأهله.
ووقاية الإنسان نفسه، من النار، هى في أن يستقيم على شريعة اللّه، ويقف عند حدود أوامرها ونواهيها.. ففى ذلك سلامته من عذاب السعير.
أما وقاية أهله، فتكون بنصحه لهم، وإرشادهم إذا ضلّوا، وتنبيههم إذا غفلوا.. ثم قبل هذا كله، يجب أن يكون هو القدوة الحسنة لهم، في طاعة اللّه، وفى اتقاء حرماته.. لأن الخطاب هنا إنما هو لرأس الجماعة، في الأسرة، ونحوها، كالأب، والأخ الأكبر، والعالم، وذوى الوجاهة والمكانة في هذا المجتمع الصغير.. فهو هنا مسئول مسئولية الراعي عن رعيته، كما يقول الرسول الكريم: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته».
وفى قوله تعالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ} إشارة إلى قوة الطاقة الحرارية لهذه النّار، التي تجعل الحجارة وقودا لها، كما توقد نار الدنيا بالحطب.
وقوله تعالى: {عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} هو عرض لخزنة جهنم وحرّاسها، وما هم عليه من غلظة وشدّة.. فهم بهذه الغلظة وتلك الشدة يتعاملون مع أعنى المجرمين، وأضل الضالين.. وهم بما يطلع على أهل النار من غلظتهم وشدتهم- هم عذاب إلى عذاب! قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ.. إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
هو خطاب للكافرين الذين سيردون هذه النار، وسيكونون حطبا ووقودا لها- خطاب لهم بألا يعتذروا في هذا اليوم، يوم القيامة، فإنه لا يقبل منهم عذر، فهذا وقت الجزاء بما عمل العاملون، وقد عملوا هم السوء، فكان جزاؤهم هذا العذاب الذي هم فيه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [57: الروم].
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
هو دعوة إلى المؤمنين عامة، أن يتوبوا إلى اللّه، وأن يرجعوا إليه كلّما بعدوا قليلا أو كثيرا عنه، بما اقترفوا من آثام، وما اجترحوا من سيئات.
فإن التوبة تغسل الحوبة، وهى الأسلوب الذي يصالح به العبد ربّه، ويفتح به أبواب رحمته ورضوانه.
والتوبة النصوح، هى التوبة الصادرة عن قلب مفعم بالندم، وعن ضمير مثقل بما خالطه من إثم، ومن وراء ذلك عزيمة صادقة، ونيّة منعقدة على عدم العودة لما كان منه التوبة.
وقوله تعالى: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ}.
عسى، وإن كانت أسلوبا يفيد الرجاء، فإن هذا الأسلوب إذا تعلق باللّه سبحانه وتعالى، كان معناه الوجوب، والوقوع.. لأن الرجاء إنما يكون في حقّ من لا يقدر، واللّه سبحانه قادر على كل شىء.. أما استعمال أسلوب الترجّى في جانب اللّه سبحانه وتعالى، فهو منظور فيه إلينا، وإلى أنه ينبغى أن نقيم أمرنا مع اللّه على رجاء، فلا يأس من رحمته، ولا قطع بالنجاة من عذابه، وبهذا يكون العبد المؤمن على صلة دائمة باللّه، يرجو رحمته، ويخشى عذابه.
كما يقول سبحانه: {أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ.. إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً} [57: الإسراء].
وقوله تعالى: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} ظرف متعلق بقوله تعالى {وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} أي يدخلكم الجنات يوم لا يخزى اللّه النبىّ والذين آمنوا معه.
ونفى الخزي عن النبىّ والذين آمنوا معه، هو إدخالهم الجنة، وعرضهم يوم القيامة في معرض التشريف والتكريم، حيث يعرض الكافرون معرض الخزي والهوان.
ولقد كان من دعاء المؤمنين ما أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله: {رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ} [194: آل عمران] وهو الدعاء الذي دعا به إبراهيم ربّه.. في قوله تعالى على لسانه: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [87- 89: الشعراء].
وقوله تعالى: {نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} هو حال من أحوال المؤمنين في هذا اليوم، وذلك أنهم وهم سائرون إلى الجنة، يتقدمهم نور يسعى بين أيديهم، ونور يشع في أيمانهم، وهو الكتاب الذي سجلت فيه أعمالهم، فكانت تلك الأعمال- لحسنها- نورا يسعى بين أيديهم.. ثم إنهم وهم في طريقهم إلى الجنة، مع هذا النور الذي يسعى بين أيديهم كما يسعى الخدم بين يدى الضيوف القادمين على مضيف كريم- إنهم وهم في الطريق إلى الجنة، يكونون على إشفاق من أن ينقطع عنهم النور الهادي، فيسألون ربهم قائلين: ربنا أتمم لنا نورنا، واغفر لنا ما نجد في صحف أعمالنا من سيئات، فإنك على كل شيء قدير، وإن من شأن القادر العفو والصح، والمغفرة وقد غفر اللّه لهم، وأتم لهم نورهم، فمضى معهم نورهم إلى أن دخلوا جنات النعيم جعلنا اللّه منهم، وألحقنا بهم.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة قد توعدت الكافرين بالنار التي وقودها الناس والحجارة، وأنهم إذا اعتذروا وهم على طريق النار فلن يقبل منهم عذر، لأن اللّه إنما أخذهم بهذا العذاب الغليظ لما ارتكبوا من منكر غليظ هو الكفر.
وإذ كان الرسول- صلوات اللّه وسلامه عليه- هو دعوة الحق إلى الإيمان باللّه، وإذ كان الكافرون هم الذين يقفون في وجه هذه الدعوة، ويصدون الناس عن سبيل اللّه، فقد ناسب أن يقوم النبي في هذه الحياة الدنيا بما يملك من وسائل الردع والكبت، للكافرين.. فهو- صلوات اللّه وسلامه عليه.. سلطان اللّه، وبهذا السلطان يودّب العصاة، ويأخذ المجرمين.
ولهذا ناسب أن تأخذ الآية الكريمة مكانها هنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال