سورة الملك / الآية رقم 12 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصِيرُ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

الملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملك




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {إِنَّ الذين يخشَون ربهم بالغيب} أي: يخافون عذابه غائباً عنهم، أو: عن أعين الناس، أو: بالقلب؛ لأنّ القلب أمر غيبي، أو: يخشون ربهم ولم يروه معاينة، {لهم مغفرة} لذنوبهم {وأجر كبير} لا يقادر قدره، الجنة وما فيها.
{وأسِرُّوا قولكم أو اجهروا به}، ظاهره: الأمر بأحد الأمرين؛ الإسرار والإجهار ومعناه: ليستوِ عندكم إسراركم وإجهاركم، فإنه في عِلْم الله سواء. كقوله: {سَوَآءٌ مِنكُم مَّنْ أَسَرَ القول وَمَن جَهَرَ بِهِ} [الرعد: 10]، وكأنه تعالى لمّا قال: {يخشون ربهم بالغيب} ربما يتوهم أن الله تعالى يغيب عنه شيء، رفع ذلك. وقيل: إنَّ المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُخبره جبريلُ عليه السلام بما قالوا فيه ونالوا منه، فقالوا فيما بينهم: أسِروا قولكم لئلا يسمع رب محمد فيخبره، فنزلت. وتقديم السر على الجهر للإيذان بافتضاحهم، ووقوع ما يحذرونه، وللمبالغة في شمول علمه تعالى، المحيط بجميع المعلومات، كأنَّ عِلْمَه تعالى بما يُسرونه أقدم منه بما يجهرونه، مع كونهما في الحقيقة على السواء، ولأنَّ مرتبة السر أقدم وجوداً؛ لأنّ ما يقع به الجهر يتقدّم التحدُّث به في النفس.
وقوله تعالى: {إِنه عليم بذات الصدور} تعليل لِما قبله، أي: عليم بضمائر الصدور قبل أن تترجم الألسنة، فكيف لا يعلم ما تتكلم به. وفي صيغة فعيل، وتحلية {الصدور} بلام الاستغراق، ووصف الضمائر بصاحبتها من الجزالة ما لا غاية وراءه، كأنه قيل: إنه مبالغ في الإحاطة بمضمرات جميع الناس وأسرارهم الخفية، المستكنة في صدروهم فكيف يخفى عليه ما يُبدونه؟ ويجوز أن يراد ب {ذات الصدور}: القلوب التي في الصدور، أي: عليم بالقلوب وأحوالها، فلا يخفى عليه من أسرارها، {ألا يعلم من خلق} {مَنْ} فاعل بيعلم، {وهو اللطيفُ الخبيرُ} أنكر أن يكون مَن خلق الأشياء وأوجدها غير عالم بباطنها وظاهرها، وصفته أنه اللطيف، أي: العالِم بدقائق الأشياء الخبير؛ العالم بحقائقها. ويجوز أن يكون {مَن} مفعولاً، أي: ألاَ يعلم اللهُ مَن خلقه.
وفيه على الأول دليل على خلق أفعال العباد، وهو مذهب أهل السنة، ووجه الدليل: أنه تعالى لمّا قرر أنه عالم بالسر والجهر، وبكل ما في الصدور، قال بعده: {ألا يعلم مَن خَلَقَ}، وهذا الكلام إنما يتصل بما قبله إذا كان تعالى خالقاً لكل ما يفعلونه في السر والجهر، وفي القلوب والصدور، فأنه لو لم يكن خالقاً لها لم يكن قوله: {ألا يعلم مَن خلق} مقتضياً كونَه تعالى عالماً بتلك الأشياء، وهو خالق الأشياء وأحوالها، وعالم بجميع ذلك، ولذلك عقَّب ذلك بقوله: {وهو اللطيف الخبير}.
الإشارة: إنَّ الذين يخشون ربهم بالغيب، فراقَبوه وعبدوه، حتى عرفوه فصار الغيب عندهم شهادة.
قال الورتجبي: وصف الله معرفة العارفين به، قبل رؤيتهم مشاهدته، فإذا عاينوه استفادوا من رؤيته علم المعاينة، وهو المعرفة بالحقيقة، خشوا منه في غيبة منه، وهو خشية القلب، فلما رأوه على الخشية الإجلال، وهو علم الروح والسر. اهـ.
وقوله تعالى: {وهو اللطيفُ الخبير}، قال بعضهم: الحق تعالى منزّه عن الأين والجهة، والكيف، والمادة والصورة، ومع ذلك لا يخلو منه أين ولا مكان، ولا كم، ولا كيف، ولا جسم، ولا جوهر، ولا عرض؛ لأنه للطفه سارٍ في كل شيء، ولنوريته ظاهر في كل شيء، ولإطلاقه وإحاطته متكيّف بكل كيف، غير متقيد بذلك، ومَن لم يذق هذا، أو لم يشهده، فهو أعمى البصيرة، محروم عن مشاهدة الحق. اهـ. وقال الغزالي: إنما يستحق هذا الاسم يعني اللطيف مَن يطلع على غوامض الأشياء، وما دقّ منها وما لطف، ثم سلك في إيصالها إلى المستصلح سبيل الرفق دون العُنف، والخبير هو الذي لا يعزب عنه الأخبار الباطنة، فلا يجري في المُلك والملكوت شيء، ولا يتحرك ذرة ولا تسكن، ولا تضطرب نفس ولا تطمئن، إلاّ ويكون عنده خبرها. وهو بمعنى العلم، لكن العلم إذا أُضيف إلى الخفايا الباطنة يسمى خِبرة، ويسمى صاحبها خبيراً. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال