سورة الملك / الآية رقم 24 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ أَفَمَن يَمْشِي مُكِباًّ عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِياًّ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُلْ إِنَّمَا العِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ

الملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملكالملك




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {أَوَلَمْ يَرَوُا} أي: أَغَفلُوا ولم ينظروا {إِلى الطيرِ}؛ جمع طائر {فوقهم} في الهواء {صافاتٍ}؛ باسطاتٍ أجنحتها في الجو عند طيرانها {ويقبِضْنَ}؛ ويضممنها إذا ضربن بها حيناً فحيناً، للاستظهار به على التحرُّك، وهو السر في إيثار {ويقبضن} الدال على تجدُّد القبض تارة بعد تارة على قابضات، فـ{يقبضن}: معطوف على اسم الفاعل حملاً على المعنى، أي: يصففن ويقبضن، أو: صافات وقابضات. والطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والهواء للطائر كالماء للسابح، والأصل في السباحة: مدّ الأطراف وبسطها، وأمّا القبض فطارىء على البسط للاستظهار به على التحرُّك. {ما يُمسِكُهُنَّ} في الجو عند البسط والقبض على خلاف مقتضى الطبع {إلاَّ الرحمنُ} الواسع رحمته كل شيء، ومن جملتها: إمساكه الطير في الهواء بقدرته، وإلا فالثقيل يسفل طبعاً ولا يطفو، وكذلك لو أمسك حِفظَه وتدبيره للعالم لتهافت وتلاشى. {إِنه بكل شيءٍ بصيرٌ} يعلم كيفية إبداع المبدعات، وتدبير المصنوعات، ومن مبدعاته: أنَّ الطير على أشكال وخصائص هيّأهن للجري في الهواء.
{أمَّنْ هذا الذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرحمن}، هو تبكيت لهم ينفي أن يكون لهم ناصر من عذابه غير الله، أي: لا ناصر لكم إلاّ الرحمن برحمته. أم منقطعة مقدرة ببل؛ للانتقال من توبيخهم على ترك التأمُّل فيما يشاهدونه من أحوال الطير المنبئة عن تعاجيب قدرة الله تعالى إلى التبكيت بما ذكر من نفي نصرة غيره تعالى، والالتفات للتشديد في ذلك، و{من}: مبتدأ و{هذا}: خبره، و{الذي} وما بعده: صفتهن وإيثار {هذا} تحقيراً له، و{ينصركم}: صفة لجُند، باعتبار لفظه، و{من دون}: إما حال من فاعل {ينصركم} أو لمصدر محذوف، أي: نصراً حاصلاً من دون الرحمن، أو: متعلق بينصركم، كقوله: {مَن يَنصُرُنِى مِنَ الله} [هود: 30]، والمعنى: بل مَن هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم ينصركم نصراً كائناً من دون نصرة الرحمن؟! {إِنِ الكافرون إلاّ في غرورٍ} أي: ما هم في زعمهم أنهم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتهم، لا بحفظه تعالى فقط، إلاّ في غرور عظيم، وضلال فاحش من الشيطان. والالتفات إلى الغيبة؛ للإيذان بافتضاح حالهم، والإعراض عنهم، وإظهار قبائحهم، والإظهار في موضع الإضمار لذمّهم بالكفر وتعليل غرورهم به.
{أمّنْ هذا الذي يرزقكم إِنْ أمسك} اللهُ عزّ وجل {رزقَه} بإمساك المطر وسائر مبادئه، أي: مَن هذا الحقير الذي يقدر على إتيان رزقكم من آلهتكم إن أمسكه الله؟ {بل لَجُّوا في عَتُوٍّ ونفورٍ}، إضراب عن مُقدّر يستدعيه المقام، كأنه قيل بعد تمام التبكيت والتعجيز: لم يتأثروا بشيء من ذلك، ولم يذعنوا للحق، {بل لجُّوا} أي: تمادوا {في عتوٍّ} أي: استكبار وطغيان {ونفورٍ}؛ وشُرود عن الحق لِثقله عليهم.
ثم ضرب مثلاً للمشرِك والموحِّد، فقال: {أفمن يمشي مُكبًّا على وجهه} أي: ساقطاً على وجهه {أهْدى}، والفاء لترتيب ذلك على ما ظهر من سواء حالهم، وسقوطهم في مهاوي الغرور، وركوبهم متن عشواء العتو والنفور. والمُكب: الساقط على وجهه، والمعنى: أفمن يمشي وهو يعثر في كل ساعة، ويخرّ على وجهه في كل خطوة أهدى إلى المقصود {أَمَّنْ يمشي سَوِياً} أي: قائماً سالماً من الخبط والعِثار {على صراط مستقيم} مستوي الأجزاء لا عوج فيه، ولا انحراف؟ ومن الثانية: معطوفة على الأُلى عطف المفرد. وقيل: المراد بالمكب: الأعمى، وبالسوي: البصير. وقيل: مَن يمشي مُكباً هو الذي يُحشر على وجهه إلى النار، ومَن يمشي سويًّا: الذي يُحشر على قدميه إلى الجنة.
{قل هو الذي أنشأكم} إنشاءً بديعاً، {وجعل لكم السمعَ} لتسمعوا آيات الله، وتمتثلوا ما فيها من الأوامر والنواهي، وتتعظوا بمواعظها، {والأبصارَ} لتنظروا بها إلى الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله تعالى، {والأفئدةَ} لتتفكروا بها فيما تسمعونه وتشاهدونه من الآيات التنزيلية والتكوينية؛ لتترقوا في معاريج الإيمان والمعرفة، {قليلاً ما تشكرون} باستعمالها فيما خُلقت له. و{قليلاً}: إما نعت لمحذوف، أو: ظرف، و (ما): صلة لمحذوف، أي: شكراً قليلاً، أو: زمناً قليلاً. وقيل: القلة عبارة عن العدم. {قل هو الذي ذرأكم في الأرض} أي: خلقكم وكثَّركم فيها {وإِليه تُحشرون} للجزاء لا إلى غيره، فتهيؤوا للقائه.
الإشارة: أَوَلَم يَرَوا إلى طيور أفكار العارفين فوقهم منزلةً ورفعة، صافاتٍ، تجول في ميادين الغيوب، ويقبضن عنانهن عكوفاً في الحضرة، وسكوناً في النظرة، ما يُمسِكُهن فيها إلاَّ الرحمن الذي مَنَّ عليهم برحمته، فأسكنهم فيها، إنه بكل شيء بصير، فيُبصر مَن توجه إليه ومَن لا، أمَّنْ هذا الذي هو جند لكم ينصركم على طريق السلوك، ويُبلغكم إلى حضرة مالك المَلوك، من دون الرحمن؟ إنِ الكافرون بهذا إلاّ في غرور، حيث حسبوا أنَّ وصولهم بحسب جهادهم وطاعتهم، أمَّن هذا الذي يرزقكم إمداد قلوبكم من العلوم والمعارف واليقين الكبير، إن أمسك رزقه فلم يتوجه إليكم إلاَّ القليل، بل لجُّوا في عُتو ونفور، أفمن يمشي مُكبًّا على وجهه، حيث رام سلوك الطريق بلا شيخ ولا دليل عارف، أهدى أمَّنْ يمشي سويًّا سالماً من الانحراف، على صراط مستقيم، تُوصله إلى حضرة العيان، وهو مَن سلك الطريق على يد الخبير، بل مَن سلكه على يد الخبير أهدى وأصوب، قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم دلائل السلوك إلى معرفته، لتستدلوا عليه بالأدلة السمعية والعقلية، ثم تَتَرَقون إلى صريح معرفته، بسلوك الطريق على يد الخبير، قل هو الذي ذرأكم في أرض العبودية، وإليه تُحشرون بشهود عظمة الربوبية.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال