سورة القلم / الآية رقم 17 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلاَ يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا اليَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ العَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ

القلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قال كثير من المفسرين: الخبر هنا المال، فوصفه بالشح، وقال آخرون: بل هو على عمومه في المال والأفعال الصالحة، ومن يمنع إيمانه وطاعته لله تعالى فقد منع الخير، والمعتدي: المتجاوز لحدود الأشياء. والأثيم: فعيل من الإثم، بمعنى: آثم، وذلك من حيث أعماله قبيحة تكسب الإثم، والعتل: القوي البنية الغليظ الأعضاء المصحح القاسي القلب، البعيد الفهم، الأكول الشروب، الذي هو بالليل جيفة وبالنهار حمار، فكل ما عبر به المفسرون عنه من خلال النقص فعن هذه التي ذكرت بصدر، وقد ذكر النقاش، أن النبي صلى الله عليه وسلم: فسر العتل بنحو هذا، وهذه الصفات كثيرة التلازم، والعتل: الدفع بشدة، ومنه العتلة، وقوله: {بعد ذلك} معناه، بعدما وصفناه به، فهذا الترتيب إنما هو في قول الواصف، لا في حصول تلك الصفات في الموصوف وإلا فكونه عتلاً، هو قبل كونه صاحب خير يمنعه، والزنيم: في كلام العرب، الملصق في القوم وليس منهم، وقد فسر به ابن عباس هذه الآية، وقال مرة الهمداني: إنما ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة، يعني الذي نزلت فيه هذه الآية، ومن ذلك قول حسان بن ثابت: [الطويل]
وأنت زنيم نيط في آل هاشم *** كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
ومنه قول حسان بن ثابت أيضاً: [الطويل]
زنيم تداعاه الرجال زيادة *** كما زيد في عرض الأديم الأكارع
فقال كثير من المفسرين: هذا هو المراد في الآية. وذلك أن الأخنس بن شريق كان من ثقيف، حليفاً لقريش. وقال ابن عباس: أراد ب الزنيم أن له زنمة في عنقه كزنمة الشاة، وهي الهنة التي تعلق في عنقها، وما كنا نعرف المشار إليه، حتى نزلت فعرفناه بزنمته. قال أبو عبيدة: يقال للتيس زنيم إذ له زنمتان، ومنه قول الأعرابي في صفة شاته: كأن زنمتيها نتوا قليسية. وروي أن الأخنس بن شريق كان بهذه الصفة كان له زنمة. وروى ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الصفة، لم يعرف صاحبها حتى نزلت {زنيم} فعرف بزنمته. وقال بعض المفسرين: الزنيم: المريب، القبيح الأفعال. واختلفت القراءة في قوله: {أن كان ذا مال}. فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي وحفص عن عاصم وأهل المدينة: {أن كان} على الخبر، وقرأ حمزة: {أأن كان} بهمزتين محققتين على الاستفهام، وقرأ ابن عامر والحسن وابن أبي إسحاق وعاصم وأبو جعفر: {آن كان} على الاستفهام بتسهيل الهمزة الثانية، والعامل في {أن كان} فعل مضمر تقديره: كفر أو جحد أو عند، وتفسير هذا الفعل، قوله: {إذا تتلى عليه} الآية، وجاز أن يعمل المعنى وهو متأخر من حيث كان قوله {أن كان} في منزلة الظرف، إذ يقدر باللام، أي لأن كان، وقد قال فيه بعض النحاة: إنه في موضع خفض باللام، كما لو ظهرت، فكما يعمل المعنى في الظرف المتقدم فكذلك يعمل في هذا، ومنه قوله تعالى:
{ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد} [سبأ: 7]. فالعامل في: {إذا} [سبأ: 7]، معنى قوله: {إنكم لفي خلق جديد} [سبأ: 7]، أي تبعثون، ونحوه من التقدير، ولا يجوز أن يعمل: {تتلى} في {إذا} لأنه مضاف إليه وقد أضيف {إذا} إلى الجملة ولا يجوز أن يعمل في {أن}، قال لأنها جواب {إذا} ولا تعمل فيما قبلها. وأجاز أبو علي أن يعمل فيه {عتل} وإن كان قد وصف، ويصح على هذا النظر أن يعمل فيه {زنيم} لا سيما على قول من يفسره بالقبيح الأفعال، ويصح أن يعمل في {أن كان}، تطيعه التي يقتضيها قوله: {ولا تطع} [القلم: 10]. وهذا على قراءة الاستفهام يبعد وإنما يتجه لا تطعه لأجل كونه كذا، و{أن كان}، على كل وجه، مفعول من أجله وتأمل. وقد تقدم القول في الأساطير في غير ما موضع. وقوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم} معناه على الأنف قاله المبرد، وذلك أن {الخرطوم} يستعار في أنف الإنسان. وحقيقته في مخاطم السباع، ولم يقع التوعد في هذه الآية، بأن يوسم هذا الإنسان على أنفه بسمة حقيقة، بل هذه عبارة عن فعل يشبه الوسم على الأنف. واختلف الناس في ذلك الفعل، فقال ابن عباس: هو الضرب بالسيف أي يضرب في وجهه، وعلى أنفه فيجيء ذلك الوسم على الأنف، وحل ذلك به يوم بدر. وقال محمد بن يزيد المبرد: ذلك في عذاب الآخرة في جهنم، وهو تعذيب بنار على أنوفهم. وقال آخرون ذلك في يوم القيامة، أي يوسم على أنفه بسمة يعرف بها كفره وانحطاط قدره. وقال قتادة وغيره معناه: سنفعل به في الدنيا من الذم له والمقت والإشهار بالشر ما يبقى فيه ولا يخفى به فيكون ذلك كالوسم على الأنف ثابتاً بيناً، وهذا المعنى كما تقول: سأطوقك طوق الحمامة، أي أثبت لك الأمر بيناً فيك، ونحو هذا أراد جرير بقوله: [الكامل]
لما وضعت على الفرزدق ميسمي ***
وفي الوسم على الأنف تشويه، فجاءت استعارته في المذمات بليغة جداً. وإذا تأملت حال أبي جهل ونظرائه وما ثبت لهم في الدنيا من سوء الأحدوثة رأيت أنهم قد وسموا على الخراطيم. وقوله تعالى: {إنا بلوناهم} يريد قريشاً، أي امتحناهم، و{أصحاب الجنة} فيما ذكر قوم إخوة كان لأبيهم جنة وحرث مغل فكان يمسك منه قوته، ويتصدق على المساكين بباقيه، وقيل بل كان يحمل المساكين معه في وقت حصاده وجذه، فيجذيهم منه فمات الشيخ، فقال ولده: نحن جماعة وفعل أبينا كان خطأ، فلنذهب إلى جنتنا ولا يدخلها علينا مسكين، ولا نعطي منها شيئاً، قال: فبيتوا أمرهم وعزمهم على هذا، فبعث الله عليها بالليل طائفاً من نار أو غير ذلك، فاحترقت، فقيل: أصبحت سوداء، وقيل: بيضاء كالزرع اليابس المحصود، فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها فحسبوا أنهم قد أخطؤوا الطريق، ثم تبينوها فعلموا أن الله تعالى أصابهم فيها، فتابوا حينئذ وأنابوا وكانوا مؤمنين من أهل الكتاب، فشبه الله تعالى قريشاً بهم، في أنهم امتحنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وهداه كما امتحن أولئك بفعل أبيهم وبأوامر شرعهم، فكما حل بأولئك العقاب في جنتهم كذلك يحل بهؤلاء في جميع دنياهم وفي حياتهم، ثم التوبة معرضة لمن بقي منهم كما تاب أولئك.
وقال كثير من المفسرين: السنون السبع التي أصابت قريشاً هي بمثابة ما أصاب أولئك في جنتهم. وقوله تعالى: {ليصرمنها} أي ليجدنها، وصرام النخل: جد ثمره وكذلك في كل شجرة، و{مصبحين} معناه: إذا دخلوا في الصباح، وقوله تعالى: {ولا يستثنون} ولا يتوقفون في ذلك، أو ولا يثنون عن رأي منع المساكين، وقال مجاهد معناه: لا يقولون إن شاء الله، بل عزموا على ذلك عزم من يملك أمره، والطائف: الأمر الذي يأتي بالليل، ذكر هذا التخصيص الفراء، ويرده قوله تعالى: {إذا مسهم طائف من الشيطان} [الأعراف: 201]، والصريم: قال الفراء ومنذر وجماعة: أراد به الليل من حيث اسودت جنتهم. وقال آخرون: أراد به الصبح من حيث ابيضت كالحصيد، قاله سفيان الثوري: والصريم، يقال لليل والنهار من حيث كل واحد منهما ينصرم من صاحبه، وقال ابن عباس: الصريم، الرماد الأسود بلغة جذيمة، وقال ابن عباس أيضاً وغيره: الصريم، رملة باليمن معروفة لا تنبت فشبه جنتهم بها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال