سورة القلم / الآية رقم 48 / تفسير تفسير ابن القيم / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّنْ بَاقِيةٍ

القلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)}
قال ابن عباس: نهاه أن يتشبه بصاحب الحوت، حيث لم يصبر صبر أولي العزم.
وهاهنا سؤال نافع، وهو أن يقال: العامل في الظرف، وهو قوله: {إذ نادى} لا يمكن أن يكون المنهي عنه، إذ يصير المعنى: لا تكن مثله في ندائه. وقد اثنى اللّه سبحانه عليه في هذا النداء فأخبر أنه نجاه به. فقال: {أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} وفي الترمذي وغيره عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم انه قال: «دعوة أخي ذي النون، إذ دعي في بطن الحوت: ما دعي بها مكروب إلا فرج اللّه عنه: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
فلا يمكن أن ينهى عن التشبه به في هذه الدعوة، وهي النداء الذي نادى به ربه. وإنما نهى عن التشبه به في السبب الذي أفضى به إلى هذه المناداة، وهي مغاضبته التي أفضت به إلى حبسه في بطن الحوت، وشدة ذلك عليه حتى نادى ربه وهو مكظوم. والكظيم والكاظم الذي قد امتلأ غيظا وغضبا، أو هما وحزنا، وكظم عليه فلم يخرجه.
فإن قيل: وعلى ذلك فما العامل في الظرف؟ قيل: ما في {صاحب الحوت} من معنى الفعل.
فإن قيل: فالسؤال بعد قائم، فإنه إذا قيد المنهي بقيد أو زمن كان داخلا في حين النهي فإن كان المعنى: لا تكن مثل صاحب الحوت في هذه الحال، أو هذا الوقت. كان نهيا عن تلك الحالة.
قيل: لما كان نداؤه مسببا عن كونه صاحب الحوت، فنهى أن يشبه به في الحال التي أفضت به إلى صحبته الحوت وألجأته إلى النداء، وهو ضعف العزيمة وعدم الصبر لحكمه تعالى، ولم يقل تعالى: ولا تكن كصاحب الحوت إذ ذهب مغاضبا فالتقمه الحوت، فنادى، بل طوى القصة واختصرها، وأحال بها على ذكرها في الموضع الآخر، واكتفى بغايتها وما انتهت إليه.
فإن قيل: فما منعك بتعويض الظرف بنفس الفعل المنهي عنه؟ أي لا تكن مثله في ندائه وهو ممتلئ غيظا وهما وغما، بل يكون نداؤك نداء راض بما قضى ربه عليه، قد تلقاه بالرضى والتسليم وسعة الصدر، لا نداء كظيم.
قيل: هذا المعنى، وإن كان صحيحا، فلم يقع النهي عن التشبه به في مجرده. وإنما نهي عن التشبه به في الحال التي حملته على ذهابه مغاضبا، حتى سجن في بطن الحوت.
ويدل عليه قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} ثم قال: {وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ} أي في ضعف صبره لحكم ربه. فإن الحالة التي نهى عنها هي ضد الحالة التي امر بها.
فإن قيل: فما منعك أن تصير إلى أنه أمر بالصبر لحكمه الكوني القدري الذي قدره عليه، ولا تكن كصاحب الحوت، حيث لم يصبر عليه، بل نادى وهو كظيم لكشفه. فلم يصبر على احتماله والسكون تحته.
قيل: منع من ذلك: أن اللّه سبحانه أثنى على يونس وغيره من أنبيائه بسؤالهم إياه كشف ما بهم من ضر، وقد أثنى عليه سبحانه بذلك في قوله: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} فكيف ينهي عن التشبه به فيما يثني به عليه ويمدحه به؟ وكذلك أثنى على أيوب بقوله: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} وعلى يعقوب بقوله: {إنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}
وعلى موسى بقوله: {رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} وقد شكا إليه خاتم أنبيائه ورسله بقوله: «اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي»- الحديث فالشكوى إليه سبحانه لا تنافى الصبر الجميل، بل إعراض عبده عن الشكوى إلى غيره جملة، وجعل الشكوى إليه وحده: هو الصبر.
واللّه تعالى يبتلي عبده ليسمع شكواه، وتضرعه ودعاؤه.
وقد ذم اللّه سبحانه من لم يتضرع إليه. ولم يستكن له وقت البلاء كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ}.
والعبد أضعف من أن يتجلد على ربه والرب تعالى لم يرد من عبده أن يتجلد عليه، بل أراد منه أن يستكين له ويتضرع إليه، وهو تعالى يمقت من يشكوه إلى خلقه، ويحب من يشكو ما به إليه.
وقيل لبعضهم: كيف تشتكي إليه ما ليس يخفى عليه؟ فقال: ربي يرضى ذل العبد إليه.
والمقصود: أنه سبحانه أمر رسوله أن يصبر صبر أولي العزم الذين صبروا لحكمه اختيارا. وهذا أكمل الصبر، ولهذا دارت قصة الشفاعة يوم القيامة على هؤلاء، حتى ردوها إلى أفضلهم وخيرهم، وأصبرهم لحكم اللّه، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال