سورة القلم / الآية رقم 50 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّنْ بَاقِيةٍ

القلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما تشوف السامع إلى ما كان من أمره بعد هذا الأمر العجيب قال: {لولا أن} وعظم الإحسان بالتذكير وصيغة التفاعل فقال: {تداركه} أي أدركه إدراكاً عظيماً كان كلاًّ من النعمة والمنة يريد أن تدرك الآخر {نعمة} أي عظيمة جداً {من ربه} أي الذي أرسله وأحسن إليه بإرساله وتهذيبه للرسالة والتوبة عليه والرحمة له {لنبذ} أي لولا هذه الحالة السنية التي أنعم الله عليه بها لطرح طرحاً هيناً جداً {بالعراء} أي الأرض القفر التي لا بناء فيها ولا نبات، البعيدة من الإنس حين طرح فيها كما حكم بذلك من الأزل {وهو} أي والحال أنه {مذموم} أي ملوم على الذنب، ولما كان التقدير: ولكنه تداركه بالنعمة فلم يكن في نبذه ملوماً، سبب عنه قوله: {فاجتباه} أي اختاره لرسالته {ربه} ثم سبب عن اجتبائه قوله: {فجعله من الصالحين} أي الذين رسخوا في رتبة الصلاح فصلحوا في أنفسهم للنبوة والرسالة وصلح بهم غيرهم، فنبذ بالعراء وهو محمود، ومن صبر أعظم من صبره كان أعظم أجراً من أجره، وأنت كذلك فأنت أشرف العاملين والعالمين.
ولما نهاه صلى الله عليه وسلم عن طاعة المكذبين وحذره إدهانهم وضرب لهم الأمثال، وتوعدهم إلى أن قال: {ذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم} وختم بقصة يونس عليه السلام للتدريب على الصبر وعدم الضعف ولو بالصغو إلى المدهن، فكان التقدير تسبيباً عما فيها من النهي: فإنهم إنما يبالغون في أذاك لتضجر فتترك ما أنت فيه، قال عاطفاً على هذا المقدر مخبراً له بما في صدورهم من الإحن عليه وفي قلوبهم من الضغائن له ليشتد حذره من إدهانهم، مؤكداً لأن من يرى إدهانهم يظن إذعانهم وينكر لمبالغتهم فيه طغيانهم: {وإن} أي وإنه {يكاد} وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال: {الذين كفروا} أي ستروا ما قدروا عليه مما جئت به من الدلائل.
ولما كانت ن مخففة، أتى باللام التي هي علمها فقال: {ليزلقونك} أي من شدة عداوتهم وحسدهم وغيظ قلوبهم {بأبصارهم} أي يوجدون لك التنحية عما أنت فيه والزلل العظيم الذي صاحبه في موضع دحض لا مستمسك فيه بالهلاك فما دونه من الأذى حتى يرموك من قامتك إلى الأرض كما يزلق الإنسان فينطرح لما يتراءى في عيونهم حين تصويب النظر للفطن من الحنق والسخط الدال على أن صدورهم تغلي، وهو من قولهم: نظر إليّ نظراً كاد يصرعني، يعني لو أمكنه أن يصرعني به لصرعني كما قال تعالى: {يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا} [الحج: 72] وقيل: يهلكونك بإصابة العين، قال القشيري: كانوا إذا أرادوا أن يصيبوا شيئاً بأعينهم جاعوا ثلاثة أيام ثم نظروا إلى ذلك الشيء وقال: ما أحسنه من شيء، فيسقط المنظور إليه في الوقت، ففعلوا ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما أنصحه من رجل، فحفظه الله منهم، وللشيخين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق» وفي رواية عند أحمد وابن ماجة: «يحضر بها الشيطان وحسد ابن آدم» ولأحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه: «العين حق ولو أن شيئاً سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا» ولأبي نعيم في الحلية من حديث جابر رضي الله عنه رفعه: «العين حق تدخل الجمل القدر والرجل القبر» ولأبي داود من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: «وإنها لتدرك الفارس فتدعثره».
ولما ذكر هذا الإزلاق العظيم، ذكر ظرفه معبراً بالماضي تذكيراً بالحال الماضية فقال: {لما سمعوا الذكر} أي القرآن الذي غلب عليه التذكير بأمور يعليها كل أحد من نفسه، ومن الآفاق كان هواياه أول ما سمعوه حسداً على ما أوتيت من الشرف فكان سماعهم له باعثاً لما عندهم من البغض والحسد على أنه لم يزدهم تمادي الزمان إلا حنقاً بدلالة {ويقولون} أي قولاً لا يزالون يجددونه.
ولما كان صلى الله عليه وسلم في غاية البعد عما يشين، أكدوا قولهم: {إنه لمجنون} حيرة في أمرك وتنفيراً عنك لما يعلمون من أنه لا يسمعه أحد لا غرض له إلا كذبهم ومال بكليته إليك وكان معك وارتبط بك واغتبط بما جئت به، وعن الحسن أن قراءة هذه الآية دواء للإصابة بالعين.
ولما كان معنى قولهم هذا أن ما يقوله تخاليط من يصرع بالجن، أكد بقصر القلب قوله معجباً منهم {وما} أي والحال أن هذا القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم ما {هو إلا ذكر} أي موعظة وشرف {للعالمين} أي كلهم عاليهم ودانيهم ليس منهم أحد إلا وهو يعلم أنه لا شيء يشبهه في جلالة معانيه وحلاوة ألفاظه وعظمة سبكه ودقة فهمه ورقة حواشيه وجزالة نظومه، ويفهم منه على حسب ما هيأه الله له ليناسب عموم ذكريته عموم الرسالة للمرسل به، وكل ما فيه من وعد ووعيد وأحكام ومواعظ شامل لهم كلهم، فوجبت التفرقة بين مسلمهم ومجرمهم لتصدق أقواله فيكمل جلاله وجماله فقد رجعت خاتمتها- كما ترى- على فاتحتها بالنون والقلم وما يسطرون من هذا الذكر، وسلب ما قالوا فيه من الجنون والإقسام على الخلق العظيم الذي هو هذا الذكر الحكيم، ونبه كونه ذكراً لجميع الخلق بما فيه من الوعد والوعيد على أنه لا بد من الحاقة وهي القيامة ليظهر فيها تأويله وإجماله وتفصيله، ويتضح غاية الاتضاح سبيله، وتحق فيها حقائقه وتظهر جلائله ودقائقه بما يقع من الحساب، ويتبين غاية البيان ويظهر الخطأ من الصواب- والله الهادي.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال